بسم الله الرحمن الرحيم أحمد الله ذي القدرة والجلال، والرفعة والكمال، الذي عم عباده بالفضل والإحسان، وميزهم بالعقول والأذهان، وشرفهم بالعلوم ومكن لهم الدليل والبرهان، وهداهم إلى معرفة الحق والصواب، بما نزل من الوحي والكتاب، الذي جاء به أفضل أولي العزم الكرام، مولانا وسيدنا محمد بن عبد الله خاتم النبيين وأشرف العالمين صلى الله عليه وعلى الأطايب من عترته، ذوي الفضائل والمناقب، حجج الله على كافة المسلمين، الهادين المهديين، الذين يهدون بالحق وبه يعدلون.
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه (الحسن بن أبي الحسن الديلمي) أعانه الله على طاعته، وتغمده برأفته ورحمته: إنني حيث بليت بدار الغربة، وفقدت الأنيس الصالح في الوحشة، وحملتني معرفة الناس على الوحدة، خفت على ما عساه حفظته من الآداب الدينية والعلوم العلوية - وهو قليل من كثير، ويسير من كبير - أن يشذ عن خاطري، ويزول عن ناظري - لعدم المذاكر - أثبت ما سنح لي إيراده، وسهل علي إسناده، ليكون لي تذكرة وعدة، ولمن يقف عليه بعدي تبصرة وعبرة وفق الله المراعاة له والعمل به، وجعله خالصا لوجهه الكريم، وموجبا لثوابه الجزيل العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فأول ما أبدأ به ذكر المعارف بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وآله وحججه من بعده، وما يجوز عليه وعليهم وما لا يجوز.
مخ ۳۳
ثم اثني بذكر فضل العالم والعلوم، وما يتبع ذلك من العلوم الدينية والآداب الدنيائية، ولم ألتزم ذكر سندها، لشهرتها عند العلماء في كتبها المصنفة المروية عن مشايخنا - رحمهم الله تعالى - وأحلت في ذلك على كتبهم وأسانيدهم، إلا ما شذ عني من ذلك فلم أذكر إلا فص (1) القول.
وسميت هذا الكتاب كتاب (أعلام الدين في صفات المؤمنين وكنز علوم العارفين) فحق على من وقف عليه، واستفاد به، أن يدعو لمصنفه، ويترحم عليه، ويدع الهوى والميل في إعابة شئ منه، فإنه يشتمل على ترك الدنيا والرغبة في الآخرة، حسب ما يأتي ذكره وتفصيله.
مخ ۳۴
فصل " في الدليل على حدث الإنسان وإثبات محدثه " أقرب ما يستدل به الإنسان على حدثه وإثبات محدثه، ما يراه من حاله وتغيره الواقع بغير اختياره وقصده، كالزيادة والنقص المعترضين في جسمه وحسه، و [ما] (1) يتعاقب عليه من صحته وسقمه، وينتقل إليه من شيبته وهرمه، وأنه لا يدفع فيه من ذلك طارئا موجودا ولا يعيد ماضيا مفقودا، لو نقصت منه جارحة لم يقدر على التعويض منها، ولا يستطيع الاستغناء في الإدراك بغيرها عنها، لا يعلم غيب أمره، ولا يتحقق مبلغ عمره، وقدر (2) متناهية، وبنية ضعيفة واهية.
فيعلم بذلك أن له مصورا صوره، ومدبرا دبره لأن التصوير والتدبير فعلان لم يحدثهما الإنسان لنفسه، ولا كانا بقدرته، والفعل فلا بد له من فاعل، كما أن الكتابة لا غنى بها عن كاتب.
ثم يعلم أن مصوره صانعه ومحدثه، وأن مدبره خالقه وموجده، لأنه لا يصح وجوده إلا مصورا مدبرا.
ثم يعلم أيضا أن محدثه قادر، إذ كان لا يصح الفعل من عاجز.
ويعلم أنه حكيم عالم، لأن الأفعال المحكمة لا تقع إلا من عالم.
ثم يعلم أنه واحد، إذ لو كان اثنين لجاز اختلاف مراديهما فيه، بأن يريد أحدهما أن يميته، ويريد الآخر أن يحييه، فيؤدي ذلك إلى وجود المحال، وكونه ميتا حيا في حال، أو إلى انتفاء الحالين وتمانع المرادين، فيبطل ذلك أيضا ويستحيل، وهذا يبين أن صانعه واحد ليس باثنين.
