آلاء الرحمن
* في
* تفسير القرآن
* بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد وهو المستعان والصلاة والسلام على خيرته من خلقه محمد صلى الله عليه وآله سيد المرسلين وآله الطاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين (وبعد) ففي فجر سعادة البشر وتبلج صبح الهدى ورسالته. أشرق نور القرآن الكريم على العالم من أفق الوحي على الرسول الأمين الصادع بأمر ربه. فكان باعجازه الباهر حجة على وحيه وبفضائله الفائقة دليلا على فضله وبسناه الوضاح هاديا الى اتباعه. يعرفك في كل باب من أبواب معارفه السامية انه تنزيل من رب العالمين. ولكن اختلاط اللسان واختلاف الزمان وتشعب الأهواء وتضارب الآراء أثارت من دون أنواره غبارا وجعلت على البصائر من الجهل غشاوة. وقد أوجب الله على عباده أن ينصروا الحقيقة بالبيان ويجلوا غبار الشكوك بالحجة ويميطوا غشاوة الجهل بيد العلم الشافي. وقد نهض جماعة لتفسيره والإرشاد الى منهج فهمه. فآثرت وانا الأقل محمد جواد البلاغي ان أتطفل في هذا الشأن وأتقحم في هذا الميدان جاريا على ما تقتضيه أصول العلم متنكبا مالا حجة فيه من نقل الأقوال متحريا للاختصار مهما أمكن مستعينا بالله ومستمدا من فضله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب. وقد سميت الكتاب (آلاء الرحمن في تفسير القرآن) وجعلت للمقصود مقدمة فيها فصول وخاتمة
مخ ۲
الفصل الأول في اعجازه
المعجز هو الذي يأتي به مدعي النبوة بعناية الله الخاصة خارقا للعادة وخارجا عن حدود القدرة البشرية وقوانين العلم والتعلم ليكون بذلك دليلا على صدق النبي وحجته في دعواه النبوة ودعوته
وجه شهادة المعجز
ودلالته على صدق النبي في دعواه ودعوته ليس إلا ان مدعي النبوة إذا كان ظاهر الصلاح موصوفا بالأمانة معروفا بصدق اللهجة والاستقامة لا يخالف العقل في دعوته وأساسياتها لم يجز عقلا اظهار المعجز على يده إلا إذا كان صادقا في دعوى النبوة ودعوتها. الا ترى انه لو كان مع صفاته المذكورة كاذبا في دعواه لكان اظهار المعجز على يده وتخصيص الله له بالعناية إغراء للناس بالجهل وتوريطا لهم في متاهات الضلال. وهذا قبيح ممتنع على جلال الله وقدسه
توضيح ذلك
هو أن الناس بحسب فطرتهم التي لا تدنسها رذائل الأهواء والعصبية إذا ظهر لهم صلاح الشخص وصدقه وأمانته واستقامته فيما يعرفونه من أحواله وأطواره توسموا بباطنه الخير وان باطنه موافق لظاهره في الصلاح. وكلما زادت خبرتهم بصلاح ظاهره زاد وثوقهم بصلاح باطنه. إلا انه مهما يكن من ذلك فإنه لا يبلغ بهم مرتبة العلم وثبات الاطمئنان بعصمته عن الكذب في دعواه وتبليغات دعوته فلا ينتظم تصديقهم له ولا يدوم انقيادهم إلى تبليغاته في دعوته. بل لا يزال اختلاج الشكوك يميل بهم يمينا وشمالا. لكن إذا خصته العناية الإلهية بكرامة المعجز وخارق العادة حصل العلم الثابت واطمأنت النفوس السليمة بصدقه وعصمته في دعواه وما يأتي به في دعوته. ويثبت اليقين وينتظم امره بالنظر إلى أنه يمتنع على جلال الله وقدسه في مثل هذه المزلقة ان يظهر المعجز وعنايته الخاصة على يد الكاذب المدلس بصلاح ظاهره. فإن اظهار المعجز حينئذ يكون مساعدة للمدلس على تدليسه ومشاركة له في اغوائه وإغراء للناس في الجهل الضار المهلك. وذلك لما ذكرناه من مقتضى فطرة الناس السليمة. فالمعجز الشاهد بصدق النبي في دعواه ودعوته هو ما يقوم بما ذكرنا من الفائدة في مثل ما ذكرناه من المقام والوجه
مخ ۳
حكمة تنوع المعجز
ولا يخفى أن حصول الفائدة المذكورة من تنوع المعجز المذكور يختلف كثيرا بسبب اختلاف الناس في أطوارهم ومعارفهم ومألوفاتهم. فرب خارق للعادة يعرف بعض الشعوب انه خارق للعادة
لا يكون إلا بإرادة إلهية خاصة ويكون في بعض الشعوب معرضا للشك او الجحود لإعجازه وخرقه للعادة كان في عصر موسى النبي (ع) من الرائج بين المصريين صناعة السحر المبتنية على قوانين عادية يجري عليها التعليم والتعلم. فكانوا يعرفون ما هو جار على نواميس هذه الصناعة وما هو خارج عنها وعن حدود القدرة البشرية. ولأجل ذلك اقتضت الحكمة ان يحتج عليهم بمعجزة العصا التي ألقاها موسى (ع) أمام أعينهم فصارت ثعبانا تلقف ما يأفكون ويسحرون به الناس من الحبال والعصي ثم رجعت بعد ذلك عصا كحالها الأول ولم يبق لحبالهم وعصيهم عين ولا اثر فإنهم بسبب معرفتهم لحدود السحر عرفوا أن امر العصا خارج عن صناعة السحر وعن حدود القدرة البشرية ولذا آمن السحرة بأن أمرها من الله تعالى
وكانت فلسطين وسوريا في عصر المسيح مستعمرة لليونان وفيها منهم نزلاء كثيرون. فكان للطب فيها رواج ظاهر وكان في الفصل الثالث عشر والرابع عشر من سفر اللاويين من التوراة الرائجة تعليم طويل في تطهير القرع والبرص والقوبا بنحو يختص بروحانية الكهنوت ويوهم انه من بركات الكهنة والآثار الروحية وإن كان من نحو الحجر الصحي فلأجل ذلك كانت معجزات المسيح بشفاء الأبرص والأعمى والأكمه مما يعرفون انه خارج عن حدود الطب ومزاعم الكهنة وقدرة البشر ومن خارق العادة التي لا يكون إلا بقدرة الله تعالى
