238

قال السيد الإمام أبو طالب الحسني رضي الله تعالى عنه: ما تشتمل هذه الخطبة عليه من ذكر عجز المخلوقين عن المعرفة على جميع صفات الله تعالى، المراد به العجر عن معرفة معلوماته ومقدوراته، وعجائب صنعه، وخلقه على التفصيل، ومقادير نعمه على خلقه، وما اختص به تعالى من علم الغيوب الذي لم يطلع البشر عليه.

حكى أبو الحسين الزاهد صاحب أخبار الناصر للحق عليه السلام:

أن أصناف الرعية على طبقاتهم إزدحموا عليه في مجلسه حين دخل آمل، فخطب خطبة، قال فيها :

أيها الناس إني دخلت بلاد الديلم وهم مشركون، يعبدون الشجر والحجر، ولا يعرفون خالقا، ولا يدينون دينا، فلم أزل أدعوهم إلى الإسلام، وأتلطف في العطف بهم حتى دخلوا فيه أرسالا، وأقبلوا إلي إقبالا، وظهر لهم الحق، وعرفوا التوحيد والعدل، فهدى الله بي منهم زهاء مائتي ألف من رجل وامرأة، فهم الآن يتكلمون في التوحيد والعدل مستبصرين، ويناظرون عليهما مجتهدين، ويدعون إليهما محتسبين، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون حدود الصلوات المكتوبة، والفرائض المفروضات، وفيهم من لو وجد ألف دينار ملقى على الطريق لم يأخذ ذلك لنفسه، وينصبه على رأس مزراقة، ينشده ويعرفه، ثم قاموا بنصرتي، وناصبوا آباءهم وابناءهم، وأكابرهم للحرب في هواي، واتباع أمري في نصرة الحق وأهله، لا يولي أحد منهم عن عدوه، ولا يعرف غير الإقدام، فلوا لقيت منهم ألف جريح لم تر مجروحا في قفاه وظهره، وإنما جراحتهم في وجوههم، وأقدامهم يرون الفرار من الزحف إذا كانوا معي كفرا، والقتل شهادة وغنما.

قال السيد أبو طالب الحسني هذه كانت صفتهم في أوائل أيامه عليه السلام، ثم ابتدأ الشر فيهم في أواخرها، ثم قال عليه السلام في آخر خطبته:

مخ ۲۳۹