Al-Qisas Al-Qurani - Yasser Burhami
القصص القرآني - ياسر برهامي
ژانرونه
أهمية قصة أصحاب الأخدود
فسنتكلم عن قصة من قصص القرآن العظيم، وعن قصة طائفة من المؤمنين، اشتراهم الله ﷾ بما سلط عليهم من العدو، وكانت نهاية المطاف في هذه الدنيا فيما يبدو للناس انتصار الكفر، لكن بين القرآن حقيقة الأمر، وأن الخاسرين في الحقيقة هم الكفرة المعتدون، وأن المؤمنين قد فازوا أعظم الفوز.
فهذه القصة من القصص التي رسخت للصحابة رضوان الله ﵎ عليهم موازين الإيمان، ورسخت عندهم لزوم العمل بطاعة الله ﷿ مهما كانت النتائج ومهما كانت الابتلاءات، ورسخت عندهم أن الدعوة إلى الله ﷿ غايتها أن يؤمن الناس، وهذه هي المصلحة العظمى التي من أجلها يضحى بالروح والمال، سواء وقع التمكين أم لم يقع، وليس على الدعاة أن يمكِّن الله ي الأرض، فربما يكون قدرهم أن يظلوا في الابتلاء ما شاء الله ﷿، أو أن تكون دعوتهم نهايتها أن يقتلوا في سبيل الله ﷿ شهداء، لكن ليس ذلك نهاية الدعوة ككل، وليس ذلك آخر المطاف في الصراع بين الحق والباطل جملة، لكن وإنما هي جولة من جولات الصراع، ويمكن أن تكون هذه نتيجتها، وبقدر الله أن بعض هؤلاء الدعاة والمؤمنين لا يرونبأعينهم ثمرة جهدهم ودعوتهم، لكن يراها من بعدهم، ويظل هؤلاء الدعاة نجومًا يقتدى بها في هذا الطريق.
هذه القصة العظيمة التي ذكرت في كتاب الله ﷿ في سورة البروج، وذكرها النبي ﷺ لأصحابه مفصلةً بسياق رائع بديع، فيهامن الفوائد ما لا نحصيه، وما علمنا منه هو جزء يسير مما لم نطلع عليه، ومع كثرة التأمل يزداد العبد رسوخًا في فهم هذه القصة، وما دلت عليه، وما يستفاد منها في الدعوة إلى الله ﷿.
ولا شك أن أوقات الابتلاء، وأوقات تسلط الأعداء على المسلمين، يحتاج المؤمنون عمومًا والدعاة إلى الله خصوصًا إلى التأمل فيها؛ لكي يستضيئوا بنورها في ظلمات الجهل والظلم التي تملأ العالم من حولهم؛ لكي يظلوا ثابتين على طريقهم مهما كانت المقدمات والنتائج، فليس عليهم إلا أن يؤمنوا بالله، ويسيروا في طريقهم الذي قدره الله ﷾ لهم.
5 / 2