ويعلم أنه لا يجوز على محدثه النقص والتغيير، وما هو جائز على المحدثين، لأن في جواز ذلك عليه مشابهة للمصنوعين، وهو يقتضي وجود صانع له أحدثه وصوره ودبره، إما محدث مثله أو قديم، وفي استحالة تنقل ذلك إلى ما لا يتناهى، دلالة على أن صانعه قديم.
مخ ۳۵
ويعلم بمشابهة حال غيره لحاله، أن حكمه كحكمه، وأنه لا بد من الإقرار بوجود صانع للجميع، لبطلان التثنية حسب ما شهد به الدليل.
فصل: وقد ورد في الحديث (1): أن أبا شاكر الديصاني وقف ذات يوم في مجلس الإمام الصادق - أبي عبد الله جعفر بن محمد صلى الله عليه - فقال له: أبا عبد الله، إنك لأحد النجوم الزواهر، وكان آباؤك بدورا بواهر، وأمهاتك عقيلات طواهر (2)، وعنصرك من أكرم العناصر، وإذا ذكر العلماء فبك (3) تثنى الخناصر، خبرنا أيها البحر الزاخر، ما الدليل على حدث (4) العالم؟
فقال أبو عبد الله صلى الله عليه وآله: " إن من أقرب الدليل على ذلك ما أذكره لك، ثم دعا ببيضة فوضعها في راحته وقال: هذا حصن ملموم، داخله غرقئ (5) رقيق، يطيف به كالفضة السائلة، والذهبة المائعة، أشك في ذلك؟ ".
قال أبو شاكر: لا شك فيه.
قال الإمام عليه السلام: " ثم إنه ينفلق عن صورة كالطاووس، أدخله شئ غير ما عرفت؟
قال: لا.
قال: " فهذا الدليل على حدث العالم ".
قال أبو شاكر: دللت - أبا عبد الله - فأوضحت، وقلت فأحسنت، وذكرت فأوجزت، وقد علمت أنا لا نقبل إلا ما أدركت أبصارنا، أو سمعناه بآذاننا، أو ذقناه بأفواهنا، أو شممناه بأنوفنا، أو لمسناه ببشرنا.
فقال الصادق عليه السلام: ذكرت الحواس (6) وهي لا تنفع في الاستنباط إلا بدليل، كما لا تقطع الظلمة بغير مصباح ".
قال شيخنا المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي رضي الله عنه:
مخ ۳۶
إن الصادق عليه السلام أراد أن الحواس الخمس بغير عقل لا توصل إلى معرفة الغائبات، وأن الذي أراه من حدوث الصورة معقول، بني العلم به على محسوس (1) واعلم - أيدك الله - أن الأجسام إذا لم تخل من الصورة - التي قد ثبت حدثها - فهي محدثة مثلها.
دليل آخر على حدث العالم: الذي يدلنا على ذلك، أنا نرى أجسامنا لا تخلو من الحوادث المتعاقبة عليها، ولا يتصور في العقل أنها كانت خالية منها، وهذا يوضح أنها محدثة مثلها، لشهادة العقل بأن ما لم يوجد عاريا من المحدث فإنه يجب أن يكون مثله محدثا.
وهذه الحوادث هي: الاجتماع والافتراق، والحركة والسكون، والألوان والروائح والطعوم، ونحو ذلك من صفات الأجسام.
والذي يدل على أنها أشياء غير الجسم، ما نراه من تعاقبها عليه، وهو موجود مع كل واحد منها.
وهذا يبين أيضا حدثها، لأن الضدين المتعاقبين لا يجوز أن يكونا مجتمعين في الجسم، ولا يتصور اجتماعهما في العقل، وإنما وجد أحدهما وعدم الآخر، فالذي طرأ ووجد هو المحدث، لأنه كائن بعد أن لم يكن، والذي انعدم أيضا محدث، لأنه لو كان غير محدث لم يجز أن ينعدم، ولأن مثله أيضا نراه قد تجدد وحدث.