حكمة كون المعجز للعرب هو القرآن
وأما العرب الذين ابتدأت بهم دعوة الإسلام في حكمة سيرها في الإصلاح فقد كانت معارفهم نوعا منحصرة بالأدب العربي وكانوا خالين من سائر العلوم والصنائع الخاضعة للعلم والتعلم. فلم يكونوا يميزون حدودها العادية بحسب موازين العلم والتعلم وأسرار الطبيعيات المنقادة بقوانينها للباحث والممارس والمتعلم والمجرب والمكتشف والداخلة تحت سيطرة العلم والتعلم. فلا يعرفون من الأعمال ما هو خارج عن هذه الحدود وخارق للعادة ولا يكون
مخ ۴
إلا بإعجاز إلهي. فكل عمل معجز من غير الأدب العربي بمجرد مشاهدتهم له او سماعهم به يسبق الى أذهانهم ويستحكم في حسبانهم انه من السحر او من مهارة اهل البلاد الأجنبية في الصنائع وتقدمهم في العلوم واسرار الطبيعيات وقوانينها. ولا يذعنون بأنه معجز إلهي بل يسوقهم شك الجهل الى الجحود خصوصا إذا كان ذلك يحتج به النبي على دعوى ودعوة ثقيلتين على ضلالتهم باهظتين لعاداتهم الوحشية وأهواء الجهل
نعم برعوا بالأدب العربي وبلاغة الكلام التي تقدموا فيها تقدما باهرا حتى قد زهى في عصر الدعوة روضه الخميل وأينعت حدائقه وفاق مجده وقرروا له المواسم وعقدوا المحافل للمفاخرة بالرقي فيه. فرقت بينهم صناعته إلى أوج مجدها وزهرت بأجمل مظاهرها وأحاطوا بأطرافها وحددوا مقدورها. فعاد المرء منهم جد خبير بما هو داخل في حدود القدرة البشرية وما هو خارج عنها ولا يصدر على لسان بشر ابتداء إلا بعناية إلهية خاصة خارقة للعادة البشرية لحكمة إلهية شريفة
ولذا اقتضت الحكمة الإلهية «ولله الحكمة البالغة» ان يكون القرآن الكريم هو المعجز المعنون والذي عليه المدار في الحجة لرسالة خاتم النبيين وصفوة المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين. فانه يكون حجة على العرب باعجازه ببلاغته وبعجزهم عن الإتيان بمثله او بسورة من مثله. وبخضوعهم لاعجازه وهم الخبراء في ذلك يكون ايضا حجة على غيرهم في ذلك. وانه هو الذي يدخل في حكمة المعجز والاعجاز في شمول الدعوة للعرب وابتدائها بهم بحسب سيرها الطبيعي على الحكمة وبه تتم فائدة المعجز على وجهها
امتيازه عن غيره من المعجزات
مضافا الى انه امتاز عن غيره من المعجزات وفاق عليها بأكبر الأمور الجوهرية في شؤون النبوة والرسالة ودعوتها «فمن ذلك» انه باق مدى السنين ممثل بصورته ومادته لكل من يريد أن يطلع عليه ويمارس أمره وينظر في أمره ويعرف كنهه وحقيقته. فهو باد في كل آن ومكان لكل من يطلب الحجة على النبوة والرسالة ويريد النظر في حقيقة معجزها الشاهد لصدقها. ماثل لكل من يريد النظر في الحقائق ولا تحتاج معرفة حقيقته ووجه اعجازه الى أساطير النقل ومماراة قال او قيل. فلا يحتمل أمره. إنه دبرت دعواه بليل. ولا يستراب من أمره باحتمال التمويه
مخ ۵
بل ينادي هو بنفسه في كل زمان ومكان (هذا جناي وخياره فيه) وكله خيار فائق متفوق «ومن ذلك» انه بنفسه ولسانه وصريح بيانه قد تكفل بالاثبات لجميع المقدمات التي تنتظم منها الحجة على الرسالة الخاصة وشهادة اعجازه لها. ولم يوكل أمر ذلك الى غيره مما يختلج فيه الريب وتعرض فيه الشبهات وتطول فيه مسافة الاحتجاج وتكثر صعوباته : فالتفت واعرف ذلك من أمور
(الأول) انه تكفل ببيان دعوى النبي للنبوة والرسالة كما في سائر النبوات
(الثاني) انه تكفل في صراحة بيانه بالشهادة للنبوة والرسالة فلم تبق حاجة لدلالة العقل ودفع الشبهات عنها
(الثالث) انه تكفل في صراحته المتكررة ببيانه لكمالات مدعي رسالته وأطرى بصلاحه وأخلاقه الفائقة كما هو معروف. فمهد المقدمات اللازمة في البيان وصورة الاحتجاج بانه لو كان كاذبا لكان ظهور المعجزة له من الإغراء بالجهل القبيح الممتنع لقبحه على جلال الله وقدسه تعالى شأنه. وإليك فاسمع بعض ما جاء في القرآن في بيان هذه الأمور الثلاثة. ففي سورة الأعراف «157 : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) وسورة النجم المكية من الآية الثانية الى الخامسة ( ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وفي سورة الفتح «29 : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار ) وفي سورة الأحزاب «40 : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) وفي أوائل سورة القلم المكية ( ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم ) الى قوله تعالى ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) وقوله تعالى ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) وفي سورة الأعراف «156 : ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ) وفي سورة الأحزاب «44 : و45 ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) (الأمر الرابع) انه تكفل بنفسه دفع الموانع عن الرسالة والنبوة إذ بين مواد الدعوة وأساسياتها ومعارفها وقوانينها الجارية بأجمعها على المعقول من عرفانيها وأخلاقيها واجتماعيها وسياسيها فلا يوجد فيها ما يخالف المعقول ليكون مانعا عن النبوة وفي سورة الاسراء المكية «9 : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) ودونك القرآن الكريم وحقق وتبصر وتنور فيما تضمنه من هذه المواد الشريفة ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )
