برنارد شو.
وقد نشأ «برنارد شو» في أيرلندا من أبوين بروتستانتيين. وكانت أمه تجيد العزف على البيانو، وكان أبوه سكيرا مستهترا. ورحلت به أمه إلى إنجلترا، وكان «برنارد شو» لا يخجل وهو شاب من أن يعيش بما تتكسبه هي من الموسيقى. وقد استطاع بفضل هذه الأم أن يتوفر على القراءة والدراسة.
وكانت الاشتراكية حوالي 1880 بدعة تجذب إليها الشبان لكثرة نظريتها وشكوكها واختلاط المذاهب بين القائمين بها، فجذبته إليها، وكان هو أحد المؤسسين للجمعية الفابية التي أخذت على نفسها تغذية الجمهور الإنجليزي بالمؤلفات الاشتراكية.
والقارئ ل «برنارد شو» لا يسعه إلا أن يعترف بأنه اكتسب شيئا كثيرا من المفكرين والأدباء الأجانب، فهو متدين غير سني يؤمن فيما يتعلق بما وراء المحسوس ب «برجسون» و«شوبنهور». وقد أخذ عن «إبسن» دراما «الموضوع» أو المسألة. كما أخذ شيئا كثيرا عن «نيتشه» في الأخلاق. هو يؤمن بالتطور ولكن ليس عن طريق «داروين» بل عن طريق «لامارك» أما اشتراكيته فكانت، وما تزال، اشتراكية «ماركس» العلمية.
أما الكتاب الإنجليز الذين تأثر بهم فكثيرون، منهم «روسكين» و«صموئيل بطلر» و«دكنز» و«داروين».
وهو في أسلوبه وغايته أقرب في الشبه إلى العلماء مثل «برتراند روسل» أو «هلفاوك أليس» منه إلى الأدباء مثل «رديارد كبلنج» أو «أرنولد بينت». فإن عبارته تمتاز بالدقة، وتخلو خلوا من التزويق أو الرشاقة. وأكاد أتوهم من مؤلفات «برنارد شو» أنه رائد لسلالة جديدة من الأدباء هي تلك التي تؤمن بالعلم، وتقلع عن الأدب كأنه من الوسائل العتيقة التي مضى زمانها. وهو يكره الأساليب المعبدة والأفكار المعبدة، ولا يبالي الفن الدرامي كثيرا. وقلما نجد في دراماته ذلك التوتر المسرحي الذي يعلق أنفاسنا؛ لأنه إنما يعني بالمناقشة الذهنية الحريفة بل المشوطة.
والآن ما هي المهمة التي أداها «برنارد شو» لبني عصره؟ (1)
أنه جعل الدرامة اجتماعية ، فوصل بين المسرح والحياة، وجعل منه مدرسة للكبار يرون فيها معضلاتهم الاجتماعية. (2)
أنه أزال من المسرح تلك المكانة التي كانت للغرام والحب، والخيال الفاسد. كما أنه قضى، أو كاد يقضي، على أساليب التهريج المسرحي من إيجاد مواقف دموية، ومصادمات عنيفة، تستثير الجمهور ولا تفيده، كتلك المواقف التي لا تزال حية في مسرحنا بفضل العاجزين السائدين في التمثيل من مؤلفين وممثلين. (3)
أنه جعل الفكاهة وسيلة إلى درس الفلسفة. (4)
ناپیژندل شوی مخ