84...
الفتنة الخامسة سنة 1194 أربع وتسعين بعد المائة والألف فتنة
الشريف سرور، وما أحدثه في المدينة من الشرور
وسبب ذلك: ما قدمناه من قصة القمقمجى ومعاضدته له، ولما جاء الأمر من الدولة العلية بعزله وأتى به محمد الباشا إليه مغلولا في القيود جلس عنده مدة، ثم أذن له في المجيئ إلى المجينة المنورة وأسر إليه أنه يأتى لنصرته، ولكن حرض عليه في أن لا يحدث شيأ ما، ولا يتعرض وأن تعرض له، فجاء إلى العوالى وأرسل إلى حكام المدينة يستفتحهم في النزول إليها فاتفقوا على أن ينزلوه، ولكن يشرطوا عليه عدم التعرض لشيئ ما، وحرضوا عليه في لزوم حجة وحفظ لسانه، ثم في ليلة السبت سنة في محرم افتتاح سنة 1190 ألف ومائة وتسعين توفى الكتخذا محمد فلبلى ونصب بدله كتخذا القلعة أبو بكر حلبى، واستمرت الأحوال رائقة، والمدينة ببهجتها على سائر المحاسن فائقة أكثر من أربع سنين إلى أن كان يوم خمسة في رجب سنة 1194 ألف ومائة وأربع وتسعين فما فطنوا إلا الشريف سرور، قد وصل إلى المدينة فجأة وهم على غرور بخيله ورجاله، وعدته آلات قتاله، فخرجوا إليه ملاقين، وللعفو طالبين إلى أن نزل العنبرية، فمكث بها ثلاثة أيام سوية، ليفرغوا له بيوت الواجهة البرانية، وأنزل عرضية المناخية السلطانية، وهو مطوى على قبح النية وسوء الطوية، فما كن بأسرع من أن دهش الناس، وكاد أن يقع بهم البأس، ثم اجتمعوا جمعية، وأتوا إليه في الحجرة الشريفة المرضية، ووقعوا في مراحمه وعرضه، بأن يسمح عنهم ويحقن الدماء بعد أن قيلوا بين أره وقالوا له بصريح الكلام أن من كان معاد بك يعنى الفلبلى قد ذاق الحمام، وصار في الثرى رمام، فقال لهم: عفى الله عما مضى وتجاوز عنكم ما سلف وانقضى، فخرجوا من عنده فرحين بالعفو مسرورين،...
مخ ۸۴