امالي ابي طالب ع
أمالي أبي طالب ع
ژانرونه
ثم قال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأستهدي الله الهدي، وأعوذ به من الضلالة والردي، من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أهل بيته، أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الأمثال، ووقت لكم الآجال، وجعل لكم أسماعا لتعي ما عناها، وأبصارا لتجلوا عن غشاها، وأفئدة لتفهم ما دهاها، في تركيب صورها، ومدد عمرها، فإن الله لم يخلقكم عبثا، ولم يهملكم سدا، ولم يضرب عنكم الذكر صفحا، بل أكرمكم بالنعم السوابغ، وأرفدكم بالرفد الروافد، وأحاط بكم الإحصاء، وأرصد لكم الجزاء، في السراء والضراء، فاتقوا الله عباد الله، وأجدوا في الطلب، ونجاة المهرب(1)، وبادروا بالعمل قبل منقطع المنهدات(2)، وهادم اللذات، فإن الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجعاتها، ولا تتوقى سوأتها، غرور حائل وشجى قاتل، وسناد مائل، تضني مستطرفها، وتردي مستزيدها، وتخيل(3) مصرعها، وتصرم حبالها، فاتعظوا عبادالله بالعبر، واعتبروا بالأثر، وازدجروا بالنذر [وكأن قد علقتكم] مخالب المنية، حل طالب المنية، وضمنتم بيت(4) التراب، ودهمتكم الساعة بنفخة الصور، وبعثرة القبور، وسياقة المحشر إلى الحساب، بإحاطة قدرة الجبار {كل نفس معها سائق وشهيد}، سائق يسوقها لمحشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها، {وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون}، فارتجت الأرض لنداء المنادي، وكشفت عن ساق، وكان يوم التلاق، وكورت الشمس، وحشرت الوحوش، وارتجت الآفئدة، ونزل بأهل النار من الله سطوة مجتاحة، وعقوبة متاحة، وقربت الجحيم لها كلب ولجب ولهب ساطع، وتغيظ وتلظ، وزفير ووعيد، تأجج جحيمها، وغلا حميمها، وتوقد سمومها، لا يهرم خالدها، ولا يضعن مقيمها، ولا تفصم كبولها، معهم ملائكة الزجر يبشرونهم بنزل من حميم، وتصلية جحيم، هم عن الله محجوبون، ولأولياءه مفارقون، وإلى النار منطلقون، حتى إذا أتوا جهنم، قالوا: {مالنا من شافعين ولا صديق حميم، فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين}. قيل لهم: {وقفوهم إنهم مسئولون}، وجهنم تناديهم وهي مشرفة عليهم : إلي بأهلي، وعزة ربي لأنتقمن اليوم من أعدائه، ثم يناديهم ملك من الزبانية، ثم يسحبهم حتى يلقيهم في النار على وجوههم، يقول : {ذوقوا عذاب الحريق}.
{ثم أزلفت الجنة للمتقين}، مخضرة مخضارة للناظرين، فيها درجات لا يبيد نعيمها، ولا يبأس(1) ساكنها، أمنوا الموت فصفا لهم ما فيها، فيها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، مع أزواج مطهرة، وحور عين، كأنهن الياقوت والمرجان، مع حلية وآنية من فضة، ولباس السندس الأخضر، والفواكه الدائمة، وتدخل عليهم الملائكة، فتقول: {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}، فلا تزال الكرامة لهم حين وفدوا إلى خالقهم، وقعدوا في دارهم، ونالهم {سلام قولا من رب رحيم}، فاسألوا الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة الذين خلقوا لها، وخلقت لهم.
عباد الله، اتقوا الله تقية من كنع فخنع، وخنع فوجل، ووجل فحذر، فاجتنب هائبا، ونجاء هاربا، وأفاد ذخيرة، وطاب سريرة، وقدم للمعاد، واستظهر بالزاد، وكفى بالله منتقما وخصيما، وكفى بالجنة ثوابا ونوالا، وكفى بالنار عقابا ونكالا (2).
مخ ۲۲۷