Fiqh Theories
النظريات الفقهية
خپرندوی
دار القلم والدار الشامية
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۴ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
وإن كل عقد من العقود له موضوع شرع من أجله، وهذا الموضوع هو الغاية والمقصد الذي شرع العقد له، وهذا الموضوع واحد في جميع العقود التي هي من نوع واحد، مثل نقل ملكية المبيع في جميع عقود البيع التي تجرى بين الناس، ولكن الموضوع يختلف باختلاف نوع العقد، فالغاية من عقود البيع تختلف عن الغاية من عقود الإِجارة، وتختلف عن الغاية من عقود الرهن، وتختلف عن الغاية من عقود الزواج، وهذا الموضوع هو حكم العقد باصطلاح الفقهاء، أي هو الأثر الذي يترتب على العقد، وما يرافقه من حقوق والتزامات ونتائج وآثار فرعية، ويطلق عليها أحكام العقد.
وإن أحكام العقد وآثاره تترتب على العقد بحكم الشارع ووضعه، وليس بإرادة العاقد(١)، لأن العاقد ينشىء العقد فقط، ولكنه لا ينشىء الآثار، وتنحصر إرادته في تكوين العقد وإيجاده، دون أن تتعدى إلى إعطاء الأحكام وإنشاء الآثار، لأن الأحكام والآثار من عمل الشارع، وهذا ما يعبر عنه الفقهاء في العقود: ((إنها أسباب جَعْلية لا شرعية)) أي أن آثار العقد ليست مبنية على الإِرادة الحرة للعاقد، بل إن الشارع الحكيم جعل الأحكام والآثار مترتبة على العقود(٢).
والحكمة من جعل آثار العقد وأحكامه من قبل الشارع هي إقامة العدالة بين الناس، وتحقيق التوازن بين الأطراف، وصون المعاملات عن الفساد، ومنع الغرر في التعامل، وحسم النزاع والخلاف بين الناس(٣).
(١) وهذا بخلاف القانون الذي يعتبر أن الإرادة هي المؤثر الأول في آثار العقد، وإيجاد الالتزامات التي تنشأ عنه، بناء على القاعدة المشهورة: ((العقد شريعة المتعاقدين))، وانظر: الملكية ونظرية العقد، أبو زهرة ص ٢١٦، مختصر أحكام المعاملات الشرعية، الخفيف ص ٨٧، نظرية الشروط المقترنة بالعقد، شعبان ص ١٤، المدخل الفقهي العام، الزرقا ٤١٣/١.
(٢) الملكية ونظرية العقد، أبو زهرة ص ٢١٦ - ٢١٧.
(٣) الملكية ونظرية العقد ص ٢١٩ - ٢٢٠، نظرية الشروط المقترنة بالعقد ص ١٧، وانظر بحثا طريفاً عن الأسباب والمسببات في كتاب الموافقات، للشاطبي ١٢٦/١ وما بعدها، ١٤٣ وما بعدها.
78