مخ ۶
(الأمر الخامس) انه زاد على كونه معجزا بنفسه بأن كرر النداء والمصارحة في الاحتجاج باعجازه وتحدي الناس وأعلن بالحجة وهتف بهم هتافا مكررا مؤكدا بأن يعارضوه لو لم يكن معجزا ويأتوا بمثله أو بعشر سور أو سورة واحدة من مثله ان كان مما تناله قدرة البشر المحدودة وقد نادى بقرار الإنصاف والمماشاة وجعل لهم ان أتوا بعشر سور او سورة من مثله أن تسقط عنهم هذه الدعوة ويستريحوا من ثقلها الباهظ لضلالهم ويدعوا من يستطيعون عقلا ان يدعوه من دون الله لو استطاعوا أو وجدوا إلى ذلك من المعقول سبيلا. جعل لهم ذلك من باب المماشاة والمجاراة في الحجة تعليقا على المستحيل ولهم في ذلك المهلة والأناة ليعدوا عدتهم في المظاهرة والتعاون ففي سورة هود المكية «16 : ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) 17 : ( فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله ) وفي سورة يونس المكية «39 : ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) وفي سورة البقرة «21 : ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ) فيما تدعونهم وتصفونهم به (22) ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي ) وفي سورة الاسراء المكية «90 : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) هذا وقد مضت لهم عدة أعوام ودعوة الرسالة والإعذار والإنذار والاحتجاج بإعجاز القرآن دائمة عليهم وهم في أشد الضجر من ذلك والكراهية له والخوف من عاقبته. وفي أشد التألم من آثار الدعوة وتقدمها وظهورها. وفي أشد الرغبة في أهوائهم وعاداتهم الوحشية ورئاساتهم والعكوف على معبوداتهم ومع ذلك لم يستطيعوا أن يعارضوا شيئا من القرآن الكريم ولو بأن يأتوا بسورة من مثله لكي تظهر حجتهم وتسقط عنهم حجة الرسول ويستريحوا من عناهم وقلقهم وآلامهم من دعوته التي شتتت جامعتهم الأوثانية وهددت رئاساتهم الوحشية وتشريعاتهم الأهوائية وفرقت بين الأب منهم وبنيه والأخ وأخيه والزوج وزوجه والقريب وقريبه وكدرت صفائهم ونافرت بين عواطفهم. وقد سامعهم في دعوته إصلاحا وخضوعا لم يكونوا يحتسبونه ولم يجدوا لذلك حيلة إلا الجحود السخيف والعناد الشديد وقساوة الاضطهاد والاستشفاع بأبي طالب في ترك الرسول لدعوته أو تمردهم بالمثابرة الوحشية فاقتحموا فيها الأهوال وتجشموا المصاعب وقتال الأقارب والاخوان ومقاساة الشدائد وذلة المغلوبية. فلما ذا
مخ ۷
لم يتظاهروا بأجمعهم عشر سنوات او اكثر ويأتوا بشيء من مثل القرآن الكريم ولو سورة واحدة ويفاخروا الرسول (ص) ويحاكموه في المواسم والمحافل التي أعدوها لمثل ذلك فتكون لهم الحجة والانتصار في الحكومة وقرار النصفة وينادوا بالغلبة ويستريحوا من عناء هذه الدعوة وتهديدها لضلالهم. فلما ذا لم يفعلوا ذلك والقرآن والرسول قد دعواهم إلى ذلك تعجيزا وهم هم وينابيع فصاحتهم وبلاغتهم غزيرة. وغرائزهم في الأدب العربي متدفقة. وقرائحهم سيالة ومواد القرآن في مفرداته وتراكيبه من لغتهم. وأسلوبه من نحو صناعتهم التي لهم فيها الممارسة التامة والمهارة الفائقة والرقي المعروف ولله الحجة البالغة
ولو كان هناك أقل قليل من المعارضة والإتيان بسورة واحدة من مثل القرآن لرفعه الضلال نارا على علم. واحتفلت فيه ألوف الألوف من أضداد الإسلام والقرآن. ولسجلته دواوينهم في أقطار الأرض وأجيال الأمم. وتلقوه بأحسن ابتهاج. وصالوا به أكبر صولة لأنه الفيصل السلمي والحجة الأدبية التي ما فوقها حجة لهم في الجدل والبرهان. ولكن هل سمعت أن أحدا نبس في ذلك ببنت شفة أو أجري فيه قلم. وإن أمر ذلك بمعزل عن داخلية الإسلام لكي يقال انه أخفته شوكة المسلمين او دسائس تواطيهم. بل إن بذرته ومغرسه وسوره وحفظه وحياطته ترجع إلى ألوف الألوف في كل جيل من أنصاره أضداد الإسلام والقرآن سواء كان ذلك قبل الهجرة أو بعدها أو بعد زمان الرسول (ص). ألا ترى انه بعد أن ضرب الإسلام بجرانه في جزيرة العرب بقي في اليمن وسوريا والعراق كثير من اليهود والنصارى وأمثالهم وهم الألوف أو ألوف الألوف من العرب أو من يعرف اللغة العربية ويتكلم بها ويتأدب بآدابها. وأضف إلى ذلك المنافقين الذين كانوا يكيدون الإسلام جهد وسعهم في عصر الرسول وبعده. فهل يخفي هؤلاء ما هو ضالتهم المنشودة. وسلاح سطوتهم. وعدة صولتهم وأقطع حجة لهم واكبر مدافع عن أديانهم. فإنه لا عطر بعد عرس ولكن ماذا يصنعون بالعدم. وعدم القدرة من المتأخر على الاختلاق.
