...................................................................................................
وهكذا روى عن أبي هريرة وابن عبّاس وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ أنّه أخبر بِنُزُول عيسى ﵊ قبل يوم القيامة إمامًا عادلًا وحَكَمًا مقسطًا.
وليس المراد بِنُزُول عيسى ﵊ إنّه يَنْزِل بشرية متجدّدة غير شريعة نبيّنا محمّد ﷺ، وإنّما نزل مقرِّرًا لهذه الشّريعة، ومجدِّدًا لها؛ إذ هي آخر الشّرائع، ومحمّد ﷺ آخر الرّسل.
قال الله تعالى: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾، [الأحزاب، من الآية: ٤٠] .
وقال ﷺ: "لا نَبِيَّ بَعدي".
وقال رسول الله ﷺ: "مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجلٍ بنى دارًا فأكلمها وأحسنها إلاّ موضع لبنة، فكان مَن دخلها ونظر إليها قال: ما أحسنها إلاّ موضع هذه اللّبنة! فأنا موضع هذه اللّبنة ختم بي الأنبياء - عليهم الصّلاة والسّلام ـ. رواه أبو داود الطّيالسي، ورواه الخباري ومسلم والتّرمذي إلى غير ذلك من الأحاديث.
وأجمع المسلمون على أنّه لا نبي بعد نَبِيّنا محمّدٍ ﷺ، وأنّ شريعته مؤبّدة إلى يوم القيامة.
والحكمة في نُزُول عيسى ﵊ دون غيره من الأنبياء: الرّدّ على اليهود في زعمه: أنّهم قتلوه، فبيّن الله تعالى كذبّهم، وأنّه الذي يقتلهم.
أو نُزُوله لدنوّ أجله ليدفن في الأرض؛ إذ ليس لمخلوق من التّراب أن يموت في غيره.
وقيل: إنّه دعا الله - لما رأى صفة محمّدٍ وأمّته - أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه وأبقاه حتّى يَنْزِلَ في آخر الزّمان مجدِّدًا الأمر الإسلام، فيوافق خروج الدّجّال فيقتله، والأوّل أوجه.