الفَصْلُ الثَّانِي: نَشْأَةُ السَّبْرِ، وَصُوَرُهُ، والمُصَنَّفَاتُ المُتَعَلِّقَةُ بِهِ:
المَبْحَثُ الأَوَّلُ: نَشْأَةُ السَّبْرِ وَتَطَوُّرُهُ عَبْرَ القُرُونِ:
إذَا أردْنَا أنْ نؤرِّخَ لنشأةِ السَّبرِ، ونتكلَّمَ عنْ مراحلِ تطوُّرِهِ، لا بدَّ منَ الحديثِ عنْ نشأةِ كُلٍ منَ «الإسنادِ»، و«العلَّةِ»، و«الجرحِ والتَّعديلِ»، لأنَّهما - أي: الجرحُ والتَّعديلُ، والعلَّةُ - غرضانَ منْ أغراضِ السَّبرِ، والإسنادُ أداتُهُ.
فالسَّبرُ هو المرحلةُ التي تلي نشأَةَ الإسنادِ وتسبِقُ أو تتزامنُ مع نشوءِ «العلَّةِ» و«الجرحِ والتعديلِ»، وهوَ ما يُعبَّرُ عنْهُ ب «تسارُعِ وتزامُنِ تطوُّرِ المنهَجِ النَّقدِيِّ عندَ المحدِّثينَ».
نشأَ السَّبرُ بنشأَةِ الرِّوايَةِ للحديثِ النَّبوِيِّ الشَّريفِ، لكنَّ أغراضَ السَّبرِ كانتْ تختلفُ منْ قرنٍ إلى آخرَ، تبعًا لتطوُّرِ الإسنادِ والرِّوايَةِ.
* * *