46

التائهون

التيه والمخرج

خپرندوی

مؤسسة قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

د خپرونکي ځای

الجيزة - مصر

ژانرونه

بل وصل الأمر إلى أن عَلَّقَ الرسول ﷺ أمورًا عظيمة بأمور يراها كثير من إخواننا «جزئية» «تافهة» «ليس الآن وقتها» ... ففي الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: «لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أو لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ». فأي داء أعظم من داء اختلاف القلوب .. الذي جُعِلَ سببه إهمال تسوية الصفوف؟ ! ! وفيهما أيضًا قوله ﷺ: «لا يزال الناس بخير ما عَجَّلُوا الْفِطْرَ». وفي رواية أبي داود بسند صحيح: «لا يزال الدين ظاهرًا ما عَجَّل الناسُ الفطرَ». فانظر كيف أناط الخيرية، وعلق بقاء الدين ظاهرًا بتعجيل الفطر .. الأمر الذي يراه كثير من إخواننا «توافه». وقاعدة ذلك قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨]. أي: فمن يعمل ما يكون بوزن النملة الصحيحة -بل أقل- من خير، فسوف يلقى خيرًا في الدنيا والآخرة، ومن يعمل ما يكون بوزن النملة الصغيرة -بل أقل- من شر، فسوف يلقى شرًّا في الدنيا والآخرة. وإذا علمتَ هذا، وعلمتَ أننا لم نُخْلَقْ إلا لفعل الخير مهما صَغُرَ، واجتناب الشر مهما دَقَّ، وأن الدين كله من عند الله، كلياته، وجزئياته -إن سُلِّمَ بهذا التقسيم- إذا علمت هذا أدركتَ بطلانَ دعوى تجزئة الدين إلى كليات وجزئيات، ولباب وقشور؛ لأنها دعاوى ليس عليها بينات، وتزيين ليس فيه حجة ولا دليل.

1 / 46