119

(114) وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون (115) بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (116) وقال الذين لا يعلمون لو لا يكلمنا الله

كان نزولها قبل تحويل القبلة الى الكعبة فهي مخصصة من أول نزولها بالتوجه في الفريضة الى جهة خاصة وكانت إذ ذاك جهة بيت المقدس لأن صلاة الرسول إليها كان من أول وروده الى المدينة : وما عشت أراك الدهر عجبا : فقد نشأ في بدع قوم في عصورنا يمنعون ويضربون من يتوجه في مسجد الرسول الأكرم عند دعائه واستشفاعه بالرسول الى جهة قبره الشريف في ناحية المشرق كأن الله لم ينزل الآية المتقدمة ولم يعرفوا من العادة ان المستشفع يقدم شفيعه بين يديه. ويحكم الله وهو خير الحاكمين 114 ( وقالوا اتخذ الله ولدا ) والقائل بذلك النصارى بل وغيرهم ممن أخذوا عنه كاليونان وغيرهم والبراهمة والبوذيين إذ جعلوا زعماء ديانتهم آلهة مولودين من الله ( سبحانه ) تنزيها وتعظيما له عن ذلك ( بل له ما في السماوات والأرض ) والكل سواء في انهم مخلوقون لله ولله وملكه ( كل له قانتون ) ذكروا من معاني القنوت الخشوع والطاعة أي خاشعون او مطيعون بالانقياد لخالقيته وقدرته وإلهيته فأين الولدية والإلهية من المخلوق وجاء قانتون بالجمع المذكر السالم تغليبا 115 ( بديع ) مبالغة في مبدع أي منشئ ومخترع ( السماوات والأرض ) لا باحتذاء مثال قبلها ( وإذا قضى أمرا ) أي خلق وصنع كقوله تعالى في سورة فصلت ( فقضاهن سبع سماوات في يومين ) وقول أبي ذويب

«وعليهما مسرودتان قضاهما

داود او صنع السوابغ تبع»

والأمر الشيء او الحادث ( فإنما يقول له كن ) أي لا يحتاج الى تمهيد مقدمات ومعدات يحتاج إليها وجوده ويمتنع بدونها. بل الأشياء طوع ارادته يريد فيكون وقوله تعالى ( يقول له كن ) إنما هو كناية عن ارادته بما يظهر به الناس إرادتهم وهو أمرهم ( فيكون ) تفريع على ( يقول ) وليس جزاء لقوله تعالى ( كن ) لأن الكون بعد الفاء هو نفس الكون المأمور به لأجزائه المترتب عليه وتوهم انه جزاء لذات الطلب او للكون مع الطلب مدفوع بأنه لو صح لوجب أن ينصب قوله تعالى ( فيكون ) 116 ( وقال الذين لا يعلمون ) بمواقع حكمة الله وحجته ودلالة آياته ( لو لا يكلمنا الله ) لو لا هنا بمعنى هلا للعرض والطلب والمراد تكليمه لهم بخصوصهم

مخ ۱۲۰