ومما يشهد لما ذكرناه ويجلو تمثيله لبداهة الاعتبار أن اليد الأثيمة غلبت بسنوح الفرصة حتى على المحدثين والمفسرين فدست في كثير من كتب التفسير خرافة الغرانيق وخرافة سبب النزول في آية التمني من سورة الحج كما نجده في اكثر التفاسير. فلوثت قدس رسول الله (ص) بما شاءت وسنحت به لها الفرصة. وكذا قدس جميع الأنبياء والمرسلين في
مخ ۸
حديثهم. وتلاوتهم بحيث لا يبقى بهم ادنى وثوق في ذلك (1)
هذا في وجهة الاعجاز الذي تقوم به الحجة على العرب. وان للقرآن المجيد ايضا وجوها من الإعجاز مما يشترك في معرفتها كل بشر ذي رشد إذا اطلع عليها. وهي عديدة نشيرا إلى بعض منها في هذا المختصر
اعجازه من وجهة التاريخ
لا نقول بذلك بمحض اخباره عن الحوادث الماضية والأمم الخالية وإن كان رسول الله الذي جاء به لا يقرأ ولا يكتب ولم يدخل مدرسة ولم يمارس تعلما. كما هو المعلوم من تاريخ حياته (ص). فإنه يمكن ان يقال ان هذا الإخبار المذكور ممكن في العادة لنوع البشر وان كان معرضا للعثرات التي لا تقال. بل نقول ان القرآن الكريم اشترك في تاريخه في بعض القصص مع التوراة الرائجة التي اتفق اليهود والنصارى على انها كتاب الله المنزل على رسوله موسى فأوردت هذه التوراة تلك القصص وهي مملوءة من الخرافات أو الكفر أو عدم الانتظام الذي تشابه فيه كلام المبتلى بالبرسام : فمن ذلك قصة آدم في نهي الله له عن الأكل من الشجرة وما فيها من الخرافات والكفر بنسبة الكذب والخداع إلى الله جل وعلا وسائر شؤون القصة على ما جاء في الفصل الثالث من سفر التكوين : ومن ذلك ما جاء في الفصل الخامس عشر منه من شك ابراهيم في وعد الله له بإعطائه الأرض في سوريا ومن ذكر العلامة في ذلك : ومن ذلك ما جاء في الفصل الثامن عشر والتاسع عشر في مجيء الملائكة إلى ابراهيم بالبشرى باسحاق واخباره بأمر هلاك قوم لوط ومن حكاية ذهابهم إلى لوط وخطابهم معه. ومن ذلك ما جاء في الفصل الثالث من سفر الخروج في خطاب الله لموسى من الشجرة وفي أواخره ما حاصله ان الله جل شأنه افتتح الرسالة لموسى بالتعليم بالكذب : ومن ذلك ما جاء في الفصل الثاني والثلاثين في سفر الخروج في ان هارون هو الذي عمل العجل ليكون إلها لبني إسرائيل ودعى لعبادته وبنى له رسوم العبادة فانظر إلى هذه القصص في مواردها المذكورة من التوراة الرائجة والقرآن الكريم أورد القصة الأولى في سورتي الأعراف وطه والثانية في أواخر سورة البقرة والثالثة في سورتي هود والذاريات والرابعة في سور طه والنمل والقصص
مخ ۹
والخامسة في سورتي طه والأعراف فجاءت هذه القصص بكرامة الوحي الإلهي منزهة عن كل خرافة وكفر وعن كل ما ينافي قدس الله وقدس أنبيائه. جارية على المعقول. منتظمة الحجة. شريفة البيان. وذلك مما يقيم الحجة ويوجب اليقين بأنه لا يكون إلا من وحي الله ولا يكون من بشر بما هو بشر مثل رسول الله الذي لم يمارس تعلما في المعارف الإلهية ولم يتخرج عن مدرسة ولم يترب إلا بين اعراب وحشيين وثنيين على أوحش جانب من الوحشية والوثنية. بل لو مارس جميع التعاليم وتخرج من جميع الكليات لما امكنه ان يتنزه وينزه معارفه وكلامه من أمثال هذه الخرافات الكفرية.
لم يكن في ذلك العصر وما قبله إلا تعاليم اليهود والنصارى. وأساسها في الديانة مبني على ما أشرنا اليه من خرافات التوراة الرائجة فهم عكوف عليها في عبادتهم ومواسمهم وتعاليمهم ومدارسهم. أو تعاليم الوثنيين ومنهم قومه. تلك التعاليم الجهلية الخاسئة. او تعاليم المجوس المتشعبة من كلا التعليمين المذكورين فإنه صلوات الله عليه لو كان أخذ القصص المذكورة من ذات التوراة الرائجة بالإتقان أو من الروحانيين المسيطرين على تعليمها وأراد أن يتقول بها على الوحي تزلفا أو مخادعة لهم ليستجيبوا إلى اتباع دعوته لأتى بها على ما في التوراة من الخرافة والكفر. ولو كان أخذها سطحيا من أفواه الرجال كما يأخذ الأمي من ألسن العامة لزاد عليها أضعاف خرافاتها وكفرها كما تستلزمه وتوجبه أميته وتربيته وجهل قومه وبلاده ووحشيتهم ووثنيتهم لكن (إن هو إلا وحي يوحى) إلى رسول لا تأخذه في تبليغ الحقائق لومة لائم أو مخالفة أمم. فانظر إلى تفصيل ذلك في الجزء الأول من الرحلة المدرسية (1) وعلى هذا النحو يجري الكلام فيما ذكر في العهد القديم الذي يعده أهل الكتاب من الوحي الصادق حيث نسب إلى أيوب أشنع الاعتراض على الله والجزع من قضائه ونسبة الظلم اليه جل وعلا وطلب المحاكمة معه حتى انه صار يوبخ واعظيه والناهين له عن هذه الجرأة ويسفه رأيهم. ونسب الزنا إلى داود بأشنع وجه. ونسب إلى سليمان انه تمادى في تأييد الشرك بالله والعبادة الأوثانية وكثر منه بناء المباني لعبادة الأوثان. وقد كثرت مصائب الأناجيل في القدح بقدس المسيح مع صغر حجمها وقلة مكتوبها فنسبت الى قدسه شرب الخمر وتكرر الكذب والأحوال المنافية للعفة وانتهاره لوالدته وقدحه في قداستها والقول بتعدد
مخ ۱۰
الآلهة والأرباب وغير ذلك مما سنشير اليه. وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله بوحي قرآنه منزها لهؤلاء الأنبياء ومبرءا لهم عن هذه الوصمات الشنيعة فانظر إلى تفصيل ذلك في الجزء الأول من كتاب الهدى (1) وعلى هذا النحو يجري الكلام ايضا فيما ذكر في التوراة والعهد القديم من القصص الخرافية المنافية لجلال الله وقدس أنبيائه وشرفهم وشرف عائلاتهم كما في خرافات اختباء آدم عن الله. وبرج بابل. وشأن لوط مع الخمر وابنتيه والمصارعة مع يعقوب ومخادعة يعقوب لأبيه وتكرر كذبه عليه. وقصة يهوذا مع كنته ثامار وولادة سبط يهوذا الذي منهم داود وسليمان وكثير من الأنبياء. وقصة امنون بن داود وابن عمه مع أخته ثامار وملاعب شمشون. ومشورة الله جل شأنه مع جند السماء في إغواء آخاب ملك إسرائيل (2) وكثير من ذلك
ولأجل ان القرآن الكريم كلام الله القدوس ووحيه لم يذكر شيئا من ذلك ولو كان من اختلاق رسول الله (ص) كما يزعم الظالمون لامتنع في العادة على البشرية وأغراضها وتزلفاتها أن لا يذكر شيئا من ذلك مع ما فيها من القعقعة التاريخية. وان البشر الذي يتطلب قصص العهدين ويذكرها في كلامه وأغراضه لا يفوته ما أشرنا اليه
اعجازه في وجهة الاحتجاج
نهض رسول الله صلى الله عليه وآله لتعليم البشر وتنوير بصائرهم في عصر الظلمات والجهل والعمى. ولإرشادهم الى حقائق المعارف التي حجبتها ظلمات الضلال المتراكمة في تلك العصور المظلمة تلك الظلمات التي استولت على ارجاء العالم بحيث لم تدع أن ينقدح من نور الحق للعقول المغلوبة أقل بصيص فجاء (ص) في قرآنه بكثير غزير من الحجج الساطعة على أهم المعارف وأشرفها. تلك الحجج الجارية على أحسن نهج وأعمه نفعا في الاحتجاج والتعليم. جاء بها على ارقى نحو يستلفت العامي الى نور الغريزة الفطرية فيمثله لشعوره. والى سناء البديهيات فيجلوه لإدراكه. ويجري بمؤدى تلك الحجج مع الفيلاسوف في قوانين المنطق وتنظيم قياساته على أساسيات المعقول. فاحتج على وجود الإله ولوازم إلهيته. وعلمه وقدرته. وتوحيده.
