Al-Kharaj
الخراج
پوهندوی
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
خپرندوی
المكتبة الأزهرية للتراث
د ایډیشن شمېره
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
د چاپ کال
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ تَزُولَ غَدًا قَدَمَا عَبْدٍ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ﵎ إِلا مِنْ بَعْدِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ قَالَ ﷺ: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَن أَربع: عَن علمه مَا عَمِلَ فِيهِ،. وَعَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَ أَبْلاهُ"؟ فَاعْدِدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمَسْأَلَةِ جَوَابَهَا فَإِنَّ مَا عَمِلْتَ فَأَثْبَتَّ فَهُوَ عَلَيْكَ غَدًا يُقْرَأُ، فَاذْكُرْ كَشْفَ قِنَاعِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ فِي مَجْمَعِ الأَشْهَادِ.
وَإِنِّي أُوصِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِحِفْظِ مَا اسْتَحْفَظَكَ اللَّهُ وَرِعَايَةِ مَا اسْتَرْعَاكَ اللَّهُ، وَأَنْ لَا تَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إِلا إِلَيْهِ وَلَهُ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَفْعَلْ تَتَوَعَّرُ عَلَيْكَ سُهُولَةُ الْهُدَى، وَتَعْمَى فِي عَيْنِكَ وَتَتَعَفَّى رُسُومُهُ وَيَضِيقُ عَلَيْكَ رَحْبُهُ وَتُنْكِرُ مِنْهُ مَا تَعْرِفُ وَتَعْرِفُ مِنْهُ مَا تُنْكِرُ؛ فَخَاصِمْ نَفْسَكَ خُصُومَةَ مَنْ يُرِيدُ الْفَلَجَ١ لَهَا لَا عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ الرَّاعِيَ الْمُضَيِّعَ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ عَلَى يَدَيْهِ مِمَّا لَوْ شَاءَ رَدَّهُ عَنْ أَمَاكِنِ الْهَلَكَةِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأَوْرَدَهُ أَمَاكِنَ الْحَيَاةِ وَالنَّجَاةِ؛ فَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ أَضَاعَهُ وَإِنْ تَشَاغَلَ بِغَيْرِهِ كَانَتِ الْهَلَكَةُ عَلَيْهِ أَسْرَعُ وَبِهِ أَضَرُّ، وَإِذَا أَصْلَحَ كَانَ أَسْعَدَ مَنْ هُنَالِكَ بِذَلِكَ وَوَفَّاهُ اللَّهُ أَضْعَافَ مَا وَفَّى لَهُ.
فَاحْذَرْ أَنْ تُضَيِّعَ رَعِيَّتَكَ فَيَسْتَوْفِي رَبُّهَا حَقَّهَا مِنْكَ وَيُضَيِّعُكَ -بِمَا أَضَعْتَ- أَجْرَكَ وَإِنَّمَا يُدْعَمُ الْبُنْيَانُ قَبْلَ أَنْ يَنْهَدِمَ.
وَإِنَّمَا لَكَ مِنْ عَمَلِكَ مَا عَمِلْتَ فِيمَنْ وَلاكَ اللَّهُ أَمْرَهُ وَعَلَيْكَ مَا ضَيَّعْتَ مِنْهُ؛ فَلا تَنْسَ الْقِيَامَ بِأَمْرِ مَنْ ولاك أَمْرَهُ فَلَسْتَ تُنْسَى. وَلا تَغْفَلْ عَنْهُمْ وَعَمَّا يُصْلِحُهُمْ فَلَيْسَ يُغْفَلُ عَنْكَ. وَلا يَضِيعُ حَظُّكَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ والليالي كَثْرَة تَحْرِيم لِسَانِكَ فِي نَفْسِكَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَسْبِيحًا وَتَهْلِيلا وَتَحْمِيدًا وَالصَّلاةِ عَلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَإِمَامِ الْهُدَى ﷺ.
وَإِنَّ اللَّهَ بِمَنِّهِ وَرَحْمَتِهِ جَعَلَ وُلاةَ الأَمْرِ خُلَفَاءَ فِي أَرْضِهِ، وَجَعَلَ لَهُم نورا يضيء لِلرَّعِيَّةِ مَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الأُمُورِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيُبَيِّنُ مَا اشْتَبَهَ مِنَ الْحُقُوقِ عَلَيْهِمْ. وَإِضَاءَةُ نُورِ وُلاةِ الأَمْرِ إِقَامَةُ الْحُدُودِ وَرَدُّ الْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا بِالتَّثَبُّتِ وَالأَمْرِ الْبَيِّنِ وَإِحْيَاءِ السُّنَنِ الَّتِي سَنَّهَا الْقَوْمُ الصَّالِحُونَ أَعْظَمُ مَوْقِعًا، فَإِنَّ إِحْيَاءَ السُّنَنِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي يَحْيَا وَلا يَمُوتُ. وَجَوْرُ الرَّاعِي هَلاكٌ لِلرَّعِيَّةِ، وَاسْتِعَانَتُهُ بِغَيْرِ أهل الشقة وَالْخَيْرِ هَلاكٌ لِلْعَامَّةِ. فَاسْتَتِمَّ مَا آتَاكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النِّعَمِ بِحُسْنِ مُجَاوَرَتِهَا، وَالْتَمِسِ الزِّيَادَةَ فِيهَا بِالشُّكْرِ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ ﵎ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفرْتُمْ إِن عَذَابي
_________
١ أَي الظفر.
1 / 15