والذي يشهد بأن الأجسام لم تخل من هذه الحوادث بدائه العقول وأوائل العلوم، إذ كان لا يتصور فيها وجود الجسم مع عدم هذه الأمور، ولو جاز أن يخلو الجسم منها فيما مضى، لجاز أن يخلو منها الآن فيما يستقبل من الزمان.
فالذي يدل على أن حكم الجسم كحكمها في الحدوث، أن المحدث هو الذي لوجوده أول، والقديم هو المتقدم على كل محدث وليس لوجوده أول، فلو كان الجسم قديما لكان موجودا قبل الحوادث كلها خاليا منها، وفيما قدمناه من استحالة خلوه منها دلالة على أنه محدث مثلها، فالحمد لله.
* * *
مخ ۳۷
فصل من السؤال والبيان (1) إن سألك سائل عن أول ما فرض عليك؟
فقل: النظر المؤدي إلى معرفة الله.
فإن قال: لم زعمت ذلك؟
فقل: لأنه - سبحانه - أوجب معرفته، ولا سبيل إلى معرفته إلا بالنظر في الأدلة المؤدية إليها.
فإن قال: فإذا كانت المعرفة بالله - جل وعز - لا تدرك إلا بالنظر، فقد حصل (2) المقلد غير عارف بالله.
فقل: هو كذاك.
فإن قال: فيجب أن يكون جميع المقلدين في النار.
فقل: إن العاقل المستطيع إذا أهمل النظر والاعتبار، واقتصر على تقليد الناس، فقد خالف الله تعالى وانصرف عن (3) أمره ومراده، ولم يكفه تقليده في أداء فرضه، واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه.
غير أنا نرجو العفو عمن قلد المحق والتفضل عليه، ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولا نعتقده فيه.
وكل مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته ونهاية إدراكه وفطنته، وأما المقصر الضعيف الذي ليس له استنباط صحيح، فإنه يجزيه التمسك - في الجملة - بظاهر ما عليه المسلمون.
فإن قال: كيف يكون التقليد قبيحا من العقلاء المميزين، وقد قلد الناس رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أخبر به عن رب العالمين، ورضي بذلك عنهم، ولم يكلفهم ما تدعون؟
مخ ۳۸
فقل: معاذ الله أن نقول ذلك أو نذهب إليه، ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يرض من الناس التقليد دون الاعتبار، وما دعاهم إلا إلى الله بالاستدلال، ونبههم عليه بآيات القرآن من قوله سبحانه: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/7/7" target="_blank" title="الأعراف 7">﴿أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ﴾</a> (١).
وقوله: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن- الكريم/3/3" target="_blank" title="آل عمران 3">﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾</a> (٢).
وقوله: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن- الكريم/51/51" target="_blank" title="الذاريات 51">﴿وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾</a> (٣).
وقوله: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن- الكريم/88/88" target="_blank" title="الغاشية 88">﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت﴾</a> (4).
ونحن نعلم أنه ما أراد بذلك إلا نظر الاعتبار.
فلو كان عليه السلام إنما دعا الناس إلى التقليد، ولم يرد (منهم الاستدلال) (5)، لم يكن معنى لنزول هذه الآيات.
ولو كان أراد أن يصدقوه ويقبلوا قوله تقليدا بغير تأمل واعتبار، لم يحتج إلى أن يكون على يده ما ظهر من الآيات والمعجزات.
فأما قبول قوله صلى الله عليه وآله بعد قيام الدلالة على صدقه، فهو تسليم وليس بتقليد.
وكذلك قبولنا لما أتت به أئمتنا عليهم السلام، ورجوعنا إلى فتاويهم في [شريعة] (6) الإسلام.
فإن قال قائل: فأبن لنا ما التقليد في الحقيقة، وما التسليم؟ ليقع الفرق.
فقل: التقليد: قبول [قول] (7) من لم يثبت صدقه، ومأخوذ من القلادة.
والتسليم: هو قبول من ثبت صدقه، وهذا لا يكون إلا ببينة وحجة، والحمد لله.
مخ ۳۹
فصل " من كلام جعفر بن محمد عليه السلام " قال: " وجدت علم الناس في أربع: أحدها: أن تعرف ربك، والثاني: أن تعرف ما صنع بك، والثالث: أن تعرف ما يخرجك عن دينك، والرابع: أن تعرف ما أراد منك ".
