بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدُ للهِ وَاهِبِ النِّعَم، بَارِئ النَّسَم، خَالِقِ كُلِّ شَيءٍ مِن عَدَم، أَرسَل رُسَلَه وأَنزلَ كُتبَه لهداية الأُمَم، فَأنزَل التَّوراةَ والإنْجِيل تَمامًا عَلى الذِي أَحْسنَ وتَفْصِيلًا لكُل شَيءٍ وأَتَم، ووَكَل حِفْظَهُما إلى أهْلِ الكِتابَين، فَكتَمُوه وحَرَّفُوه وأَفْسَدُوا في الأرض؛ فَاسْتَوْجَبُوا العَذَاب والنِّقَم، فَمَقَت اللهُ أَهلَ الأَرضِ، العَربَ مِنهم والعَجَم، ثم أَرْسَل رَسُولَه الخَاتَم، ونِبيَّه المُعَظَّم، مُحَمَّدَ بنَ عبد الله بن عَبد المُطَّلِب بن هَاشِم، الصَّادِقَ المُصْدُوقَ الذي لا يُتَّهَم، وأَنزَل عَليه كتابًا لا يَغْسِله المَاءُ، فيه نَبَأُ مَن قَبْلَكُم وخَبَرُ ما بَعْدَكُم وحُكْمُ ما بَيْنَكُم، تَكَفَّل هو سُبحَانَه بِحفْظِه، فَأخْرَج به النَّاسَ إلى الهُدَى والنُّور بَعْد الضَّلَال والظُّلَم، فَاللهُم صَلِّ وبَارِك عَلى نَبيِّنا الأَكْرَم، خَيرِ مَن قَال ومَن عَلَّم، أَفْصَحِ مَن نَطَقَ وتَكَلَّم، أَصْدَقِ مَن كَبَّر أو عظَّم، وعَلى آلِه وصَحْبِه وسَلِّم، صَلاةً وسَلامًا دَائِمَين أبدًا، كُلَّما أَشْرَق نَهارٌ وأَعْتَم.
أما بعد،
فإن الله ﷿ أنزل كتَابَه المُعْجِز، ووَحْيَه المُنْقِذ، وتَكَفَّل بحفظه وصِيانته فقال ﷻ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]. ولم يكن هذا الحفظ للكتاب قاصرًا على حفظ حروفه ومبانيه، بل كان الحِفظُ في المَقَام الأول لأحكامه ومعانيه، فالقرآن لم يُنزِلْهُ اللهُ ﷿ ليُتَعبَّد بتلاوته والتَّغَني به
1 / 5
وحَسْب، وإنما أنزله مِنهاجًا للحياة، وصِراطًا مُستقيمًا، وطريقًا لَاحِبًا للوصول إليه ﵎، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤].فجعل اللهُ ﷿ الاستجابةَ له ولرسولِه الكريم ﷺ: سَبيلًا للنجاة وللحياة الحقيقية.
فكان لِزامًا لذلك: أن تكون معاني القرآنِ واضِحةً جِليَّةً، كي تَقومَ الحجةُ على العباد بذلك، فَأبَان اللهُ ﷿ على لِسان رَسُولِه ﷺ معاني القُرآن لأصحابه، وأوضح لهم ما خَفِي عليهم منه، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤].
فحفظ أصحابُه ﵃ هذا البيان النبوي، وبلَّغوه مَن بعدهم، وهكذا لتكون الحجة قائمة إلى أن تقوم الساعة.
وما لم يأت فيه خَبَرٌ عن رسول الله ﷺ، ولا عن أصحابه: قام له أساطِينُ العِلم وحَمَلةُ لِواءِ الشَّريعة، وحُفَّاظ الوَحي -الذين حَفِظَ اللهُ تعالى بهم هذا الدين-؛ ليفسروه ويَستَنبِطوا منه أحكامه التي خَفِيت، أو أُشْكِلَت.
