وما دام الغزالي لم يرجع عن شكه «بنظم دليل وترتيب» كما قال، فمن العبث أن نستعين بالعقل والمنطق لنخرج من ظلمات الشكوك. وهذا ما يناقض كل ما فعله ديكارت للخروج من شكوكه، وكذلك كان الغزالي سببا لخمود الفلسفة في الشرق كما كان «ديكارت» سببا لنهوضها في الغرب.
أسلوب ديكارت
لم ير ديكارت من الحكمة أن يخرج على ما في بلاده من عادات وقوانين، بل رأى من الخير أن يحافظ على الدين الذي نشأ عليه، وأن يسير على أكثر الأمور قبولا واعتدالا عند أهل عصره، حتى يتمكن من وضع مذهبه في طمأنينة وسكون.
ويقول بول جانيه
: إن ديكارت حين اقتنع بعدم كفاية العلوم المعروفة لعصره لم يركن إلى الارتياب كما فعل مونتيني
Montaigne
بل رأى من الواجب أن يبني صرح العلم على أساس جديد. وكذلك يمكن أن نقول إن الغزالي انهزم أمام شكوكه، ولكنه لم يركن إلى الارتياب كما فعل مونتيني، ولم يفكر في وضع العلم على أساس جديد كما فعل ديكارت، ولكنه انتظر هداية الله، والله يهدي من يشاء.
وأول ما يبدأ به «ديكارت» هو الدعوة إلى نبذ الكتب وتحكيم العقل، لأنه يرى أن المؤلفات التي تنطوي على مختلف الآراء، ليست أقرب إلى الحقيقة من التعقلات البسيطة التي يقوم بها رجل سليم الذوق، وقد لمس الأشياء بيديه. والمهم عنده أن تحسن التفكير، لا أن تعرف كيف فكر الناس. والبناء الذي قام به مهندس واحد خير عنده من البناء الذي يقوم به عدد من المهندسين، فإن وحدة الذوق من موجبات الجمال.
ويرى «ديكارت» أنه لوضع فلسفة جديدة، يجب أن يوضع أسلوب جديد. والأسلوب المختار لديه هو الأسلوب الرياضي، لأنه يعصم الفكر عن الخطأ والضلال.
وقد وضع لأسلوبه هذه القواعد الأربع:
ناپیژندل شوی مخ