قال شيخنا المفيد رحمه الله: هذه أقسام تحيط بالمفروض من المعارف، لأنه أول ما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله، فإذا علم أن له إلها وجب أن يعرف صنعه إليه، فإذا عرف صنعه عرف نعمته، فإذا عرف نعمته وجب عليه شكره، فإذا أراد تأدية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بفعله ، وإذا وجبت عليه طاعته وجب عليه معرفة ما يخرجه من دينه ليجتنبه، فتصح (1) به طاعة ربه وشكر إنعامه (2).
ولقد أحسن بعض أهل الفضل والعلم، في قوله في المعرفة بالله تعالى، وذم التقليد وبالغ:
إن كان جسما فما ينفك عن عرض * أو جوهرا فبذي الأقطار موجود أو كان متصلا بالشئ فهو به * أو كان منفصلا فالكل محدود لا تطلبن إلى التكييف من سبب * إن السبيل إلى التكييف مسدود واستعمل الحبل حبل العقل تحظ به * فالعقل حبل إلى باريك ممدود والزم من الدين ما قام الدليل به * فإن أكثر دين الناس تقليد وكلما وافق التقليد مختلق * زور وإن كثرت فيه الأسانيد وكلما نقل الآحاد من خبر * مخالف لكتاب الله مردود * * *
مخ ۴۰
فصل آخر في السؤال والبيان إن سألك سائل فقال: ما أول نعمة الله تعالى عليك؟
فقل: خلقه إياي حيا لينفعني.
فإن قال: ولم زعمت أن خلقه إياك حيا أول النعم؟
فقل: لأنه خلقني لينفعني، ولا طريق إلى نيل النفع إلا بالحياة التي يصح معها الإدراك.
فإن قال: ما النعمة؟
فقل: هي المنفعة إذا كان فاعلها قاصدا لها.
فإن قال: فما المنفعة؟
قل: هي اللذة الحسنة، أو ما يؤدي إليها.
فإن قال: لم اشترطت أن تكون اللذة حسنة به (1)؟
فقل: لأن من اللذات ما يكون قاتلا، فلا يكون حسنا.
فإن قال: لم قلت: أو ما يؤدي إليها؟
فقل: لأن كثيرا من المنافع لا يتوصل إليها إلا بالمشاق، كشرب الدواء الكريه، والفصد، ونحو ذلك من الأمور المؤدية إلى السلامة واللذات، فتكون هذه المشاق منافع لما تؤدي إليه في عاقبة الحال.
ولذلك قلنا: إن التكليف نعمة حسنة، لأن به ينال مستحق النعيم الدائم واللذات.
فإن قال: فما كمال نعم الله تعالى؟
فقل: إن نعمه تتجدد علينا في كل حال، ولا يستطاع لها الإحصاء.
فإن قال: فما تقولون في شكر المنعم؟
فقل: هو واجب.
فإن قال: فمن أين عرفت وجوبه؟
مخ ۴۱
فقل: من العقل وشهادته، وأوضح (1) حجته ودلالته، ووجوب شكر المنعم على نعمته، مما تتفق العقول عليه ولا تختلف فيه.
فإن قال: فما الشكر اللازم على النعمة؟
فقل: هو الاعتراف بها، مع تعظيم منعمها.
فإن قال: فهل أحد من الخلق يكافئ نعم الله تعالى بشكر، أو يوفي حقها بعمل؟
فقل: لا يستطيع ذلك أحد من العباد، من قبل أن الشئ إنما يكون كفوا لغيره، إذا سد مسده، وناب منابه، وقابله في قدره، وماثله في وزنه.
وقد علمنا أنه ليس من أفعال الخلق ما يسد مسد نعم الله عليهم، لاستحالة الوصف لله تعالى بالانتفاع، أو تعلق الحوائج به إلى المجازاة.
وفساد مقال من زعم أن الخلق يحيطون علما بغاية الإنعام من الله تعالى عليهم والإفضال، فيتمكنون من مقابلتها بالشكر على الاستيفاء للواجب والاتمام.
