احمد عرابي زعيم مفتری علیه
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
ژانرونه
واشتد غضب رياض لمطالبة الثائرين بعزل عثمان رفقي؛ فقد رأى في هذا الطلب نوعا من التمرد الجريء؛ إذ ما دخل الجيش في سياسة الحكومة حتى يطالب بعزل وزير من الوزراء، وكانت الحكومة لا ريب محقة في هذا الغضب، ولكنها لم تسلك إزاء هذه الحركة ما كانت تقتضيه السياسة الرشيدة، فكان عليها أن تنظر في مطالب الجيش فتجيب منها ما يزيل أسباب الشكوى، ثم تقنعهم بعد ذلك بأن ليس من حقهم المطالبة بعزل رفقي.
سكت رياض أسبوعين وهو يحاول إقناع الضباط بسحب العريضة ولكنهم يصرون عليها، وغضب الخديو أشد الغضب وأشار عليه بعض المحيطين به باتباع العنف نحو الضباط، ثم نمى إلى رياض أن سكوته قد يفسر بأنه ممالأة للجيش وعدم موالاة للخديو، ويقول بلنت في كتابه: إن الخديو من ناحيته أراد أن ينتهز هذا الحادث للانتقام من رياض فيوقع العداوة والشحناء بينه وبين رجال الجيش، وكان من رأي رياض ألا يجعل من المسألة قضية تتجه إليها أذهان الناس، كما أن رفقيا كان يخشى أن تظهر المحاكمة سوء سياسته.
ولما فطن رياض إلى ما قد يفسر به سكوته وافق على محاكمة الضباط، ووقع الخديو على أمر بمحاكمتهم، ودعى وزير الجهادية الضباط الثلاثة إلى ديوان الجهادية بقصر النيل بحجة الاستعداد لحفلات زفاف إحدى الأميرات، فأخذتهم من الدعوة ريبة؛ إذ لم تجر العادة بمثل هذا، وأخذوا للأمر ما يجب من حيطة، فاتفقوا مع فرقهم أن تذهب إليهم إذا تأخرت عودتهم عن ساعتين، ثم ذهبوا إلى حيث طلب إليهم أن يحضروا ...
وكان الضباط في الواقع على علم بما دبر لهم، فلم يكن من العسير عليهم في مثل ذلك الموقف أن يدركوا ما عسى أن تبيته لهم الحكومة من كيد، ولقد قيل إن قنصل فرنسا كان على اتصال بهم فأخبرهم بما عقدت الحكومة النية عليه.
وما كاد ثلاثتهم يدخلون وزارة الجهادية، وكان ذلك أول فبراير سنة 1881 حتى ألفوا أنفسهم بين صفوف مسلحة من الشراكسة فقبض عليهم وانتزعت منهم سيوفهم وأودعوا السجن وهم يسمعون عبارات السب والشماتة يقذفهم بها هؤلاء الشراكسة الأجلاف، وكانت كلمة «فلاح» أكثر ما أطلق به ألسنتهم هؤلاء السفهاء من الشراكسة، وقد ساء وقعها في نفوس الضباط الثلاثة، وفي نفس كل من علم بها من المصريين. وكان دخولهم السجن توطئة لمحاكمتهم؛ فقد انعقد لهم مجلس عسكري يحاكمهم برئاسة رفقي نفسه.
وعين رفقي ثلاثة غيرهم على آلاياتهم؛ فأحل محمود طاهر محل عرابي، وخورشيد نعمان محل عبد العال حلمي، وخورشيد بسمي محل علي فهمي، وعمل رفقي على تنفيذ هذا الأمر ساعة صدوره ... •••
شاع الخبر في الجند الوطنيين فثارت ثائرتهم، وكان أكثرهم جرأة وإقداما ووفاء الضابط الباسل محمد عبيد بطل التل الكبير فيما بعد، وكان في آلاي علي فهمي بقشلاق الحرس بعابدين، فنادى جنده نداءه العسكري فاحتشدوا، فأمرهم بالسير إلى قصر النيل، فاعترضه خورشيد بسمي ذلك الذي حل محل فهمي؛ فلم يستمع محمد عبيد إليه، بل لقد اعتقله في إحدى حجرات القشلاق، وشهد الخديو تأهب الجند للمسير؛ فأرسل إليهم الفريق راشد باشا حسني سير ياوره ليصدهم عن سبيلهم فيما استمعوا له، وأرسل توفيق يستدعي عبيدا وبعض إخوانه فرفضوا أن يذهبوا إليه ...
وأحكم عبيد الهجوم على قصر النيل، ولاذ رفقي بالهرب من إحدى النوافذ في صورة مخزية، وهرب أعضاء محكمته، واعتدى الجند على أفلاطون باشا وستون باشا وبعض من صادفهم من الضباط الأجانب، وما زال عبيد يبحث عن الضباط الثلاثة هو وجنوده، وراحوا يحطمون الأبواب والنوافذ حتى عثروا عليهم؛ ففك عبيد قيودهم وأطلق سراحهم ...
وتحرك آلاي طرة قاصدا قصر النيل، واستمر رجاله في سيرهم على الرغم من أنهم علموا أن الضباط الثلاثة قد أخلي سبيلهم، وعلى الرغم من أن الخديو أرسل لقائدهم خضر أفندي خضر ينهاه عن الحضور، وتوجه خضر إلى عابدين وقد علم أن عرابيا وصاحبيه قد ساروا إلى هناك.
ولم يتخلف إلا آلاي العباسية وهو آلاي عرابي نفسه، وقد ندموا بعد ذلك على قعودهم، وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون، ثم جاءوا عشاء إلى عابدين؛ فألقوا معاذيرهم بين يدي عرابي، وأكدوا له الولاء.
ناپیژندل شوی مخ