فقام العلماءُ الذين لا يَتَّسِع هذا المقام لذكرهم وذِكْر مَناهجهم المختلفة في التفسير والبيان على نحو يَبهر الألباب = بتفسير كتاب الله ﷿ (^١)، ومعرفة عامِّه وخاصِّه، ومُحْكَمِه ومتشابهه، ومُطْلَقِه ومُقَيَّدِه، وناسِخِه ومَنسُوخِه، وما كان منه مَكيًا وما كان مدنيًا، إلى آخر تلك القواعد المُحكمة
_________
(^١) وقد اختلفت مناهجهم وأغراضهم في ذلك، فمنهم من كان تفسيره أثريا؛ يعتمد على ما في محفوظه من آثار مسندة تتعلق بتفسير آي الكتاب الحكيم، أيًّا كان الموضوع الذي تتناوله الآية، ومنهم من كان تفسيره لغويًا، أو نحويًا، أو بلاغيًا، أو جامعًا لكل ما ذكرنا، أو فقهيًا مذهبيًا؛ وهذا الأخير هو الذي وسمه أكثرهم بقولهم: أحكام القرآن، وكتابنا الذي نحن بصدد تحقيقه من هذا النوع الأخير.
1 / 6
التي قام عليها تفسير كتاب الله تعالى، وما ذاك منهم إلا بتسديد الله لهم، وتوفيقه، وتصديقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩].
وكان من بين هؤلاء: الإمام العلم الكبير محمد بن إدريس الشافعي ﵁ والذي سَنُفردُ له ترجمةً في هذه المقدمة- فإنه قد أَوْلى آياتِ الكتاب عِنايَتَه، وصَرَف لها هِمَّتَه، فكان له فيها من الفَتح ما ليس لغيره، وكان ذلك مُفَرَّقًا في تصانيفه، وأماليه. فجاء الإمام المبارك أبو بكر البيهقي ﵀ بعده بنحو قرنين ونصف مِن الزمان، فجمع ما تناثر مِمَّا جَادَت به قَريحَةُ الإمام الشافعي في تفسير كتاب الله تعالى في هذا الكتاب الذي بين يديك: «أحكام القرآن».
وهذا الكتابُ المُبَارك نُقدِّمه للقارئ الكريم، في صورة قَشِيبَة؛ إذ قد مَرَّ على طبعه أول مرة زُهَاء سَبعين عامًا، وبعد أن اطَّلَعتُ على منهج مُحَقِّقه الشيخ عبد الغني عبد الخالق ﵀ في إخراج الكتاب، تبين لي أمورًا سَوَّغَت لي إعادة تحقيقه مَرَّةً أخرى، وسأذكر ذلك في مبحث مستقل في هذه المقدمة إن شاء الله تعالى.
* * *
1 / 7
هذا وقد صنف غير واحد من العلماء في أحكام القرآن، ووسموا كتبهم بنفس الاسم، منهم على سبيل المثال:
١ - الإمام القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأَزْدِي البصري الجَهْضَمِي المتوفى: سنة ٢٨٢ هـ. حفيد الإمام حماد بن زيد.
وكتابه «أحكام القرآن» كتاب مسند يروي فيه الإمام الجهضمي ما وقع له من روايات في التفسير، وقد رتبه على السور.
وقد طبع الكتاب عن دار ابن حزم سنة ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م بتحقيق الدكتور: عامر حسن صبري.
٢ - الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سَلامة المصري الطَّحَاوي المتوفى: سنة ٣٢١ هـ. صاحب كتاب «بيان مشكل الآثار»، و«شرح معاني الآثار».
وكتابه أيضًا مُسْنَد، لكنه مرتب على الأبواب، وقد طبع الكتاب في مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي، استانبول، بتحقيق الدكتور: سعد الدين أونال.
٣ - الإمام أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجَصَّاص الحنفي المتوفى: ٣٧٠ هـ.
وكتابه مرتب على السور، وقد طبع الكتاب عن دار إحياء التراث العربي- بيروت ١٤٠٥ هـ. بتحقيق: محمد صادق القمحاوي.
1 / 8
٤ - الإمام علي بن محمد بن علي، أبو الحسن الطَّبري، الملقب بعماد الدين، المعروف بالكيا الهراسي الشافعي المتوفى: ٥٠٤ هـ.
وكتابه مرتب على السور، وقد طبع الكتاب عن دار الكتب العلمية- بيروت ١٤٠٥ هـ. بتحقيق: جماعة من العلماء بإشراف الناشر.
٥ - القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المَعَافِري الاشبيلي المالكي المتوفى: ٥٤٣ هـ.
وكتابه مرتب على السور، وقد طبع عن دار إحياء التراث العربي. بتحقيق علي محمد البجاوي.
وغير ذلك مما هو مطبوع، ومما لم ير النور إلى الآن، وينظر كتاب «كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون» للحاج خليفة (١/ ٢٠).