فنعلم بهذا تقصير العباد عن مكافاة نعم الله تعالى عليهم، ولو بذلوا في الشكر والطاعات غاية المستطاع، وحصل ثوابهم في الآخرة تفضلا من الله تعالى عليهم وإحسانا إليهم، وإنما سميناه استحقاقا في بعض الكلام، لأنه وعد به على الطاعات، وهو الموجب له على نفسه بصادق وعده، وإن لم يتناول شرط الاستحقاق على الأعمال، وهذا خلاف ما ذهبت إليه المعتزلة، إلا أبو القاسم البلخي فإنه يوافق في هذا المقال، وقد تناصرت به مع قيام الأدلة العقلية عليه الأخبار.
روى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " قال الله تعالى: لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين [في عبادتهم كنه عبادتي، فيما يطلبون] (2) من كرامتي، والنعيم في جناتي، و (3) رفيع الدرجات العلى في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فيطمئنوا فإن
مخ ۴۲
رحمتي عند ذلك تدركهم، وبمني أبلغهم رضواني [ومغفرتي وألبسهم عفوي] (1) وبعفوي أدخلهم جنتي، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، بذلك تسميت ".
وعن عطا بن يسار، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: " يوقف العبد بين يدي الله، فيقول لملائكته: قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله، فتستغرق النعم العمل، فيقول:
هبوا له النعم ، وقيسوا بين الخير والشر منه، فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الجنة، وإن كان له فضل أعطاه الله بفضله، وإن كان عليه فضل - وهو من أهل التقوى، ولم يشرك بالله تعالى - فهو من أهل المغفرة، يغفر الله له برحمته إن (2) شاء ويتفضل عليه بعفوه ".
وعن سعد (3) بن خلف، عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال له: " عليك بالجد والاجتهاد في طاعة الله، ولا تخرج نفسك من حد التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله تعالى لا يعبد حق عبادته ".
* * *
مخ ۴۳
كتاب (البرهان على ثبوت الإيمان) لأبي الصلاح التقي بن نجم بن عبيد الله الحلبي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلواته على خيرة النبيين محمد وآله الطاهرين وسلم وكرم.
أول فعل مقصود يجب على العاقل، مما لا يخلو منه عنك (1) كمال عقله، من وجوب النظر المؤدي إلى المعرفة، لأن الحي عند كمال عقله يجد عليه آثار نفع، من كونه حيا سميعا بصيرا عاقلا مميزا قادرا متمكنا، مدركا للمدركات منتفعا بها، ويجوز أن يكون ذلك نعمة لمنعم.
ويعلم أنها إن كانت كذلك، فهي أعظم نعمة لانغمار كل نعمة في جنبها، ويجد في عقله وجوب شكر المنعم، واستحقاق المدح على فعل الواجب والذم على الإخلال به، ويجوز أن يستحق من موجده والمنعم عليه مع المدح ثوابا ومع الذم عقابا، ويجد في عقله وجوب التحرز من الضرر اليسير وتحصيل النفع العظيم.
فتجب عليه معرفة من خلقه والنفع له، ليعلم قصده فيشكره إن كان منعما، ولا سبيل إلى معرفته إلا بالنظر في آثار صنعته لوقوعها بحسبها، ولو كانت لها سبب غيره، لجاز حصول جميعها لمن لم ينظر وانتفاؤها عن الناظر، فوجب فعله لوجوب ما لا يتم الواجب إلا به.
والواجب من المعرفة شيئان: توحيد وعدل، وللتوحيد إثبات ونفي.
فالإثبات: إثبات صانع للعالم - سبحانه - قادر، عالم، حي، قديم، مدرك، مريد.
مخ ۴۴
والنفي: نفي صفة زائدة على هذه الصفات، ونفي التشبيه، ونفي الإدراك عنه - تعالى - بشئ من الحواس، ونفي الحاجة، ونفي قديم ثان شارك في استحقاق هذه الصفات.
والعدل: تنزيه أفعاله عن القبيح، والحكم لها بالحسن.
* * *
مخ ۴۵
فصل " في الكلام في التوحيد " طريق العلم بإثبات الصانع - سبحانه - أن يعلم الناظر: أن هاهنا حوادث يستحيل حدوثها عن غير محدث.
وجهة ذلك: أن يعلم نفسه وغيره من الأجسام، متحركا ساكنا، ثم مجتمعا مفترقا، أوضحه ذلك.
