نازي المانيه
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
ژانرونه
وفي صيف عام 1934 أتيحت لي الفرصة لمشاهدة بعض العواصم الأوروبية فوجدت عجبا: باريس لا تزال تتأرجح بين اليسار واليمين، وتكاد تفترسها الفوضى على أثر ما اتضح من أن بعض الوزراء في حكومة المسيو «شوطان
Chautemps » كانوا ضالعين مع المحتال الفرنسي «ساشاستافيزكي
Sacha Stavisky » في عملية إصدار سندات مالية مزيفة، فانتحر ستافيزكي في فبراير 1934 عند افتضاح أمره، وكثرت الإشاعات بأن المسئولين هم الذين رأوا التخلص منه بقتله فاستقال رئيس الحكومة ووقعت التحامات دموية بين الشرطة والمتظاهرين الذين ثاروا ضد حكومة «دلاديه
Daladier » الجديدة. وعندما زرت باريس في صيف ذلك العام كان الفاشيون الفرنسيون بزعامة «دي لاروك
de la Rocque » يحملون بشدة على الجمهورية، ويثيرون الاضطراب في كل مكان. وكان دي لاروك يدعو لتأييد مبدأ الزعامة المسئولة في فرنسا، أي نفس المبدأ الذي كان يرتكز عليه النظام النازي في ألمانيا.
وفي روما كان «موسوليني
Mussolini » قد بلغ ذروة مجده وحتم الفاشيست على كل زائري عاصمتهم من الأجانب وقتذاك أن يزوروا المعرض الفاشيستي الكبير حيث كانوا يعرضون «تاريخ» الحركة الفاشية في صور وأشكال منوعة، ويضعون في أبهاء المعرض عدة آثار تفسر ما حدث وقت ظهور الحركة الفاشية وزحف الفاشيين على رومة. على أن أهم ما استلفت نظري في ذلك الوقت أمران: أولهما أن وزارة الخارجية الإيطالية ما كانت تأذن في تلك الأيام لأحد من الباحثين الذين يدرسون التاريخ بالاطلاع على الوثائق الخاصة بالدبلوماسية الإيطالية في القرن التاسع عشر، فخالفت بهذا العمل ما درجت عليه الحكومات الأوروبية الأخرى، وقد اتضح فيما بعد أن إيطاليا كانت تعد العدة للاعتداء على الحبشة، واعتبرت لذلك الوثائق التاريخية القديمة من أسرار الدولة التي يجب أن يمنع الباحثون من معرفة شيء عنها، وأما الأمر الثاني فهو أنه على الرغم من صلابة بنيان الدولة الفاشستية الظاهري وما كانت تذيعه الدعاية الإيطالية من أن الدوتشي والشعب الإيطالي كانا يدا واحدة وكتلة متماسكة، فقد قابلت أفرادا عديدين ينقمون على حكومة موسوليني ويضمرون لها العداء ولا يحملون الشارة الفاشية إلا مرغمين؛ لأنه بدون هذه الشارة التي تدل على أنهم قيدوا أسماءهم في نقابات العمل المتعددة كانوا معرضين للاحتجاز بدوائر الشرطة أو السجن إذا قوي الاشتباه في أمرهم.
وفي فينا كان الحرس الأهلي
Heimwehr
الذي استندت إليه حكومة «دلفوس
ناپیژندل شوی مخ