ومن الجدير بالذكر أَنَّ أَوَّل مَن صَنَّف في ذلك هو الإمام الشافعي نفسه ﵁، وقد أشارت فهارس المكتبة الظاهرية أن نسخة مِن هذا الكتاب محفوظة عندهم برقم (٣٨٥٥) جاء في وصفهم لها ما يأتي:
أوله: هذا كتاب أحكام القرآن العظيم للإمام الشافعي ﵁ مما أخبر عنه الربيعُ بن سليمان فقال:
أخبرنا محمد بن إدريس الشافعيُّ ﵁ قال: قال الله ﵎: ... ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] وقال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا﴾ [النساء: ١٩].
1 / 9
آخره: قال الشافعي: والحرائر المسلمات والذميات، إذا اجتمعن عند الرجل في القسم سواء، والقسم هو الليل، يبيت عند كل واحدة منهن ليلتها، ويجب لو آوى عندها نهاره. قال الشافعي: فإن كان عنده أمة مع حرة قسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة.
أوصاف المخطوط: نسخة من القرن الثامن الهجري كتبت بخط معتاد. الأبواب مكتوبة بالأحمر وبخط أكبر. وهي مخرومة من أولها وينتهي الموجود منها: أول باب القسم للنساء.
أصيبت بالرطوبة وبالأرضة في مواضع متعددة منها، وقد رُمِّمَت في مواضع منها. توجد هذه النسخة في مجموع يحوي عددًا مِن الرسائل في الحديث الشريف، والعَروض، والفقه وغيرها. المجموع مصاب بالرطوبة وبالأرضة التي أثرت على مواضع منه. ينظر: «فهارس علوم القرآن الكريم لمخطوطات دار الكتب الظاهرية» (٢/ ١٩).
وفيما يلي سأذكر مجموعة من المباحث المهمة المتعلقة بالكتاب.
* * *
1 / 10
أولًا: التعريف بالكتاب
- هو كتابٌ، جَمَع فيه الإمام البيهقي ﵀ أقاويل الإمام الشافعي ﵀ في «أحكام القرآن وتفسيره» (^١) في جزءين، كما ذكر ذلك البيهقيُّ نفسُه في كتاب «مناقب الشافعي» له (٢/ ٢٦٨).
وكذلك ذكر الكتابَ: الإمامُ السبكيُّ في «طبقات الشافعية الكُبرى» (٤/ ١٠) ضمن مجموعة مِن كتب البيهقي الأخرى، وقال: «وكلها مُصَنَّفات نِظَاف، مَليحَةُ الترتِيبِ والتهذيب، كَثيرةُ الفَائِدة، يَشهَدُ مَن يَراها مِن العارفين: بأنها لم تَتهَيأ لأحَدٍ مِن السابقين».
وقال أيضًا في (٢/ ٩٧): «قال البيهقي في كتاب «أحكام القرآن» الذي جمعه من كلام الشافعي، وهو كتابٌ نَفِيسٌ مِن ظَريف مُصَنَّفَاتِ البيهقي ...».
وكذلك ذكر الكتابَ منسوبًا للبيهقي: الإمامُ العِراقيُّ ﵀ في «طَرْح التَّثريب» (١/ ٢٨).
وذكره الحاج خليفة في «كشف الظنون» (١/ ٢٠).
- وقد بيَّن البيهقي ﵀ منهجه في مقدمة الكتاب فقال:
«وقد صَنَّف غَيرُ واحدٍ من المُتَقَدِّمينَ، والمُتَأخِّرين في تفسير القرآن
_________
(^١) يرى البعض أن ذلك هو اسم الكتاب؛ لنص البيهقي عليه، والذي يترجح لدي والله أعلم أن ذلك منه كان وصفًا لمادة الكتاب وليست تسمية له، بل الواضح أن البيهقي ﵀ لم يعنون للكتاب، وأن ما جاء على طرر النسخ الخطية: هو من اجتهاد النساخ والله أعلم. وقد أثبت العنوان الذي استعمله العلماء حين ذكروا الكتاب في مصنفاتهم.