مخ ۱۱
وعلى المعاد الجسماني. وعلى ان القرآن وحي إلهي. وعلى صدق الرسول في دعوته فلا يكاد يوجد في شيء من هذه الحجج خلل عرفاني او وهن أدبي او شائبة اختلاف او شائنة من تناقض. فإذا فرضت أي بشر يكون في ذلك العصر المظلم ومثلت نشأته وتربيته بين الأعراب الوحشيين الوثنيين في تلك البلاد الماحلة من كل تعليم والقاحلة من كل فضيلة في المعارف وانه لم يتعاط تعلما ولا تأدبا على معلم ولا قراءة مكتوب ولا دراسة كتاب علمت انه يمتنع عليه في العادة بما هو بشر وبلا وحي إلهي اليه أن يأتي ببيان المعارف الصحيحة والمناقضة للجهل العام في عصره وبيئته وقومه ويحتج عليها بتلك الحجج النيرة القيمة على ذلك المنهاج الممتاز بفضيلته
وإن شئت أن تزداد بصيرة فيما ذكرناه فانظر الى ما في الأناجيل مما نسبته الى احتجاجات المسيح وحاشا قدسه منه ومما ذكرته من الحجج الساقطة الفاسدة على أمور أكثرها ضلال او غلط كالاحتجاج على تعدد الآلهة وعلى تعدد الأرباب. وعلى المنع من الطلاق. وانظر الى ما اشتملت عليه من الغلط والتحريف. نعم ذكرت الاحتجاج على القيامة من الأموات ولكن ماذا جاءت به من الغلط والخبط في الحجة واحوال القيامة. وإن شئت الاطلاع على شيء من ذلك فانظر في الجزء الأول من كتاب الهدى صفحة 112 116 و197 و205 والجزء الأول من الرحلة المدرسية صفحة 73 و32 39.
اعجازه من وجهة الاستقامة والسلامة من الاختلاف والتناقض
قد خاض القرآن الكريم في فنون المعارف والإصلاح مما يتخصص فيه الممتازون بالرقي في أبواب الفلسفة والسياسة والخطابة والإصلاح من علم اللاهوت او الأخلاق او التشريع المدني والتنظيم الإداري او الفن الحربي. او البشرى والترغيب بالجزاء او الإنذار والتهديد بالنكال. او الحجج والأمثال. او تذكرة المواعظ والعبر. وجرى من ذلك في الميادين الشريفة بأحسن أسلوب وأقوم منهج وبلغ في جميع ذلك أكرم الغايات وأعلاها في الرقي وهو يكرر بحسب الحكمة كثيرا من قصصه ومقاصده وفي جميع ذلك لم تشنه زلة اختلاف ولا عثرة تناقض ولا وهن اضطراب ولا سقوط حجة ولا فساد مضمون ولا سخافة بيان. وها هو بارز في جميع العالم لكل من يريد الهدى والفحص والتدبر ينادي بابهة الافتخار وجمال السداد وشوكة الاستظهار ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) (1) أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله
مخ ۱۲
لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) (1) منتشرا في أبوابه ومقاصده. فهل يمكن في العادة أن يكون كل هذا من بشر قد ذكرنا لك عصره ونشأته وتربيته وبلاده وقومه وجهلهم الوحشي الوثني ولك العبرة بكتب العهدين وهي التي منذ قرون عديدة يصفق لاستحسانها اكثر العالم المفتخر بالعلم والتمدن وينسبونها بكمال الاحتفال الى كرامة الوحي فكم وكم يوجد فيها من الوهن والسقوط والاختلاف والتناقض وقد ذكر شيء من ذلك في كتب اظهار الحق والهدى. والرحلة المدرسية. واعتبر ايضا بأن كل واحد من الأناجيل لا يزيد على صحيفة اسبوعية وقد كثر فيها الخبط والتناقض والاختلاف الى حد مهول مدهش وقد ذكر شيء منه في الجزء الاول من كتاب الهدى صفحة 196 234 وايضا ان الأناجيل وكتب العهد الجديد مؤسسة على ان كتب العهدين الرائجة هي كتب وحي إلهي صحيحة. إذن فاعتبر بأنه كم وقع الاختلاف والتناقض بين الأناجيل والعهد الجديد وبين العهد القديم وقد ذكر شيء مما ذكرنا في الجزء الأول من الرحلة المدرسية صفحة 132 184
اعجازه في وجهة التشريع العادل ونظام المدنية
قدر رسول الله (ص) بشرا عاديا في مثل ما ذكرناه مرارا في عصره ونشأته وتربيته وبلاده وقومه وجهلهم وعاداتهم الوحشية. ثم انظر هل يمكن في العادة لمثل هذا البشر إذا لم يكن موحى اليه ان يأتي من عنده ومن بشريته بمثل ما أتى به في القرآن الكريم من الشريعة الحقوقية العادلة والقوانين القيمة والأنظمة المعقولة الجارية بأجمعها على ما هو الصالح للبشر في المدنية والاجتماع والسياسة والحرب ومقدماتها ونتائجها. وجرت في عنايتها بالإصلاح من ادارة جميع العالم إلى الإدارة العائلية والبيتية والزوجية بل وإلى شؤون الكاتب والشاهد كما في سورة البقرة آية 282 فمنعت فيها من مضارة الكاتب والشاهد ونهت عن ان يحملا من أجل الكتابة والشهادة وأدائها ضرر المشقة والعناء وتضييع وقت اكثر من الوقت الطبيعي لمحض الأداء. وفي ذلك عبرة لأولي الألباب. وإليك فانظر ما في القرآن الكريم من الشرائع والقوانين العامة والخاصة واعتبر بكرامتها ومجدها في التشريع الفائق والإصلاح الحميد. ولا تحتاج معرفة مجدها وكرامتها إلى المقايسة والاعتبار بشرائع قطره وقومه تلك الشرائع الجائرة الوحشية الوثنية. نعم تزداد بصيرة إذا نظرت إلى شرائع التوراة الرائجة التي يعتبرها اليهود
مخ ۱۳
والنصارى في اجيالهم في اكثر من خمسة وعشرين قرنا ويعدونها كتاب وحي إلهي مقدس فانظر فيما فيها من شريعة تقديس هارون وبنيه وتفصيل ثيابهم وأوضاعها. وشريعة امرأة الأخ الميت. وتفلتها وولدها البكر من الأخ الثاني. وشريعة من ادعى زوجها انه لم يجد لها عذرة. وشريعة قتل الأطفال والنساء من البلاد المفتوحة بالحرب فإنك تعرف ان هذه الشرائع لا تكون إلا من بشر سخيف قاس وتزداد بصيرة بمجد القرآن الشريف في تشريعه وإنه لا يكون الا من وحي إلهي وقد أشير الى شيء مما ذكرنا في أواخر الجزء الثاني من كتاب الهدى صفحة 280 292 والجزء الأول من الرحلة المدرسية صفحة 29 و79 82 وانظر إلى العهد الجديد والغائه لنظام المدنية والأخذ أمام الظلم والعدوان بحيث ترك العالم بلا نظام راذع ولا شريعة تأديب عادلة فإنك تزداد بصيرة بأن المتقول على الوحي في أمر التشريع لا بد له من ان يسقط سقطة تشوه التاريخ وتئن منها الحقائق جزعا. فاعرف اذن اعجاز القرآن في تشريعه الممتاز بفضيلة الوحي الإلهي
