والكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف الواقع، وكذب المنافقين في قولهم: آمنا بالله وباليوم الآخر، وهم غير مؤمنين. وجعلت الآية العذاب الأليم مرتبا على كذبهم، مع أن القوم كفرة، والكفر أكبر معصية من الكذب، لتشير إلى قبح الكذب، وتنفر منه بأبلع وجه؛ حيث خصته بالذكر، ويفهم أن هذا العذاب جزاء على الكفر أيضا من سياق الكلام. أو يقال: إن جزاء الكفر دل عليه قوله تعالى في قصة الكافرين المجاهرين: {ولهم عذاب عظيم}؛ إذ المنافقون يشاركونهم في الكفر الذي استحقوا به ذلك العذاب، ويساوونهم فيه، وهذه الآية جاءت لتدل على جزاء ما امتازوا به عن الكافرين # المجاهرين، وهو الكذب في دعوى الإيمان، فللمنافقين عذابان: عذاب عظيم على كفرهم، وعذاب أليم على كذبهم الذي يرتكبونه المرة بعد الأخرى خداعا لله والمؤمنين. والدليل من الآية على أن كذبهم كان يتجدد حينا بعد حين صيغة: {كانوا يكذبون}. وقرئ: (يكذبون) من التكذيب؛ أي: يكذبون الرسول فيما يدعو إليه.
مخ ۲۸