الله، کائنات او انسان: دیني فکرونو په تاریخ کې مختصرکتنې
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
ژانرونه
ففي سفر أخنوخ الأول يقول الكاتب الذي وضع خطابه على لسان أخنوخ السلف السادس للبشرية بعد آدم، إنه عندما تكاثر نسل آدم وحواء على الأرض وولد لهم بنات جميلات، رأى فريق من الملائكة (وهم الساهرون المكلفون بتفقد أحوال الأرض) جمال نساء الأرض فرغبوا بهن، وهبطوا إلى الأرض بقيادة رئيسهم المدعو سيمياز على قمة جبل حرمون في سورية، وكان عددهم مائتين. ثم إن هؤلاء اتخذوا لأنفسهم زوجات من بني البشر فولدن لهم أبناء عمالقة ذوي قوة خارقة، فأكلوا كل شيء، وعندما لم يجدوا ما يأكلونه راحوا يلتهمون البشر . فصعد صراخ البشر إلى السماء وسمعه الرب، فأرسل إلى أخنوخ مع أحد الملائكة حكمه على الملائكة الساقطين الذين أنجبوا العمالقة، فهم سيشهدون ذبح أولادهم العمالقة، وبعد ذلك سيحبسون في باطن الأرض إلى يوم القيامة حيث سيقادون إلى النار الأبدية، ومن دماء أولادهم المذبوحين تنشأ أرواح شريرة تسكن الأرض، وهؤلاء سوف يكونون مصدرا للعنف والأذى، ويدفعون البشر إلى الخطيئة وإلى المعصية حتى اليوم الأخير.
هذه هي الأسطورة التمهيدية لقصة ظهور الشيطان. (س):
ولكن الشيطان الكلاسيكي لم يظهر بعد! (ج):
لدينا هنا عدة أفكار تمهد لظهوره، وهي فكرة الأصل الملائكي لقوة الشر، وفكرة العصيان الملائكي، وفكرة الأصل الشيطاني للخطيئة والمعصية. الأسطورة الثانية تسير خطوة أبعد في رسم شخصية الشيطان، ونجدها في السفر المدعو بكتاب اليوبيليات الذي ينطلق كاتبه من حيث انتهى سفر أخنوخ الأول؛ فقد زاد شر الشياطين التي نشأت عن دم العمالقة وفسدت الأرض، فقرر الرب إفناء كل ذي حياة على الأرض بطوفان عظيم لم ينج منه سوى نوح ومن حمل معه على ظهر السفينة. ولكن نسل نوح عاد إلى التكاثر خلال حياته التي امتدت إلى نحو ألف عام، وعاد الشياطين إلى شرورهم، فصلى نوح إلى الرب لكي ينجيه وذريته من شر الشياطين، فأمر الرب فريقا من الملائكة بمطاردة الشياطين وتقييدهم في باطن الأرض. وشرع الملائكة بهذه المهمة، ولكن رئيسهم المدعو مستيما جاء إلى الرب وطلب منه ألا يهلك الشياطين جميعا، بل يترك له قسما منهم يتابع العمل تحت إمرته، فوافق الرب وأمر بأن يبقى مع مستيما عشر الشياطين، أما التسعة أعشار الباقية فيتم تقييدها إلى يوم الحساب الأخير. كما أمر بعض الملائكة أن يعلموا البشر طرق الوقاية من شر الشياطين.
هذا هو التطوير الأول لقصة الشيطان. (س):
عندي سؤالان؛ الأول لماذا أهلك الرب البشر بالطوفان بدلا من أن يهلك الشياطين؟ والثاني هو لماذا أعطى المهلة لرئيس الشياطين وأنظره إلى يوم الحساب الأخير؟ (ج):
كلما نحت العقيدة نحو التوحيد كان هناك حاجة لتفسير وجود الشر في العالم، على ما أسلفت، وتحول التاريخ من صيغة التاريخ المفتوح إلى صيغة التاريخ الدينامي الذي يحركه صراع الخير والشر، وهنا يجب ألا يقضى على الشيطان إلا في آخر الزمن. وسنرى في الأسطورة الثالثة كيف أن الشيطان الذي شعر بتزايد قوته قد فكر في أن يغدو ندا لخالقه؛ ففي السفر المعروف باسم أخنوخ الثاني، أو (أسرار أخنوخ) تتحول زمرة الملائكة الساقطين الذين أنجبوا الشياطين إلى شخصية واحدة، هو رئيس طبقة عليا من الملائكة، وبذلك تتشكل صورة إبليس المعروفة في العقيدتين المسيحية والإسلامية، كما تتصل لأول مرة قصة عصيان إبليس وسقوطه بقصة عصيان الإنسان وسقوطه.
يعيد هذا السفر رواية قصة التكوين التوراتية، ولكنه يضيف إليها عنصر خلق الملائكة في اليوم الثاني، وعنصر عصيان الملاك الرئيس ساتانا إيل وتمرده على خالقه وتحوله إلى إبليس، ثم غوايته للزوجين الأولين؛ فقد خلق الله الملائكة من جوهر النار، وجعلهم في عشر طبقات، وجعل لكل طبقة رئيسا. ثم إن أحد هؤلاء الرؤساء تصور في قلبه خطة مستحيلة، وهي أن يصبح ندا للعلي في القوة، فتمرد على خالقه، ثم أغوى من تحته من الملائكة، وزين لهم الوقوف إلى جانبه، ففقدوا بريقهم الإلهي وصاروا أرواحا شريرة تهيم خارج دائرة الرحمة الإلهية. وفي اليوم السادس خلق الله آدم من تراب الأرض، ثم أسكنه في جنة زرعها على الأرض ليرعى عهده ووصاياه، وأراه طريق النور وطريق الظلام، وقال له هذا حسن وهذا سيئ. بعد ذلك تسير القصة وفق عناصرها الكلاسيكية، ولكن خطيئة حواء كانت بدافع الشيطان الذي تسلل إلى الفردوس وأغواها بالأكل من الشجرة، فأبعدهما الله عن الجنة ليسكنا في الأرض، ولكنه لم يلعن الأرض ولا أيا من مخلوقاتها، بل لعن الجهل وأعمال الإنسان الشريرة، ثم بارك يوم السبت الذي فيه استراح من أعماله، وجعل اليوم الثامن أول الأيام المخلوقة، وجعل بعده سبعة آلاف سنة بعدد الأيام السبعة الأولى، وفي بداية الألف الثامن جعل موعدا لانتهاء الزمن الأرضي.
وبهذا تكون عناصر القصة الكلاسيكية قد اكتملت عدا عنصرين. (س):
ولكن هذه الأسطورة قد احتوت على عناصر التاريخ الدينامي جميعها. أليس كذلك؟ (ج):
ناپیژندل شوی مخ