اعجازه من وجهة الأخلاق
وإذا نظرت إلى ظلمات العصر والقطر والتربية وشيوع الجهل في الأمة وسوء الأعمال وعدم الدراسة في العلم أو التخرج في الفضيلة على الحكماء الصالحين فإنك ترى هذه الأمور لها اثر كبير في الجهل بالأخلاق الفاضلة والانحراف عن جادتها والخبط في معرفتها وتمييز حدودها. فلا ترد البشر إلى الاستقامة في ذلك تكلفات الفكر المحاط بالجهل العام والجيل المظلم والقطر الوبيء من نزغات الأهواء. ولئن حاول الرجل المريد للصلاح حينئذ شيئا من تهذيب الأخلاق لم يهتد السبيل في قوله وعمله إلا إلى شيء يشير اليه التداول بين جملة من الناس ولئن تكلف المتفلسف شيئا من التعليم بالأخلاق خبط فيها خبطا غلب فيه الجهل والزلل وتتابعت فيه العثرات.
ومن بين تلك الظلمات المذكورة بزغ القرآن الكريم بأنواره وأتى بما لا تسمح به العادة بأن يأتي به في تلك الظلمات بشر من عند نفسه وتقولا على الوحي فجاء في اجماله وتفصيله مستقصيا للأخلاق الفاضلة على حدودها بالحث على التزين بها بما توجبه الحكمة من البعث والترغيب. ومحصيا للأخلاق الرذيلة بالزجر عن التلوث بها بما يوجبه الإصلاح من الإرهاب والتنفير. واقام لذلك في العالم اشرف مدرسة زاهرة وأعلى فلسفة مرشدة وابلغ خطابة واعظة
مخ ۱۴
وإليك بعضا من جوامعه في ذلك كقوله تعالى في سورة النحل : 92 ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ). ومن سورة الفرقان ما في الآية الرابعة والستين الى الخامسة والسبعين. ومن سورة المعارج ما في الآية الثالثة والعشرين الى الثالثة والثلاثين . ومن سورة الحجرات ما في الآيات العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة. وغير ذلك مما لا يكاد أن تخلو منه سورة او يتخطاه تعليم او يحابى به قوم دون قوم او يتجاوز بالإفراط الى التفريط والإخلال بنظام المدنية وراحة الاجتماع ولك العبرة بأن التوراة الرائجة فيها وشل من تعاليم التوراة الحقيقية ولكن لأنها تلفيق واختلاق بشري كدرت ما فيها من ذلك الوشل وذهبت بصفاء التعليم الإلهي. فأمرت بني إسرائيل بالحكم بالعدل لقريبهم ونهتهم عن الحقد على أبناء شعبهم وعن السعي بالوشاية وعن شهادة الزور على قريبهم وأن يغدر أحدهم بصاحبه. ويا للأسف على شرف هذا الأمر والنهي إذ شوهت جماله بتخصيص تعليمها لبني إسرائيل وبتخصيص المأمور به والمنهي عنه بالقريب والشعب والصاحب.
ولك العبرة ايضا بأن الأناجيل الرائجة قد أفرطت بتصوفها البارد فنهت عن ردع الظالمين بالانتصاف من الظالم وقطع مادة الفساد بالحدود الشرعية ودفاع الظالمين بل علمت بأن من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الآخر ايضا ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء ايضا ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه
فلوثت بافراطها البشري قدس تعاليم المسيح المتلقاة من الوحي الإلهي
اعجازه في وجهة علم الغيب
وقد تكرر في القرآن معجزه في اخباره بالغيب اخبارا يقتضي التكهن والفراسة خلافه من حيث النظر الى الحال الحاضر وطغيان الشرك وضعف الدعوة الإسلامية وما يجري من النكال والتشريد والجفاء على ملبيها. فمن ذلك قوله في سورة الحجر المكية في الأمر لرسول الله (ص) بالإعلان بالدعوة والبشرى بنجاحها وارغام معانديها ومعارضيها وكان ذلك عند طغيان الشرك واستفحاله وهيجان المشركين على رسول الله «94 ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) : 95 ( إنا كفيناك المستهزئين ): 96 ( الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ) وقد كفاه الله اشرف كفاية لم تكن تعلق بها الآمال بحسب العادة. وقد بان للمشركين وعلموا
مخ ۱۵
ما في قوله تعالى في آخر الآية ( فسوف يعلمون ). وقوله في سورة الصف المكية في الحال الذي وصفناه من طغيان الشرك والمشركين «9 ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) فأظهره على الذين أعز اظهار أرغمت به آناف المشركين. ومن الاخبار بالغيب قوله تعالى في سورة الروم ( غلبت الروم 2 في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون 3 في بضع سنين ) فغلبت الروم فارس ودخلت مملكتها قبل مضي عشر سنين وقوله تعالى في سورة تبت في شأن أبي لهب وامرأته ( سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ) وهو اخبار بأنهما يموتان على الكفر ولا يحظيان بسعادة الإسلام الذي يكفر عنهما آثام الشرك ويحط أوزاره فماتا على الكفر كما اخبر به اخبارا حتميا ولك العبرة في ذلك بأن إنجيل متى ذكر اخبارا واحدا غيبيا للمسيح وهوائه يبقى مدفونا في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. ولكن ما برح إنجيل متى أن كذب في أواخره هذا الإخبار فوافق الأناجيل الثلاثة الأخر على ان المسيح في مساء ليلة السبت طلب بعض الناس جثته من بيلاطس فأنزلها عن الصليب وكفنها ودفنها وقبل الفجر من يوم الأحد قام المسيح من الموت وخرج عن قبره. وعلى ذلك لا يكون المسيح بقي في القبر الا ليلة السبت ونهاره وليلة الأحد وذلك نهار وليلتان
هذا وإني عند مقايستي للقرآن الكريم بما ينسب إلى الوحي الإلهي من كتب الأمم المتدينة ومنهم البراهمة والبوذيون وغيرهم لم يحضر عندي الا كتب العهدين فلا ينبغي ان يجعل مقايستي بهما تحاملا على خصوص اليهود والنصارى. ولي العذر في ذلك فإنه لا يصح للإنسان ان تأخذه في خدمة الحق وإيضاح الحقيقة وتأييدها لومة لائم او يصده عذل عاذل. فإن خدمة الحق نصرة للبشر جميعا والله المستعان