فيعلم بتغاير هذه الصفات على الأجسام، أنها أعيان لها، لأنها لو كانت صفات لذواتها، لم يجز تغيرها.
ويعلم بتجددها عن عدم، وبطلانها عن وجود، أنها محدثة، لاستحالة الانتقال عليها، من حيث لم تقم بأنفسها، والكمون المعقول راجع له إلى الانتقال.
فإذا علم استحالة ذلك على هذه الصفات، علم أن المتجدد منها إنما يجدد عن عدم، وهذه حقيقة المحدث والمنتفي، وأن ما انتفى عن الوجود والعدم يستحيل على القديم لوجوب وجوده، وما ليس بقديم محدث.
فإذا علم حدوث هذه المعاني المغايرة للجسم، وعلم أنه لا بد في الوجود من مكان يختصه مجاورا لغيره أو مباينا، وقتا واحدا أو وقتين، لابثا فيه أو منتقلا عنه - وقد تقدم له العلم: أنه إنما كان كذلك لمعان غيره محدثة علم أنه محدث، لأنه لو كان قديما لوجب أن يكون سابقا للحوادث بما لا نهاية له.
فإذا علم أنه لا ينفك من الحوادث، علم كونه محدثا، لعلمه ضرورة بحدوث ما لم يسبق المحدث، ولأنه إذا فكر في نفسه - وغيرها - فوجدها كانت نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظما، ثم جنينا، ثم حيا، ثم طفلا، ثم يافعا، ثم صبيا، ثم غلاما، ثم بالغا، ثم شابا قويا، ثم شيخا ضعيفا، ثم ميتا.
وأنه لم يكن كذلك إلا بتجدد معان فيه: حرارات، وبرودات، ورطوبات، ويبوسات، وطعوم، وألوان، وأرابيح مخصوصة، وقدر، وعلوم، وحياة.
وعلم بطلان كل صفة من هذه الأغيار بعد وجود، وتجددها عن عدم، والجواهر التي تركب منها الجسم باقية، علم أنها صفات مغايرة لها وأنها محدثة، لاستحالة الكون
مخ ۴۶
والانتقال عليها بما قدمناه.
وإذا علم حدوث جواهره - وغيره من الجواهر - بالاعتبار الأول، وصفاته بهذه وصفات غيره بالاعتبار الثاني، ولأنها لا تنفك من المحل المحدث.
وعلم أن في الشاهد حوادث - كالبناء والكتابة - وأن لها كاتبا وبانيا، هو من وقعت منه بحسب غيرها، وإنما ذلك مختص بما يجوز حصوله وانتفاؤه، فلا يحصل إلا بمقتض.
فأما ما وجب فمستغن بوجوبه عن مؤثر منفصل عن الذات، كتحيز الجوهر، وحكم السواد.
ولا يجوز خروجه تعالى عن هذه الصفات، لوجوب الوجود له تعالى في حق كونه قديما لنفسه، يجب له وجوده تعالى في كل حال، وكونها صفات نفسه يجب ثبوتها للموصوف ويستحيل خروجه عنها ما وجد، لكون المقتضي ثانيا (1) وهو النفس، واستحالة حصول المقتضي وانتفاء مقتضاه.
وبعلمه سبحانه مدركا إذا وجدت المدركات، لكونه تعالى يستحيل فيه الآفات والموانع، بدليل حصول هذا الحكم لكل حي لا آفة به متى وجد المدرك، وارتفعت الموانع.
وبعملمه سبحانه مريدا لوقوع أفعاله على وجه دون وجه وفي حال دون أخرى، وذلك مفتقر إلى أمر زائد على كون الحي قادرا عالما، لكونه صفة للفعل زائدة على مجرد الحدوث والأحكام، وإرادته فعله إذ كونه مريدا لنفسه، أو معنى قديم يقتضي قدم المرادات، أو كونه عازما، وكلا الأمرين مستحيل فيه سبحانه.
والمحدث لا يقدر على فعل الإرادة في غيره، وقديم ثان نرد (2) برهان نفيه، فثبت سبحانه مريدا بإرادة يفعلها إلا (3) في محل لاستحالة حلولها فيه أو في غيره، ولا صفة له سبحانه زائدة على ما علمناه، لأنه لا حكم لهما ولا برهان بثبوتهما، وإثبات ما لا حكم له ولا برهان عليه مفض إلى الجهالات.