1 / 11
ومَعَانِيه، وإعْرَابه ومَبَانِيه، وذَكَر كُلُّ واحدٍ منهم في أحكامه ما بَلَغه عِلْمُه، وربما يُوافِقُ قَوْلُه قَوْلَنا، وربما يُخَالِفُه؛ فَرأيتُ مَن دَلَّت الدلالة على صِحَّة قوله، أبا عبدِ اللهِ محمدَ بنَ إدرِيس الشَّافِعيَّ ... قد أتى على بيان ما يجبُ علينا مَعرِفَتَه ... وكان ذلك مُفَرَّقًا في كُتُبِه المُصَنَّفة في الأُصُول والأَحْكَام، فَمَيَّزتُه وجَمَعْتُه في هذه الأجزاء على ترتيب المُخْتَصَر، ليكونَ طلبُ ذلك منه على مَن أراد أَيْسَر، واقْتَصَرتُ في حكاية كلامِهِ على ما يَتَبَيَّن منه المُراد دونَ الإطْنَاب، ونَقَلْتُ مِن كَلامِه في أصولِ الفِقْه، واسْتِشْهَادِه بالآياتِ التي احتاج إليها مِنَ الكِتَاب، على غَاية الاخْتِصَار، ما يليق بهذا الكتاب».
ويظهر مِن كلام الإمام البيهقي ﵀ أنه رَتَّب الكتاب على الموضوعات، وليس على السُّوَر، ملتزمًا بذلك ترتيب الإمام المُزني في مختصره، كما أشار إلى ذلك في المقدمة.
- وقد حفظ لنا الإمامُ البيهقي ﵀ بعضَ نُصوصِ الإمام الشافعي، التي رواها عنه بعضُ تلامذته في كتب لهم لم تَصِلْنا، كالإمام أبي يعقوب البُوَيْطِي، والإمام حَرْمَلَة ابن يحيى التُّجِيْبي، والإمام أبي ثَوْر الكلبي، والإمام أحمد بن عبد الرحمن ابن وهب، وغَيرِهِم من كبار تلامذة الإمام، وهي في موضعها من هذا الكتاب.
- هذا والإمامُ البيهقي يروي كلامَ الإمامِ الشافعي، عن شيوخه: (أبي عبد الله الحاكم، وأبي سعيد ابن أبي عمرو، وأبي زكريا ابن أبي إسحاق، وأبي عبد الرحمن السُّلَمي).
1 / 12
فأما الأولان: فَجُل رواية كلام الشافعي، عنهما، عن أبي العباس الأصم، عن الربيع بن سليمان المرادي المؤذن صاحب الشافعي، عن الشافعي.
وأما الآخران: فلم يكثر عنهما، ويروي عنهما، عن الأصم، وغيره، وما رواه الربيع وما روى غيره، عن الشافعي.
وقد أفردت للأولين ترجمة في هذه المقدمة.
* * *
1 / 13
ثانيًا: منهجي في تحقيق الكتاب، والعِلَّة مِن إعادة تحقيقه
إن الأساس الذي ينبغي أن يكون واضحًا لكل مُشتَغِل بالتحقيق: هو أن عَمَله يُشْبهُ في المَقَام الأول عَملَ الورَّاقِين والنُّسَّاخ، والذي كان قاصرًا على نَسْخ ما أُسْنِد إليهم نَسْخُه، إلى أقرب صورة للأصل الذي ينسخون منه، بل كانوا يُطَابقون ما نسخوه على الأصل؛ لاستدراك ما فاتهم ونَدَّ عنهم أثناء النسخ، وأَيُّ تَدَخُّلٍ منهم، بالحذف أو الزيادة أو التغيير، يُعد تدخلًا قبيحًا، وعملًا مستبشعًا؛ إذ ذلك ينافي الأمانة التي ينبغي أن يتحلى بها الوراق.
حتى إنهم وضعوا علامات واصطلحوا على إشارات تجنبهم التدخل في الأصل الذي ينسخون منه، وتمكنهم من التنبيه على ما يظنونه خطأً، ومثال ذلك: اصطلاحهم على علامة التَّضْبِيب، وهي رسم حرف «صـ» ممدودة هكذا فوق الكلمة التي يظنون فسادها؛ لعدم جرأتهم على تغييرها إلى ما يظنون صوابَه.
آثرت أن أذكر هذا الكلام هنا في هذا المقام، لأن كثيرًا ممن يعالجون التحقيق قد نَصَبُوا أنفسهم وُصَاة على التراث، فيحق لهم تغيير ما يرونه خطأ، وزيادة ما يحسبونه حسنًا، وحذف ما يظنونه قبيحًا.
ولَيْتهم سطَّروا ذلك في حواشي الكتاب، ففي الحاشية متسع لكل رأي، لكنهم -وللأسف- جعلوا استحسانهم واستقباحهم في صلب الكتاب، فأساءوا من حيث أرادوا أن يصلحوا.
