196

الاحکام السلطانیه

الأحكام السلطانية

خپرندوی

دار الحديث

د خپرونکي ځای

القاهرة

وَالسَّهْمُ الْخَامِسُ: لِبَنِي السَّبِيلِ، وَهُمُ الْمُسَافِرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ، وَسَوَاءٌ مِنْهُمْ مَنِ ابْتَدَأَ بِالسَّفَرِ أَوْ كَانَ مُجْتَازًا، فَهَذَا حُكْمُ الْخُمُسِ فِي قَسْمِهِ، وَأَمَّا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إنَّهُ لِلْجَيْشِ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ؛ لِيَكُونَ مُعَدًّا لِأَرْزَاقِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّهُ مَصْرُوفٌ فِي الْمَصَالِحِ الَّتِي مِنْهَا أَرْزَاقُ الْجَيْشِ، وَمَا لَا غِنَى لِلْمُسْلِمِينَ عَنْهُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ الْفَيْءُ فِي أَهْلِ الصَّدَقَاتِ، وَلَا تُصْرَفُ الصَّدَقَاتُ فِي أَهْلِ الْفَيْءِ، وَيُصْرَفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ فِي أَهْلِهِ، وَأَهْلِ الصَّدَقَةِ مَنْ لَا هِجْرَةَ لَهُ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا مِنْ حُمَاةِ الْبَيْضَةِ، وَأَهْلُ الْفَيْءِ هُمْ ذَوُو الْهِجْرَةِ الذَّابُّونَ عَنَ الْبَيْضَةِ، وَالْمَانِعُونَ عَنِ الْحَرِيمِ، وَالْمُجَاهِدُونَ لِلْعَدُوِّ، وَكَانَ اسْمُ الْهِجْرَةِ لَا يَنْطَلِقُ إلَّا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ وَطَنِهِ إلَى الْمَدِينَةِ لِطَلَبِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ بِأَسْرِهَا تُدْعَى الْبَرَرَةُ، وَكُلُّ قَبِيلَةٍ هَاجَرَ بَعْضُهَا تُدْعَى الْخِيرَةُ، فَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ بَرَرَةٌ وَخِيرَةٌ، ثُمَّ سَقَطَ حُكْمُ الْهِجْرَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ وَصَارَ الْمُسْلِمُونَ مُهَاجِرِينَ وَأَعْرَابًا، فَكَانَ أَهْلُ الصَّدَقَةِ يُسَمَّوْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَعْرَابًا، وَيُسَمَّى أَهْلُ الْفَيْءِ مُهَاجِرِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَشْعَارِهِمْ كَمَا قَالَ فِيهِ بَعْضُهُمْ١ "مِنَ السَّرِيعِ": قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبِيِّ ... أَرْوَعَ خَرَّاجٍ مِنَ الدَّوِيِّ مُهَاجِرٍ لَيْسَ بِأَعْرَابِيِّ وَلِاخْتِلَافِ الْفَرِيقَيْنِ فِي حُكْمِ الْمَالَيْنِ مَا تَمَيَّز، َ وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُمَا، وَجَوَّزَ صَرْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَصِلَ قَوْمًا لِتَعُودَ صِلَاتُهُمْ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ -كَالرُّسُلِ وَالْمُؤَلَّفَةِ- جَازَ أَنْ يَصِلَهُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ؛ فَقَدْ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ التَّمِيمِيَّ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيَّ خَمْسِينَ بَعِيرًا، فَتَسَخَّطَهَا وَعَتَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ "مِنَ الْمُتَقَارِبِ":

١ قلت: هو الحجاج بن يوسف الثقفي.

1 / 203