هذا شيء قليل من البيان في الوجهات المذكورة إذ لا يسع هذا المختصر اكثر من ذلك. وهب ان الوساوس تتقحم على الحقائق وتغالط الأذهان بواهيات الشكوك في الاعجاز ببعض آحادها ولكن هل يمكن ذلك بالنظر إلى مجموعها. وهل يسوغ لذي الشعور ان يختلج في ذهنه الشك في اعجاز الكتاب الجامع بفضيلته لهذه الكرامات الباهرة وخروجه عن طوق البشر مطلقا وخصوصا في ذلك العصر وتلك الأحوال وهل يسمح عقله الا بأن يقول ( إن هو إلا وحي يوحى )
مخ ۱۶
الفصل الثاني في جمعه في مصحف واحد
لم يزل القرآن الكريم بحسب حكمة الوحي والتشريع والمصالح والمقتضيات المتجددة آنا فآنا يتدرج في نزوله نجوما (1) الآية والآيتان والأكثر والسورة. وكلما نزل شيء هفت اليه قلوب المسلمين وانشرحت له صدورهم وهبوا الى حفظه بأحسن الرغبة والشوق وأكمل الإقبال وأشد الارتياح. فتلقونه بالابتهاج وتلقوه بالاغتنام من تلاوة الرسول العظيم الصادع بأمر الله والمسارع إلى التبليغ والدعوة إلى الله وقرآنه. وتناوله حفظهم بما امتازت به العرب وعرفوا به من قوة الحافظة الفطرية وأثبتوه في قلوبهم كالنقش في الحجر. وكان شعار الإسلام وسمة المسلم حينئذ هو التجمل والتكمل بحفظ ما ينزل من القرآن الكريم. لكي يتبصر بحججه ويتنور بمعارفه وشرائعه وأخلاقه الفاضلة وتاريخه المجيد وحكمته الباهرة وأدبه العربي الفائق المعجز. فاتخذ المسلمون تلاوته لهم حجة الدعوة. ومعجز البلاغة. ولسان العبادة لله. ولهجة ذكره. وترجمان مناجاته. وأنيس الخلوة. وترويح النفس. ودرسا للكمال. وتمرينا في التهذيب. وسلما للترقي. وتدربا في التمدن. وآية الموعظة. وشعار الإسلام. ووسام الإيمان والتقدم في الفضيلة. واستمر المسلمون على ذلك حتى صاروا في زمان الرسول يعدون بالألوف وعشراتها ومئاتها. وكلهم من حملة القرآن وحفاظه (2) وإن تفاوتوا في ذلك بحسب
مخ ۱۷
السابقة والفضيلة .. هذا ولما كان وحيه لا ينقطع في حياة رسول الله (ص) لم يكن كله مجموعا في مصحف واحد وإن كان ما أوحي منه مجموعا في قلوب المسلمين وكتاباتهم له .. ولما اختار الله لرسوله دار الكرامة وانقطع الوحي بذلك فلا يرجى للقرآن نزول تتمة رأى المسلمون ان يسجلوه في مصحف جامع فجمعوا مادته على حين اشراف الألوف من حفاظه ورقابة مكتوباته الموجودة عند الرسول وكتاب الوحي وسائر المسلمين جملة وابعاضا وسورا (1) نعم لم يترتب على ترتيب نزوله ولم يقدم منسوخه على ناسخه (2) فاستمر القرآن الكريم على هذا الاحتفال العظيم بين المسلمين جيلا بعد جيل ترى له في كل آن الوفا مؤلفة من المصاحف والوفا من الحفاظ ولا تزال المصاحف ينسخ بعضها على بعض والمسلمون يقرأ بعضهم على بعض ويسمع بعضهم من بعض. تكون ألوف المصاحف رقيبة على الحفاظ ، وألوف الحفاظ رقباء على المصاحف وتكون الألوف من كلا القسمين رقيبة على المتجدد منهما ، نقول الألوف ولكنها مئات الألوف وألوف الألوف. فلم يتفق لأمر تاريخي من التواتر وبداهة البقاء مثل ما اتفق للقرآن الكريم كما وعد الله جلت آلاؤه بقوله في سورة الحجر ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) وقوله في سورة القيامة ( إن علينا جمعه وقرآنه ) ولئن سمعت في الروايات الشاذة شيئا في تحريف القرآن وضياع بعضه فلا تقم لتلك الروايات وزنا. وقل ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين وفيما جاءت به في مروياتها الواهية
مخ ۱۸
من الوهن. وما الصقته بكرامة القرآن مما ليس له شبه به واستمع من ذلك لأمور
اضطراب الروايات في جمع القرآن
(الأمر الأول) جاء فيها ان أبا بكر هو الذي أدى رأيه أولا الى جمع القرآن وهو الذي طلب من زيد بن ثابت جمعه فثقل ذلك عليه فلم يزل ابو بكر يراجعه حتى قبل. وجاء فيها ايضا ان زيدا هو الذي أدى رأيه أولا الى جمع القرآن وعزم عليه وكلم في ذلك عمر فكلم فيه عمر أبا بكر فاستشار ابو بكر في ذلك المسلمين. وجاء فيها ايضا ان أبا بكر هو الذي جمع القرآن فى أيامه. وجاء فيها ان عمر قتل ولم يجمع القرآن. وجاء فيها ان عثمان هو الذي جمع القرآن في أيامه بأمره. وجاء فيها ان عمر هو الذي أمر زيد بن ثابت وسعيد بن العاص لما أراد جمع القرآن أن يملي زيد ويكتب سعيد. وجاء فيها ان ذلك كان من عثمان في أيامه وبعد قتل عمر. وجاء في ذلك ايضا ان الذي يملي أبي بن كعب وزيد يكتبه وسعيد يعربه. وفي رواية أخرى ان سعيدا وعبد الله بن الحرث يعربانه : هذا بعض حال هذه الروايات في تعارضها واضطراباتها ، ومن جملة ما جاء فيها ما مضمونه ان براءة آخر ما نزل من القرآن فما ذا ترى لهذه الرواية من القيمة التاريخية. فانظر الى الجزء الأول من كنز العمال ومنتخبه اقلا
بعض ما الصق بكرامة القرآن الكريم
(الثاني) في الجزء الخامس من مسند احمد عن أبي بن كعب قال ان رسول الله (ص) قال ان الله أمرني ان اقرأ عليك القرآن قال فقرأ ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ) فقرأ فيها «لو ان ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه لسأل ثانيا فلو سأل ثانيا فأعطيه لسأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب وان ذلك الدين القيم عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيرا فلن يكفره». وفي رواية الحاكم في المستدرك ورواية غيره ايضا «ان ذات الدين عند الله الحنيفية لا المشركة» وفي رواية «غير المشركة» الى آخره وعن جامع الأصول لابن الأثير الجزري «ان الدين عند الله الحنيفية المسلمة لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية» وذكر في المسند ايضا بعد هذه الرواية عن أبي قال قال لي رسول الله (ص) ان الله أمرني ان اقرأ عليك فقرأ علي ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا
مخ ۱۹
مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ) إن الدين عند الله الحنيفية لا المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره قال شعبة ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ «لو ان لابن آدم واديين من مال لسأل واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب». قال ثم ختمها بما بقي منها انتهى. وهذه الروايات رواها ايضا ابو داود الطيالسي وسعيد بن منصور في سننه والحاكم في مستدركه كما في كنز العمال. وذكر في المسند ايضا عن أبي واقد الليثي قال كنا نأتي النبي (ص) إذا انزل عليه فيحدثنا فقال لنا ذات يوم ان الله عز وجل قال «إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون له ثان ولو كان له واديان لأحب أن يكون لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب انتهى. هب ان المعرفة والصدق لا يطالبان المحدثين «ولا نقول القصاص» ولا يسألانهم عن هذا الاضطراب الفاحش فيما يزعمون انه من القرآن ولا يسألانهم عن التمييز بين بلاغة القرآن وعلو شأنه فيها وبين انحطاط هذه الفقرات. ولكن أليس للمعرفة أن تسألهم عن الغلط في قولهم «لا المشركة» فهل يوصف الدين بأنه مشركة. وفي قولهم «الحنيفية المسلمة» وهل يوصف الدين او الحنيفية بأنه مسلمة وقولهم «ان ذات الدين» وفي قولهم «إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة» ما معنى إنزال المال. وما معنى كونه لإقام الصلاة. هذا واستمع لما يأتي ففي الجزء السادس من مسند احمد مسندا عن مسروق قال قلت لعائشة هل كان رسول الله يقول شيئا إذا دخل البيت قالت كان إذا دخل البيت مثل لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ فمه الا التراب وما جعلنا المال إلا لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ويتوب الله على من تاب. وفي الجزء السادس في اسناده عن جابر قال قال رسول الله (ص) لو ان لابن آدم واديا من مال لتمنى واديين ولو ان له واديين لتمنى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وباسناده ايضا قال سئل جابر هل قال رسول الله لو كان لابن آدم واد من نخل تمنى مثله حتى يتمنى أودية ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب انتهى. وهل تجد من الغريب او الممتنع في العادة ان يكون لابن آدم واد من مال أو من نخل. او ليس في بني آدم في كل زمان من ملك واديا من ذلك بل اودية. اذن فكيف يصح في الكلام المستقيم أن يقال لو كان لابن آدم. لو ان لابن آدم. او ليست لو للامتناع. باللعجب من الرواة لهذه الروايات ألم يكونوا عربا أو لهم إلمام باللغة العربية. نعم يرتفع هذا الاعتراض
مخ ۲۰
بما رواه أحمد في مسند ابن عباس لو كان لابن آدم واديان من ذهب وكذا ما يأتي من رواية الترمذي عن انس. وايضا إن تمنى الوادي والواديين والثلاث ليس بذنب يحتاج إلى التوبة إذن فما هو وجه المناسبة بتعقيب ذلك بجملة «ويتوب الله على من تاب» وإن شئت ان تستزيد مما في هذه الرواية من التدافع والاضطراب فاستمع إلى ما رواه الحاكم في المستدرك ان أبا موسى الأشعري قال كنا نقرأ سورة نشبهها بالطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير اني حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وذكر في الدر المنثور انه أخرجه جماعة عن أبي موسى. وأضف إلى ذلك في التدافع والتناقض ما أسنده في الإتقان عن أبي موسى ايضا قال نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها ان الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو ان لابن آدم واديين لتمنى إلى آخره. وأسند الترمذي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص) لو كان لابن آدم واد من ذهب لأحب ان يكون له ثان ولا يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب. وها أنت ترى روايات عائشة وجابر وانس وابن عباس تجعل حديث الوادي والواديين من قول رسول الله وتمثله. فهي بسوقها تنفي كونه من القرآن الكريم. ومع ذلك فقد نسبت إلى كلام الرسول (ص) ما يأتي فيه بعض من الاعتراضات المتقدمة مما يجب ان ينزه عنه ودع عنك الاضطراب الذي يدع الرواية مهزلة.
(الأمر الثالث) ومما الصقوه بكرامة القرآن المجيد قولهم في الرواية عن زيد بن ثابت كنا نقرأ آية الرجم «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة» وفي الرواية عن ذر عن أبي ان سورة الأحزاب كانت تضاهي سورة البقرة او هي أطول منها وان فيها أو في أواخرها آية للرجم وهي «الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» وفي رواية السياري من الشيعة عن أبي عبد الله بزيادة قوله بما قضيا من الشهوة. وفي رواية الموطأ والمستدرك ومسدد وابن سعد عن عمر كما سيأتي «الشيخ والشيخة فارجموهما البتة» وفي رواية أبي امامة ابن سهل ان خالته قالت لقد أقرأنا رسول الله (ص) آية الرجم «الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة» ونحو ذلك رواية سعد بن عبد الله وسليمان بن خالد من الشيعة عن أبي عبد الله (ع). ويا للعجب كيف رضي هؤلاء المحدثون لمجد القرآن وكرامته ان يلقى هذا الحكم الشديد على الشيخ والشيخة بدون ان يذكر السبب وهو زناهما اقلا فضلا عن شرط
مخ ۲۱