والذي حداني لكتابة هذه الأسطر: هو كلمة الختام التي خَتَم بها فضيلة
1 / 14
الشيخ عبد الغني عبد الخالق -رحمة الله تعالى عليه- تحقيقه لهذا الكتاب الذي نحن بصدد تحقيقه، فإنه قال ﵀: «وَقد يُؤْخَذ علينا: أننا قد أثبتنا -في بعض المواضِع- عبارَة غير الأَصل وزدنا -كذلِك- ما لا تتحتم زيادته، ولا تتَعَيَّن إِضَافَته. وأننا لم نلتزم تَخْرِيج أَحَادِيثه، وَلَا التَّعرِيف بأعلامه.
فنقُول: إِن هذا لا ضرورة له، وذاك مما يتسامح فيه. على أَن لنا في زيادة ما زدنا، وترك ما تركنا-: من الأعذار البينة العديدة، والأسناد القوية السديدة- ما سندلي به ونشرحه: عند الحاجة الملحة، والضرورة الملجئة إِن شاء الله.
ويكفي الآن، أن نقول -في صراحة تامة-: إن هذا أول عمل، من نوعه، قمنا به فلم يسبق لنا تصحيح كتاب غيره ... إلخ».
قلت: وقد أصاب الشيخ ﵀ في قوله -عن تخريج الأحاديث والتعريف بالأعلام-: إن هذا لا ضرورة له.
لكنه لم يُصب في قوله -بشأن الزيادة والتغيير في الأصل-: وذاك مما يُتَسامح فيه.
بل إن هذا الأخير مما لا يُتَسامَح فيه مطلقًا، ولو تُرك هذا البابُ مفتوحًا لكل أحد، لضاع تراث هذه الأمة، وتُقُوِّل على أئمتها ما لم يقولوا.
لا شك عندي أن سماحة الشيخ عبد الغني عبد الخالق قد قام بجهد عظيم، أشهد له بذلك والله حسيبه، يكفي أنه قرأ النص قراءة جيدة جدًا، ووصله بنص كتاب «الأم»، على الرغم من تَشَتُّت مادة الكتاب -أعني «أحكام القرآن» - في كتاب «الأم»، فإن الإمام البيهقي ﵀ كان يضم كل
1 / 15
نظير إلى نظيره من طول الكتاب وعرضه، فاستطاع الشيخ عبد الغني ... عبد الخالق ﵀ أن يتتبع ذلك في الكتاب، في وقت لم تُتَح فيه هذه الوسائل الإلكترونية، ولا الفهارس، ولا الرفاهية الموجودة الآن، ونفس الكلام بشأن كتاب «الرسالة» للشافعي.
وكذلك تتبع كتب البيهقي الأخرى المطبوعة في زمانه ﵀ كـ «السنن الكبير».
بل تتبع الكلام في الشروح والمطولات، ككتاب «فتح الباري» لابن حجر العسقلاني.
لكن الذي عِبْته على هذا العمل، وسَوَّغ لي إعادة تحقيقه: هو ما ذكرته أولا، بل ما ذكره الشيخ نفسه في كلمته التي ختم بها عمله.
وأمر آخر: وهو أن الشيخ اعتبر أن الكتاب -أعني «أحكام القرآن» - نسخة أخرى من كتاب «الأم» فحاكم ما جاء في الكتاب إلى ما جاء في كتاب «الأم»، وغَيَّر وزاد وحذف على هذا الأساس.
ولم يفطن ﵀ إلى أن كتاب «الأم» المطبوع: من رواية أبي علي الحسن بن حَبِيب بن عبد الملك الدمشقي الحصائري، عن الربيع بن سليمان، عن الشافعي.
أما الإمام البيهقي ﵀ فإنه يروي كتب الشافعي، من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن الربيع بن سليمان، عن الشافعي.
وهنا وقع الاختلاف في الرواية، بين ما يرويه البيهقي، وبين ما جاء في كتاب «الأم».
1 / 16
بل إنه -رحمة الله عليه- أحيانًا لا يعجبه ما جاء في الأصل ولا ما جاء في «الأم»، ويضع مِن عنده ما يراه مناسبًا، ينظر على سبيل المثال حاشيته رقم (٩) (ص ٨٦).
وكذلك: فإن الشيخ قد أثقل حواشي الكتاب بمباحث لو أراد البيهقي ﵀ أن يذكرها لذكرها، ولكن البيهقي أبان في مقدمته أنه اختصر الكلام، والبيهقي مَن هو؟ ! ناصر مذهب الشافعي وصاحب المطولات في نُصرة مذهبه وما كتاب «معرفة السنن والآثار»، و«السنن الكبير»، و«الخلافيات»، وغيرها عنك ببعيد.
