فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (55) وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون (56) ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (57) وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا
الآية اشارة إلى أن الله هو بارئكم والمنعم بخلقكم فما أهون نفوس المشركين وقتلهم في جنب الحماية لتوحيده وقمع ضلال الإشراك به وفي جنب رضاه وتوبته عليكم. ففعلوا شيئا من ذلك كما يدل عليه السياق مع قوله تعالى ( فتاب عليكم ) وهو خطاب لبني إسرائيل الموجودين في عصر الرسول بالنهج المتقدم من خطاب بعض القبيلة باعمال بعضها وباعتبار ان التوبة على قوم موسى في تلك الواقعة يعود نفعها على المخاطبين وعلى كل بني إسرائيل في جميع أجيالهم ببقاء جامعتهم القومية وصورة الدين والتوحيد ( إنه هو التواب الرحيم 55 وإذ قلتم ) خوطبوا بذلك باعتبار قول الأسلاف من قبيلتهم ( يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة ) الصوت الشديد وأخذها هو استيلاؤها عليهم والمراد اماتتها لهم ( وأنتم تنظرون ) توهما منكم انكم ترون الله تعالى شأنه. روى ابن بابويه في العيون عن الرضا عليه السلام ما ملخصه : ان بني إسرائيل قالوا لموسى لن نؤمن لك بأن الله أرسلك وكلمك حتى نسمع كلام الله فاختار منهم سبعين رجلا فلما سمعوا كلام الله من الجهات الست قالوا لن نؤمن بأنه كلام الله حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فماتوا 56 ( ثم بعثناكم من بعد موتكم ) كل الخطاب باعتبار أحوال السلف ( لعلكم تشكرون ) اي لغاية ان تشكروا الله على الاحياء بعد الموت 57 ( وظللنا عليكم الغمام ) الظاهر من الامتنان بالتظليل انه غير السحاب الذي للمطر ( وأنزلنا عليكم المن ) ويسمى بذلك أيضا في التوراة العبرانية الدارجة او يسمى مان بفتحة مشالة إلى الألف. وقال بعض المفسرين انه الترنجبين وليس له مستند يعول عليه ( والسلوى ) وتسمى في التوراة العبرانية ايضا سلو. او سلاو. وفي السبعينية تقرأ سليو وفي كتب اللغة انه طائر او نحو الحمامة ( كلوا من طيبات ما رزقناكم ) حكاية لخطاب القدماء في عصر موسى ( وما ظلمونا ) بما صدر منهم من المعاصي وكفران النعم وعبادة العجل وقولهم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فإن الله غني عن طاعتهم ولا تضره معصيتهم. بل هم الذين تنفعهم الطاعة وتضرهم
مخ ۹۴