وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا
قوله تعالى ( وما يعلمان من أحد حتى ) ينذراه و ( يقولا إنما نحن ) من جهة ( فتنة ) وابتلاء وامتحان نعلم الناس لغاية صحيحة ( فلا تكفر ) وتستعمل ما نعلمه في غايات الضلال ( فيتعلمون ) أي الناس ( منهما ) من هاروت وماروت ( ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) والمراد من الاذن عدم ابطال الله لأثر السحر أي ليس أثر السحر أمر لازم لا يقدر الله على رفعه ولكن لم يبطله بل خلى بينه وبين الناس في سوء اختيارهم كما خلى بينهم وبين سائر المعاصي وانواع الظلم لحكمة قدرها في العالم ( ويتعلمون ) من السحر ( ما يضرهم ولا ينفعهم ) إذ لا يستعملونه في ابطال سحر السحرة ودفع كيدهم. روى القمي في تفسيره ان الباقر (ع) سأله عطا بمكة عن هاروت وماروت فذكر من أمرهما في المعصية نحو ما يذكر الجمهور عن ابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار كما تراه مجموعا في الدر المنثور وفيما ذكرنا روايته عن الرضا (ع) نحو معارضة لما روي عن الباقر عليه السلام وروايه عن الباقر محمد بن قيس وهو مشترك بين الضعيف وغيره ويمكن أن يكون الباقر (ع) بحسب حال الوقت وعطا حكى له ما يروونه عن ابن عمر وابن عباس وكعب من دون ما يشعر بتصديقه. والشيخ في التبيان لم يشر الى هذه الرواية ويبعد أن يكون لم يطلع عليها. والقول بكونها منافية لعصمة الملائكة يمكن دفعه بأن يقال بأن المسلم من عصمتهم هو ما داموا مجردين عن الشهوة والحرص لا ما إذا جعلا فيهم كما تقوله الرواية والله العالم بحقيقة الحال ( ولقد علموا ) اللام للقسم والجملة التي بعدها جوابه ( لمن اشتراه ) اللام للابتداء و «من» مبتدأ والضمير يعود الى السحر وما تتلوه الشياطين. وعبر عن اتباعه وتعلمه بالشراء اشارة الى انهم بذلوا بإزائه وبدلا عنه دينهم وآخرتهم فمن اتبعه واشتراه ( ما له في الآخرة من خلاق ) أي نصيب وذلك هو الخسران المبين وجملة «ماله» خير «لمن» والجملة من المبتدأ والخبر معمولة «لعلموا» لأن الأصل في افعال القلوب أن تتعلق في العمل بالنسب الموجودة في الجمل ( ولبئس ما شروا )
مخ ۱۱۲