بل إن من المفارقات في هذا العمل أن الشيخ ﵀ عاب على الشيخ أبي الأشبال أحمد شاكر ﵀ إطنابه في حاشية من حواشي كتاب «الرسالة» (ص ٣٦٥) حول الفعل (غزّى)، فقد ذهب الشيخ أحمد شاكر إلى أنه من الرباعي، وليس من الثلاثي (غزا)، وسطر الشيخ شاكر ثمانية أسطر؛ ليؤيد ما ذهب إليه، فعاب الشيخ عبد الغني ﵀ عليه ذلك، وقال: «هو تحكم غريب وزعم جريء لا نعقل له معنى، ولا نجد له مبررًا؛ إلا الرغبة في إظهار المعرفة بالفرق بين الثلاثي والرباعي ...» ثم قال ﵀: «ثم نقول إن الإطالة في مثل هذه الأبحاث اللفظية التافهة، عمل لا يليق بالتعليق على كتاب كالرسالة».
قلت: فسطر الشيخ عبد الغني ﵀ ستة عشر سطرًا، لينقض إطالة الشيخ شاكر ﵀ في حاشيته ذات الثمانية أسطر!
وقد كفاني الشيخ عبد الغني عبد الخالق ﵀ ذكر أمثلة على الزيادة في الأصل، والعدول عنه إلى غيره، بما ذكره هو من أن هذا كان منهجه، لكن لا
1 / 17
بأس بذكر مثال أو مثالين:
- جاء في (١/ ٢٩٩) السطر السادس: (وقلوبهم على الطمأنينة). ثم قال في الحاشية: كذا بالأم وفي الأصل «الإطمأنينة» وهو تحريف.
قلت: هي كذلك في الثلاثة الأصول التي اعتمدتها «الإطمأنينة» قال القاضي عياض في «مشارق الأنوار» (١/ ٣٢٥): «وفي تراجم البخاري: بَابُ الإطْمَأْنِينَةِ بكسر الهمزة وضمها، وكذا ذكره في حديث أبي حميد قبله، ومعناه السكون، كذا لجمهورهم، وعند القابسي: الطُّمَأْنِينَةِ، وهو الصواب، قال الحربي: هو الاسم. قال غيره: ويصح أن يكون الإطمأنينة بكسر الهمزة والميم مصدر اطْمأن، ويقال اطمئنانًا أتى بغير هاء ...».
فالكلمة لها توجيه حسن، واتفقت عليه الأصول، فلم العدول عنها؟ !
- جاء في (١/ ٢٨٢) السطر التاسع بين معكوفين هكذا: [وبه نأخذ؛ ففي المسلم يقتل خطأ: مائة من الإبل] ثم قال في الحاشية زيادة مفيدة عن الأم ...
قلت: هذه الزيادة ليست في الأصول الثلاثة التي اعتمدتها.
والكتاب من أوله على آخره محشو بمثل ذلك، ولو تعرضت لذكر كل ما ينافي منهج التحقيق القويم، لخرجت المقدمة عن مقصودها.
أليس هذا تحكم لا معنى له، وتَعَدٍّ على مقام صاحب الكتاب، فَأيُّ أعذار بَيِّنة يُعتذر بها عن مثل ذلك.
وكذلك: تركت التنبيه على التصحيفات والتحريفات التي وقعت في الكتاب، والتي أظنها من الطابع، فقد صنع الشيخ عبد الغني ﵀ قائمة
1 / 18
بتصويبات الأخطاء التي وقعت منه في الكتاب.
ولا بأس بذكر بعض ما فات الشيخ من هذه الأخطاء:
- جاء في (ص ١٩) السطر التاسع: (البر الرحيم).
والصواب كما في النسخ: (البار الرحيم). وقال الشيخ في تصويباته: في الأصل (البار) وهو تحريف (^١)!
- جاء في (ص ١٩) السطر العاشر: (أن يجزينا).
والصواب كما في النسخ الخطية: (أن يحسن).
- جاء في (ص ١٩) السطر الحادي عشر (التقدير والبيان).
والصواب: (التقريب والبيان).
- جاء في (ص ٢٠) السطر الثالث: (أنا أبو بكر حمدون).
والصواب: (أنا أبو بكر ابن حمدون).
- جاء في (ص ٢١) السطر الثاني عشر: (المديم بها).
والصواب: (المديمها).
