وإيراد الضمير {هم} قبل قوله: {يوقنون} تعريض بغيرهم ممن كان اعتقادهم في أمر الآخرة غير مطابق للحقيقة، أو غير بالغ مرتبة اليقين.
وللإيمان باليوم الآخر أثر عظيم في اجتناب الشر، والاستكثار من الخير، ففي وصف المتقين به تنبيه على الوجه الذي أحرزوا به الغاية من تقوى الله في السر والعلانية.
{أولئك على هدى من ربهم}:
هذا كلام مستأنف لبيان أن أولئك المتقين في المنزلة العليا من الكمال الإنساني، فقد وصفهم بأنهم على هدى عظيم، وإنما يتفاوت الناس في الكمال على قدر تفاوتهم في الهداية. ويدل على عظيم هذا الهدى: إيراده نكرة، فهو في معنى: هدى عظيم، على ما هو المعروف في علم البلاغة من أن التنكير يدل بمعونة المقام على التعظيم. ويضاف إلى هذا وصفه تعالى للهدى بأنه منه، فقال: {من ربهم}، فدل على أنه ضرب من الهدى عظيم؛ حيث إن الله تعالى هو الذي وفقهم إليه، ويسر لهم أسبابه.
وقال: {على هدى}؛ ليفيد أنهم ظاهرون بالهدى ظهور من تمسكوا به، وتمكنوا منه تمكن من استعلى الشيء، وصار في قرار راسخ منه.
{وأولئك هم المفلحون}:
هذه الجملة بيان لما يظفر به المتقون الحائزون لتلك الخصال من سعادة الدنيا والآخرة، والمفلحون: مأخوذ من الفلاح، وهو الفوز بالبغية. وبغية المتقين في الدنيا: أن تكون أوقاتهم مصروفة في الأعمال الصالحة ما استطاعوا، وتكون نفوسهم راضية بما قسم الله لها من رزق، وبغيتهم في الآخرة: السلامة من فزع يوم البعث، والفوز بنعيمي الروح والبدن في # دار الخلود.
مخ ۲۰