29

الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

وتبعه الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال: " حسن بمجموع طرقه " (١)، وقال في لسان الميزان: "وهذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع " (٢). وإنما قال ذلك لأنه: " اعتبر كثرة الطرق دليلًا على حسنه، وإن لم تسلم واحدة منها من الطعن " (٣). فالفرق بين منهجية النقد عند المتأخرين تختلف كثيرًا عنها عند المتقدمين وأكثر ما يوضح هذا الفارق هو مبحث (زيادة الثقة)، إذ كم من أحاديث مرفوعة ردّها المتقدمون لكون المحفوظ (موقوفًا) أو (مرسلًا)، أو غيرها من العلل رغم أنَّ الزائد ثقة، ثم يأتي بعدهم المتأخرون ليصححوا مثل ذلك اعتمادًا على صحة السند وأن الزائد قد حفظ والحافظ حجة على من لم يحفظ؟ فعكسوا ميزان النقد، وتحول فيما بعد معيار صحة الحديث وعدمه هو اتصال السند، بنقل العدول الضابطين، أمّا (من غير شذوذ) فكان نصيبه خمطًا، إذ الشاذ قد يكون اسمًا بلا مسمى!؟، فالبعض زعم أنّ الأئمة قد سووا بين الشاذ والفرد المطلق؟، فيلزم أن يكون في الشاذ الصحيح وغير الصحيح، وبعضهم خصصه فأطلقه على تفرد الثقة وهذا يلزم أن يكون في الصحيح الشاذ وغير الشاذ (٤)؟! وهذا يعني أنّ قول الناقد: "شاذ " قد يريد به الحديث الصحيح الفرد الذي لا يتابع!،وهو قول مردود كما بينه الحافظ ابن حجر، كما سيأتي. ثم جاءت بعض النصوص التي فصلت الإسناد عن المتن، فقد يصح الحديث سندًا ولا يصح متنًا ثم تطلق عبارة التصحيح هكذا (إسناده صحيح، ورجاله ثقات)، فتعكّز عليها بعض المتأخرين، وخاصة من المعاصرين ليصححوا مئات، بل آلاف الأحاديث المعلولة تحت هذا الغطاء:" إسناده صحيح ". بل كم تعكزّ بعض المعاصرين على عبارات الأئمة من المتأخرين الذين فصلوا

(١) نقلًا عن الأسرار المرفوعة- الموضوعات الكبرى -، القاري ص١١٨، وكشف الخفاء، العجلوني ١/ ٢٣٥. (٢) لسان الميزان ٢/ ١٢٢ (٥١٣). (٣) الدميني، نقد متون السنة ص١٦٧. (٤) انظر النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٥٢، وانظر ص ٨٦ من هذا الكتاب.

1 / 35