وبعلمه سبحانه لا يشبه شيئا من الأجسام والأعراض، لقدمه تعالى وحدوث
مخ ۴۷
هذه الأجناس، لتعذر هذه الأجناس على غيره.
وإذا علمه تعالى فكذلك علم استحالة إدراكه بشئ من الحواس، لأن الإدراك المعقول مختص بالمحدثات.
وعلم كذلك استحالة الاختصاص بالجهات والنقل فيها والمجاوزة والحلول وإيجاب الأحكام والأحوال عليه سبحانه، لكون ذلك من صفات الأجسام والأعراض المباينة له تعالى.
وبعلمه (1) عنها يستحيل عليه الحاجة لاختصاصها باجتلاب النفع ودفع الضرر واختصاص النفع والضر بمن يصح أن يألم ويكد (2)، واختصاص اللذة والألم بذي شهوة ونفار، وكونهما معنيين يفتقران إلى فعل، وذلك لا يجوز عليه لحدوث المحل وقدومه (3) سبحانه، ولخلو الفعل من دليل على إثباته مسهيا (4) أو نافرا.
وإذا علم تخصصه تعالى بهذه الصفات من سائر الموجودات، علمه (5) تعالى واحدا، لأنهما لو كانا اثنين لوجوب اشتراكهما في جميع الصفات الواجبة والجائزة، وذلك يوجب كون مقدورهما ومرادهما واحدا، مع حصول العلم الضروري بصحة إرادة أحد المتحيزين ما يكره الآخر أو لا يريده ولا يكرهه، وقيام البرهان على استحالة تعلق مقدور واحد بقادرين، وتقدير قديم ثان يقتضي نقض هذا المعلوم.
فثبت أنه تعالى واحدا لا ثاني له، ولأنه لا دليل من جهة العقل على إثبات ثان، وقد ورد السمع المقطوع بإضافته إليه سبحانه بنفي قديم ثان، فوجب له القطع على كونه واحد.
* * *
مخ ۴۸
" فصل في مسائل العدل " ثبوت ما بيناه من كونه تعالى عالما لا يصح أن يجهل شيئا، غنيا لا يصح أن يحتاج إلى شئ، يقتضي كونه سبحانه عادلا لا يخل بواجب في حكمته سبحانه ولا يفعل قبيحا، لقبح ذلك وتعذر وقوع القبيح من العالم به وبالغني (1) عنه، وذلك فرع لكونه قادرا على القبيح.
وكونه تعالى قادرا لنفسه، يقتضي كونه قادرا على الحسن، يقتضي كونه قادرا على القبيح، إذ كان الحسن من جنس القبيح، وذلك مانع من كونه مريدا للقبيح، لأنا قد بينا أنه لا يكون مريدا إلا بإرادة يفعلها، وإرادة القبيح قبيحة، لأن كل من علم مريدا للقبيح علم قبح إرادته واستحقاقه الذم، ومقتض لكونه مريدا لما فعله - تعالى - وكلفه، لاستحالة فعله ما لا غرض فيه، وتكليفه ما لا يريده، وكارها للقبيح لكونه غير مريد له (وفساد حلو ما كلفه) (2)، وإحسانه من الإرادة والكراهة، لأن ذلك يلحقه بالمباح، وموجب لكون المكلف قادرا على ما كلفه - فعلا وتركا - من متماثل الأجناس ومختلفها ومضادها قبل وقوع ذلك، ومزيح لعلته بالتمكين من ذلك والعلم به واللطف فيه، ومقتض لحسن أفعاله وتكاليفه، لأن خلاف ذلك ينقض كونه عادلا وقد أثبتناه.
ولا يعلم كون كل مكلم (3) قادرا لصحة الفعل منه، ومتعلقا بالمتماثل والمختلف والمتضاد، لصحة وقوع ذلك من كل قادر.
