نازي المانيه
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
ژانرونه
Dollfuss » قد قام بحركة واسعة لإبادة الاشتراكيين الديمقراطيين في النمسا فاستمرت المعركة في فينا أربعة أيام (12-16 فبراير 1934)، وكانت انتصارات الحكومة «والهايمفهر» كبيرة، وظن دلفوس أن الأمر قد استتب له ونال مؤازرة إيطاليا الفاشية؛ ولكن دلفوس كان قد أخرج على ما يبدو من حسابه قوة أخرى جديدة بدأت تنمو ويقوى شأنها في النمسا منذ وطد الهر هتلر دعائم الحكم النازي في ألمانيا. وسمع الكاتب عديدين من النمساويين يتحدثون عن تأييدهم للنازية وتعاليمها ويتوقون للانضمام إلى ألمانيا الكبرى وتحقيق «الأنشلوس
Anschluss » ويضمرون لليهود عدواة عظيمة، ومع أن هؤلاء كانوا ينظرون إلى إخماد حركة الاشتراكيين الديمقراطيين كعمل مجيد فإنهم ما كانوا يرضون عن دلفوس واعتماده على موسوليني وإيطاليا ويريدون إبعاده من الحكم، وعندما لقى الكابتن روم
Roehm
وغيره من رؤساء كتائب الهجوم
S. A.
حتفهم في ألمانيا في آخر يونية 1934 في حركة التطهير الواسعة للتخلص من العناصر التي اتهمت بالاعتدال زادت حماسة أنصار النازية في النمسا، واكتنفت حكومة دلفوس الصعوبات من كل جانب، وفي 25 يولية اغتال النازيون وصنائعهم دلفوس وهو بدار المستشارية، فعبأ موسوليني جيشه على الحدود حتى يمنع تدخل ألمانيا الهتلرية في شئون النمسا.
أما ما حدث بعد ذلك من ازدياد بطش النازيين وسطوتهم في أوروبا، فإن القارئ الكريم سوف يجد ذلك مبسوطا في فصول الكتاب، ويكفي أن أذكر الآن ما كان لهذه الحوادث الجسام من أثر حملني على التفكير في أمر النازية ومعرفة شيء عن أصولها. وقد أتيحت لي في صيف عام 1937 الفرصة مرة أخرى لزيارة إنجلترا وفرنسا، فوجدت باريس مشغولة بمعرضها الدولي العظيم، أما لندن فكان الحديث فيها يدور حول ما عرف وقتذاك باسم سياسة «التهدئة والتسكين»: ومعناها من الوجهة العملية، التسليم بكل ما كان يريده النازيون من توسع على حساب الدول المجاورة وعدم إزعاجهم في شيء؛ حتى لا تتأزم الأمور فتنساق الدول الغريبة مرغمة إلى الدخول في حرب كان لا يرغب فيها أحد من أبناء فرنسا أو إنجلترا. ووجد أنصار التهدئة والتسكين مسوغا لسياستهم من تلك الوعود التي كان لا يبخل بها الهر هتلر عقب كل حادث من حوادث اعتداءاته المتكررة على الحقوق والالتزامات التي أقرتها وأوجدتها الاتفاقات الدولية، فكان من نتائج هذه السياسة عقد اتفاق «ميونخ
Münich » المشهور في 29 سبتمبر 1938 لاقتطاع السوديت من تشكوسلوفاكيا وضمها إلى ألمانيا النازية، واعتقد رئيس الوزارة الإنجليزية وقتذاك المستر نيفل تشمبرلين
Neville Chamberlain
أنه نجح في المحافظة على السلم في العالم؛ لأنه عاد إلى بلاده يحمل في حقيبته تصريحا مشتركا وقعه الهر هتلر وألغى بمقتضاه الحرب كوسيلة لفض ما قد يحدث من خلاف أو نزاع بين إنجلترا وألمانيا في المستقبل. ولكن هتلر جريا على عادته ما لبث حتى نبذ وعوده ظهريا واغتصب البقية الباقية من تشكوسلوفاكيا في مارس 1939. وكان إقدامه على هذه الخطوة منذرا ببداية تحول الدول الغربية من سياسة التهدئة والتسكين إلى خطة مقاومة القوة بمثلها. ومن ذلك الحين لم يغب عن متتبعي تطور الحوادث في أوروبا أن الحرب لا بد واقعة، وظلت حفنة يسيرة من أنصار التهدئة يبذلون كل جهد لتجنيب العالم ويلات الحرب المدمرة، وحاول رجال المال في لندن وغيرها استمالة النازيين إلى السلم بأن صاروا يعرضون على ألمانيا قروضا مالية عظيمة، ويعدون بفتح الأسواق لتجارتها، ولكن جهودهم باءت بالفشل. وفي سبتمبر 1939 أعلنت إنجلترا الحرب على ألمانيا وتبعها سائر حلفائها وذلك عقب إغارة الألمان على بولندة، ثم أحرز النازيون انتصارات باهرة وافتتحوا معظم بلدان أوروبا الوسطى والغربية وأتاح لهم محور برلين- رومة السيطرة على إيطاليا وإسبانيا، وخشيت كل من السويد وتركيا بأسهم وبقيت إنجلترا وروسيا وحدهما تحملان في أوروبا عبء النضال ضد ألمانيا. وبعد أن بسط النازيون سلطانهم على أوروبا بدأت دعايتهم تتحدث عن النظام الجديد، وعن إنشاء عالم مثالي لا في أوروبا وحدها بل وفي سائر القارات التي كان يطمع النازيون في امتلاكها تحقيقا لأهدافهم في بسط السيطرة الجرمانية على العالم أجمع.
ناپیژندل شوی مخ