الناس في الدنيا ولا يزهدون، وينهون الناس عن الدخول إلى الولاة ولا ينتهون، يقربون الأغنياء، ويباعدون الفقراء، أولئك الجبارون أعداء الله " (1).
وحيث قد ذكرنا فضل العالم والعلم، وحال من لم يعمل بعلمه، فينبغي أن نذكر حال المتعلم، وما يجب أن يكون عليه من الصفات التي وصفها الأئمة الصادقون عليهم الصلاة والسلام.
من كتاب الخصال لابن بابويه - رحمه الله تعالى - في باب ست (2) عشرة خصلة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: " إن من حق العالم: أن لا تكثر السؤال عليه، ولا تسبقه بالجواب، ولا تلح عليه إذا أعرض، ولا تأخذ بثوبه إذا كسل، ولا تشير إليه بيدك، ولا تغمزه بعينك، ولا تساره في مجلسه، ولا تطلب عوراته، وألا تقول: قال فلان خلاف قولك، ولا تفشي له سرا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تحفظه شاهدا وغائبا، وأن تعم القوم بالسلام وتخصه بالتحية، وتجلس بين يديه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى حاجته (3)، ولا تمل من طول صحبته ، فإنما هو مثل النخلة، فانتظر متى تسقط عليك منها منفعة. والعالم بمنزلة الصائم القائم المجاهد في سبيل الله، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا تسد إلى يوم القيامة، وإن طالب العلم يشيعه (4) سبعون ألف ملكا من مقربي السماء " (5).
وقال علي عليه السلام لابن عباس (6): " إن حق معلمك عليك التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع والإقبال عليه، وأن لا ترفع صوتك عليه، ولا تجيب أحدا يسأله حتى يكون هو المجيب له، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر بسوء، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك، شهدت لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس ".
مخ ۹۱