قال: فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم فقال بعضهم لبعض: والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ! وقال آخرون منهم: والله لئن فعلتم ذلك إذا أعنتم على أنفسكم فقد قال الله عزوجل: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ،فانطلقوا بنا إلى أمير المؤمنين عليه السلام لنستشيره ونستطلع رأيه ، فانطلق القوم إلى أمير المؤمنين بأجمعهم فقالوا: يا أمير المؤمنين تركت حقا أنت أحق به وأولى به من غيرك ، لأنا سمعنا رسول الله يقول (علي مع الحق والحق مع علي يميل مع الحق كيفما مال ) ولقد هممنا أن نصير إليه فننزل عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، فجئناك لنستشيرك ونستطلع رأيك فما تأمرنا ؟
فقال أمير المؤمنين: وأيم الله لو فعلتم ذلك لما كنتم لهم إلا حربا ، ولكنكم كالملح في الزاد وكالكحل في العين ، وأيم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين بأسيافكم مستعدين للحرب والقتال وإذا لأتوني فقالوا لي بايع وإلا قتلناك ، فلا بد لي من أدفع القوم عن نفسي ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أوعز إلي قبل وفاته وقال لي: يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك من بعدي وتنقض فيك عهدي ، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى، وإن الأمة من بعدي كهارون ومن اتبعه والسامري ومن اتبعه! فقلت: يا رسول الله فما تعهد إلي إذا كان كذلك؟ فقال : إذا وجدت أعوانا فبادر إليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعوانا كف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوما .
مخ ۲۵۷