============================================================
متالات البلخى لهم القول بأن الله هداهم؛ لأن ذلك يوهم أنهم قد اهتذوا وآمنوا، ولكن يقال كما قال الله: هداهم فلم يهتدوا، ووفقهم فلم يتوفقوا، وعصمهم فلم يعتصموا.
وقالوا بمثل هذا في قول الله للمؤمنين: ( فلؤلا فضل الله عليكم ورحسته لكنشرمن المخلسرين ) (البقرة: 64)، أنه جل ذكره قد يفضل على الكافرين في الابتداء قبل أن يكون منهم كفر بما يفضل به على المؤمنين قبل أن يكون منهم ايمان؛ مما فيه إزاحة لعلتهم وقطع لقدرهم وترغيث لهم في الطاعة وتعريض للثواب الدائم؛ لأنهم جميعا قبل الإيمان والكفر لم يكن منهم فعل يستحقون به شيئا من الأسماء، والله لا هوادة بينه وبين أحد من خلقه، فلم يجز في حكمته ورحمته إلا أن يسوي بينهم، ثم لما آمن(1) المؤمنون استحقوا بإيمانهم من لطف الله وتأييده إياهم ما لا يعلم مقداره إلا الله جل ذكره، قالوا: وليس يجب بقول الله للمؤمنين: قلؤلا فضل الله عليݣم ورحمته، لكنتر ين الخيسرين [البقرة:64)، ما توهمته المجبرة من أنه لم يتفضل على الكافرين، وقالوا: لأنا قد نجد في الشاهد أن سيدا لو أعطى عبدين له كل واحد منهما مائة ألف دينار وأمرهما بأن يثمرا ذلك ويتجرا فيه وينتفعا بربحه، فقصد إحداهما(2) وأطاع سيده وثمر ذلك المال وكثره وانتفع به، وقصد الآخر إلى ما أعطاة سيده فبذره وأفسده وبقي فقيرا لا شيء في يده ، لجاز أن يقول الناسن للذي أطاع وربح وانتفع: إنه لولا فضل سيده عليه لكان فقيرا، ثم كان لا يجب [إلا] بهدى، ومن أجله أن يكون الشيدقد أعطى العبد الآخر مثل ما أعطاة، بل قد أعطاء فلم ينتفغ بما أعطي، ولم يجز أن يقال له مثل ما قيل للآخر من أنه لولا فضل سيده عليه لكان فقيرا لتركه الانتفاع بما أعطي وإفساده إياه، لأن السيد لم يعطه ما أعطى الآخر.
(1) في الأصل: آمن آمن، ولعله مكرر.
(2) في الأصل: إحداهما.
مخ ۳۵۰