احمد عرابي زعيم مفتری علیه
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
ژانرونه
وما نظننا بحاجة بعد هذا الذي يذكره بلنت إلى الرد على الذين يرون أن تمسك النواب بنظر الميزانية هو سبب ما منيت به البلاد من التدخل الأجنبي ...
ولما وجد النواب شريفا يميل إلى موافقة الدولتين، سار وفد منهم إلى الخديو فطلبوا عزله، وتعيين رئيس للوزارة يستطيع أن يسير مع نواب البلاد في سياستهم.
وسقطت وزارة شريف في اليوم الثاني من فبراير سنة 1882. ويرى بلنت أن من عوامل سقوطها كذلك تهديد كلفن بالتدخل العاجل، وحلت محلها وزارة البارودي بعد ثلاثة أيام، وهي الوزارة التي سوف تعرف باسم وزارة الثورة ...
غضبة جديدة
ذكرنا أنه كان من نتائج تلك المذكرة المشؤومة اتحاد الوطنيين والعسكريين، ونذكر الآن أن عرابيا ما لبث أن اتجهت إليه أنظار الجميع على نحو ما حدث قبل يوم عابدين، ورأى الوطنيون أنه الرجل الذي يجب أن يحرصوا على معونته لا لأن الجيش من ورائه، بل لأن الأمة المصرية لا تذكر غيره ولا تتجه عند الخوف إلى سواه ...
وتأهب عرابي ليخطو في تاريخ هذا البلد خطوة جديدة، وقد تآمرت الثعالب وبنات آوى على اقتناصه هذا التآمر الوضيع ...
ولقد أحس مالت بما كان للمذكرة من أثر في عودة عرابي إلى طليعة الصفوف؛ فأوفد إليه في مكتبه بوزارة الحربية صديقه بلنت، وكان يطمع في أن يكسب عرابيا إلى جانبه أو على الأقل كان يتمنى أن يهدئ خاطره لتفطنه إلى ما يكون لصنيعه هذا من عظيم الأثر في ذلك الموقف العصيب الذي سببته رعونة جمبتا وصاحبه ...
يقول بلنت: «ذهبت بناء على ذلك إلى قصر النيل ظهر يوم 9، وكان نص المذكرة قد وصل يوم 8، ووجدت عرابيا وحده في مكتبه، وكان غاضبا، وهذه هي المرة الأولى والمرة الوحيدة التي رأيته فيها كذلك ... وكان وجهه كالسحابة الراعدة، وتألقت عيناه ببريق خاص، وكان قد اطلع على نص المذكرة وإن لم تكن قد نشرت بعد، فإنها حتى ذلك الوقت كانت أرسلت بالبرق فحسب، وسألته كيف فهمها؟ فأجابني قائلا: بل أخبرني كيف فهمتها أنت ؟» وعندئذ أفضيت إليه برسالتي فقال: «لابد أن السير إدوارد مالت يظن أننا أطفال لا ندرك معنى الكلمات ... إنها قبل كل شيء لغة تهديد فليس في هذه الإدارة كاتب يستعمل هذه العبارات لمثل هذا المعنى.» وألمح إلى تلك الإشارة للأعيان التي جاءت في الفقرة الأولى من المذكرة قائلا: إن هذا تهديد لحريتنا، ومضى يقول: إن إعلان اتحاد إنجلترا وفرنسا في السياسة معناه أن إنجلترا سوف تغزو مصر كما غزت فرنسا تونس ... ألا فلتدعهم يحضرون، إن كل رجل وكل طفل في مصر سوف يحاربهم ... إنه مما يتنافى مع مبادئنا أن نبدأ بالعدوان فنضرب الضربة الأولى، ولكننا نعرف كيف نردها ... ثم قال عما جاء بصدد الدفاع عن العرش: «إن العرش إذا كان ثمة من عرش هو عرش السلطان، وليس الخديو بحاجة إلى حماية أجنبية ... إنك تستطيع أن تخبرني بما تشاء، ولكني أفهم معنى الكلمات خيرا مما يفهم السير إدوارد مالت ...
وفي الحق أن كلام مالت كان هراء، وقد أحسست أني أحمق بين يدي عرابي، وشعرت بالخجل أن سمحت لنفسي أن أكون حامل هذا اللغو إليه، ولكني أكدت له أني أديت الرسالة كما حملنيها إليه السير إدوارد، وقلت له: إنه يطلب إليك أن تصدقها، وأنا أطلب إليك أن تصدقه.
وعند انصرافي عاد إليه شيء من الهدوء، وأمسك بذراعي وهو يشيعني إلى أسفل البناء، وقد دعاني إلى أن أظل على مودته فأزوره في منزله كما كنت أفعل، فقلت: إني سوف أحضر حين تكون لدي أنباء طيبة لك فحسب، وكنت أقصد بذلك القول أن ألمح له إلى ما كنا نرجوه من تفسير للمذكرة، أبرق مالت يستأذن في أن يتقدم به ...
ناپیژندل شوی مخ