- جاء في (ص ٣٢) السطر الخامس عشر: بعد قوله: (طاعة رسوله ﷺ[ثم قال: وكان فرضه على من غاب عن رسول الله ﷺ]) سقط ما بين المعقوفين، وهو ثابت في جميع النسخ.
_________
(^١) قال ابن منده في كتاب «التوحيد» (٢/ ٩١ (: «ومن أسماءِ اللَّهِ ﷿: البَارُّ، قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ [الطور: ٢٨]. قَالَ الْحَسَنُ: «بَارٌّ بِعباده، مُحْسِنٌ إِليهِم، معناه لا ينقطع بره وإحسانه».
1 / 19
- جاء في (ص ٤٠) السطر العاشر: (أنا أبو عبد الله محمد بن حيان القاضي).
والصواب (أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا عبد الله بن محمد بن حيان القاضي).
وإني كنت في بداية عملي في الكتاب أذكر أخطاء المطبوعة في الحاشية، ثم تراجعت عن ذلك؛ لأني وجدت ذلك سيثقل حواشي الكتاب بما لا طائل تحته، واكتفيت بذكر أمثلة في المقدمة، وفي الإشارة كفاية لكل مسترشد.
وأخيرًا: فإن أهم مسوغات إعادة التحقيق لهذا الكتاب القيم مرة أخرى: هو عثوري بفضل الله تعالى على نسختين أخرتين للكتاب غير التي اعتمدها الشيخ ﵀، وسيأتي وصفهما إن شاء الله تعالى.
غير أني في نهاية كلمتي هذه أحب أن أعيد إشادتي بعمل الشيخ ... عبد الغني عبد الخالق ﵀ الذي يدل على علمه وسعة اطلاعه، وإني أعتذر عنه في هذا المقام إذ كان كما ذكر أول عمل يقوم بتحقيقه، ولم تكن مناهج التحقيق قبل سبعين عامًا قد نضجت واستقرت كما هي الآن.
لكني بَيَّنتُ ما بينت؛ غَيرةً على التراث، وعلى مقام أئمة هذه الأمة من أن يُعبَث بتراثهم.
هذا وليس للكتاب فيما نعلم أي طبعة أخرى سوى التي حققها الشيخ عبد الغني عبد الخالق ﵀ وقدم لها الشيخ محمد زاهد الكوثري ﵀ سنة ١٣٧١ هـ.
اللهم إلا أن طبعت مرة أخرى بدار إحياء العلوم ببيروت سنة ١٤١٠ هـ
1 / 20
باعتناء محمد شريف سكر، والذي صور طبعة الشيخ عبد الغني عبد الخالق، كما هي، وكان اعتنائه بها: أن زاد الطين بلة، فقد وضع عناوين جانبية على النص من عند نفسه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أما عن منهجي في تحقيق هذا النص:
فقد اتضح من خلال نعيي على منهج مَن سبقني، أن مقصدي الأول:
- هو إخراج النص في أقرب صورة تركها عليه مصنفه، وذلك لا يكون إلا بتبجيل الأصول الخطية، وعدم العدول عما جاء فيها إلا في الضرورة القصوى، وهذا ما فعلته حسب طاقتي.
- ثم إني خرجت الآيات الواردة في النص، وكذلك الأحاديث والآثار.
- وترجمت لأكثر الأعلام الذين وردوا في الكتاب.
- وبينت غريب الألفاظ التي ألفيتها غير واضحة.
- وضبطت أغلب كلمات الكتاب بالشكل، وكذلك ضبطت أسماء أعلامه.
- كما ترجمت في مقدمة الكتاب لرواته، بدءًا من الإمام الشافعي ﵀ صاحب الكلام، ونزولًا حتى الإمام البيهقي، الذي جمع الكلام ورتبه على ترتيب المختصر.
- كذلك قمت بتحويل اختصارات صيغ التحديث المستخدمة في الأسانيد إلى أصلها، وفق ما هو مقرر في علم مصطلح الحديث، فإن العلماء كانوا يختصرون صيغ التحديث في الكتابة فقط توفيرًا لجهد الكتابة، فكانوا يختصرون «حدثنا»: إلى «نا»، و«ثنا»، و«دثنا».
ويختصرون «أخبرنا»: إلى «أنا»، و«أبنا»، و«أرنا».
1 / 21
إلى غير ذلك مما هو مبسوط في كتب علوم الحديث.
- وقمت بصناعة مجموعة من الفهارس العلمية تعين الباحث على الوصول لمراده من الكتاب.
