91...
الفتنة السادسة فتنة أهل المدينة مع اليمن، التي غدت حكاية في
جبهة الزمن
وذلك أنه لما فعله سرور من عظيم المفاسد الشرور، ولم يكتف بما فعله أهل المدينة من غدوة بالرجال، حتى كمل ضلاله بوضع اليمن في هاتيك المحال، فأحلهم قلعة السلطان يسكنوها بتمليكهم، فكانوا على الحالين أفجر من مليكهم، أشذاذا (1) على الأمة، غلاظ لا يرقبوا فيهم إلا ولا ذمة، بل يرسلون عليهم من نار البغى شوانها وترابطوا على المعصية والعدوان، واستبقوا وانتظموا في سلك الطغيان واتسقوا، وسقوا الأمة من ماء البلايا حميما، وجرفوهم على جرف هار المهانة والرزايا فقطع لهم صميما، فمن جملة أخبارهم وأحوالهم القبيحة وأثارهم، أنهم إذا مر عليهم أو رأوا أحدا من علماء الإسلام والإيمان قالوا هذا من القسسيين والرهبان، أو عباد الأصنام والأوثان وكانوا لا يسمون المدنى إلا يهودى أو نصراني أو وثني، وإذا أراد أحد يبتاع شيئا من طرف السوق يأتى بالدراهم الزائفة التي لا رسم عليها ولا عروق، فإن ردها تسبب في أذية نفسه، وإن كظم غيظه وأخذها فقد استضر بفلسه، وهذا رأيهم أبدا، ويعطى فعالهم أمرا فضجت الناس إلى الله برفع الباس فناداهم لسان الحال، قد آن لكم انحلال عقد الأحوال وقلت:
وما هي إلا شدة وستنقضي ... ويبدو مجيئ النقص عند تمامها
وقيل:
إذا تم أمر بدا نقصه ... توقع زوالا إذا قيل تم
مخ ۹۱