فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله اشتغلت بغسله وتكفينه والفراغ من شأنه ثم آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمع القرآن ، ففعلت ، ثم أخذت بيد فاطمة وابني الحسن والحسين فدرت على أهل بدر وأهل السابقة فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي ، فما أجابني منهم إلا أربعة رهط سلمان وعمار وأبو ذر والمقداد ، ولقد راودت في ذلك بقية أهل بيتي ، فأبوا علي إلا السكوت لما علموا من وغارة صدور القوم وبغضهم لله ورسوله ولأهل بيت نبيه ، فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فعرفوه ما سمعتم من قول نبيكم ، ليكون ذلك أوكد للحجة وأبلغ للعذر وأبعد لهم من رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وردوا عليه .
فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يوم الجمعة، فلما صعد أبو بكر المنبر قال المهاجرون للأنصار: تقدموا وتكلموا فقال الأنصار للمهاجرين: بل تكلموا وتقدموا أنتم فإن الله عز وجل بدأ بكم في الكتاب.... فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص ، ثم باقي المهاجرين ، ثم بعدهم الأنصار .
وروي أنهم كانوا غيابا عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فقدموا وقد تولى أبو بكر وهم يومئذ أعلام مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله .
فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال:
إتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ونحن محتوشوه يوم بني قريظة حين فتح الله له باب النصر وقد قتل علي بن أبي طالب عليه السلام يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم: يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها وموعدكم أمرا فاحفظوه ، ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي وخليفتي فيكم ، بذلك أوصاني ربي. ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم واضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم أشراركم .
مخ ۲۵۸