ولا يفوتني هنا أن أتقدم بالشكر لكل من ساهم في إخراج هذا الكتاب، وعلى رأسهم أخي وصديقي الحبيب المحقق الأستاذ هشام الجَوْجَري حفظه الله.
وأخي الحبيب الكريم الشيخ أبا عمر خالد بن محمد زكي صاحب «دار الذخائر» العامرة؛ فله علي يد يجزيه الله بها.
وإني في الختام لا أَدَّعي لنفسي عِصمة، ولا أُسَلِّم قولي عن وَصْمة، فالمعصوم السالم هو كتاب الله المجيد الذي لا ريب فيه، وكل كتاب سواه عرضة للريب والتحريف.
فأسأل الله تعالى أن يقبل مني صوابه، ويتجاوز لي عن خطئه؛ إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله أولا وآخرًا ظاهرًا وباطنًا.
وكَتبهُ
أبو عاصم الشَّوَامِي محمد بن محمود بن إبراهيم
في التاسع عشر من شهر ربيع الأول سنة أربعين وأربعمائة وألف
من هجرة النبي ﷺ
* * *
1 / 22
ثالثًا: ترجمة مختصرة للإمام الشافعي ﵁ - (^١).
هو الإمام: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، الإمام، عالم العصر، ناصر الحديث، فقيه الملة، أبو عبد الله القرشي، ثم المطلبي، الشافعي، المكي، الغزي المولد، نسيب رسول الله ﷺ وابن عمه، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبد المطلب.
اتفق مولد الإمام بغزة، ومات أبوه إدريس شابًّا، فنشأ محمد يتيمًا في حجر أمه، فخافت عليه الضيعة، فتحولت به إلى مَحْتِده وهو ابن عامين، فنشأ بمكة، وأقبل على الرَّمْي، حتى فاق فيه الأقران، وصار يُصيب مِن عشرة أسهم تسعة، ثم أقبل على العربية والشرع، فبرع في ذلك، وتقدم.
ثم حُبِّب إليه الفقه، فساد أهل زمانه.
_________
(^١) ينظر ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري (١/ ٤٢)، والجرح والتعديل (٧/ ٢٠١)، وحلية الأولياء (٩/ ٦٣ - ١٦١)، والانتقاء لابن عبد البر: (٦٥ - ١٢١)، تاريخ بغداد (٢/ ٥٦ - ٧٣)، طبقات الفقهاء للشيرازي: (٤٨ - ٥٠)، وطبقات الحنابلة (١/ ٢٨٠)، والأنساب (٧/ ٢٥١ - ٢٥٤)، وتاريخ ابن عساكر (١٤/ ٣٩٥ - ٤١٨ و١٥/ ١ - ٢٥)، صفة الصفوة (٢/ ٩٥)، وآداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم، ومناقب الشافعي للبيهقي، ومعجم الأدباء (١٧/ ٢٨١ - ٣٢٧)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٤/ ١٦٣ - ١٦٩)، وتهذيب الكمال للمزي (٢٤/ ٣٥٥) وسير أعلام النبلاء للذهبي (١٠/ ٥) وتهذيب التهذيب لابن حجر (٩/ ٢٥)، توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس، النجوم الزاهرة (٢/ ١٧٦، ١٧٧). وغير ذلك.
1 / 23
ذكر بعض شيوخه:
أخذ العلم ببلده عن: مسلم بن خالد الزنجي-مفتي مكة- وداود بن عبد الرحمن العطار، وعمه؛ محمد بن علي بن شافع - فهو ابن عم العباس جد الشافعي- وسفيان بن عيينة، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وسعيد بن سالم، وفضيل بن عياض، وعدة.
وحمل عن الإمام مالك بن أنس «الموطأ»، عرضه من حفظه.
وأخذ عن محمد بن الحسن؛ فقيه العراق، ولازمه، وحمل عنه وقر بعير.
وعن: إسماعيل ابن علية، وعبد الوهاب الثقفي، وخلق.
أشهر من تلمذ له:
الحميدي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي، وأبو يعقوب يوسف البويطي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وحرملة بن يحيى، وموسى بن أبي الجارود المكي، وحسين بن علي الكرابيسي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، والحسن بن محمد الزعفراني، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن بهلول، وأبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي المتكلم، والحارث بن سريج النقال، وحامد بن يحيى البلخي، وسليمان بن داود المهري، وهارون بن سعيد الأيلي، وأحمد بن سنان القطان، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، ويونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر بن نصر الخولاني، وخلق سواهم.
1 / 24