وفاعلا لوجوب وقوع التأثيرات المتعلقة به من الكتابة والبناء وغيرهما بحسب أحواله، ولتوجيه المدح إليه على حسنها والذم على قبحها، وثبوت القادر على الفعل قبل وقوعه، لثبوت حاجة المقدور في حال عدمه إلى حال القادر، واستغنائه في حال وجوده عنها كحال بقائه، ومتمكنا بالآيات (4) من جميع ما يفتقر إليها، وبكمال العقل من العلم بذوات الأشياء وأحكامها، وبالنظر من العلوم المكتسبة، بدليل حصول الأول
مخ ۴۹
لكل عاقل، والثاني لكل ناظر، وجوب اصطلاح المريد من غيره ما يعلم أو يظن كونه مؤثرا في اختياره، ولوجوب تمكينه.
وعلمنا بأنه تعالى لا يخل بواجب في حكمته، وظهور الغرض الحكمي في أكثرها أوجده سبحانه على جهة التفضل، وثبوت ذلك على الجملة فيما لا يظهر لنا تفصيل المراد به كأفعال سائر الحكماء.
وحسن التكليف لكونه تعريضا لما لا يوصل إليه إلا به من الثواب.
وكون التعريض للشئ في حكم إيصاله من حسن وقبح، لأنه لا حسبة له بحسن التكليف غيره، وعلمه سبحانه بكفر المكلف أو فسقه لا يقتضي قبح تكليفه، لكونه تعالى مزيحا لعلته ومحسنا إليه كإحسانه إلى من علم من حاله أنه يؤمن، أتي من قبل نفسه فالتبعة عليه دون مكلفه سبحانه.
وحسن جميع ما فعله تعالى من الآلام أو فعل بأمره أو إباحته، لما فيه من الاعتبار المخرج له من العيب، والعوض الزائد المخرج له عن قبيل الظلم والإساءة، إلى حيز العدل والإحسان.
ووجوب الانتصاف للمظلوم من الظالم، لوقوع الظلم عن تمكينه تعالى، وإن كان كارها له تعالى.
ووجوب الرئاسة، لكون المكلف عندها أقرب من الصلاح، وأبعد من الفساد.
ووجوب ما له هذه الصفة لكونه لطفا، ووقوف هذا اللطف على رئيس لا رئيس له، لفساد القول بوجود ما لا نهاية له من الرؤساء، ومنع الواجب في حكمته تعالى.
ولا يكون كذلك إلا بكونه معصوما، وكون الرئيس أفضل الرعية وأعلمها لكونه إماما لها في ذلك، وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه.
ووجوب نصبه بالمعجزات والنص المشتد (1) إليه، لوجوب كونه على صفات لا سبيل إليها إلا ببيان علام الغيوب سبحانه.
وهذه الرئاسة قد تكون نبوة، وقد تكون إمامة ليست بنبوة.
فالنبي هو المؤدي عن الله سبحانه بغير واسطة من البشر، والغرض في تعينه بيان
مخ ۵۰
المصالح من المفاسد.
والدلالة على حسن البعثة لذلك قيام البرهان على وجوب بيان المصالح والمفاسد للمكلف في حق المكلف، فلا بد متى علم سبحانه ما له هذه الصفة من بعثه مبينا له، ولا بد من الموت (1) المبعوث معصوما فيما يرد به من حيث كان الغرض في تعينه ليعلم المكلف المصالح والمفاسد من جهته، فلو جاز عليه الخطأ فيما يؤديه لارتفعت الثقة بأدائه، وقبح العمل بأوامره واجتناب نواهيه.
ولا بد من كونه معصوما من القبائح، لوجوب تعظيمه على الإطلاق وقبح ذمه، والحكم بكفر المستخف به مع وجوب ذم فاعل القبيح.
ولا يعلم صدقه إلا بالمعجز، ويفتقر إلى شروط ثلاثة:
أولها: أن يكون خارقا للعادة، لأنه إن كان معتادا - وإن تعذر جنسه - كخلق الولد عند الوطء، وطلوع الشمس من المشرق، والمطر في زمان مخصوص، لم يقف على مدع من مدع.
وطريق العلم بكونه خارقا للعادة، اعتبار حكمها وما يقع فيها ويميزه من ذلك على وجه لا لبس فيه، أو بحصول تحد وتوفر دواعي المتحدي وخلوصا (2) وتعذر معارضته.
وثانيها: أن يكون من فعله تعالى، لأن من عداه سبحانه يصح منه إيثار القبيح فلا يؤمن منه تصديق الكذاب، وطريق العلم بكونه من فعله تعالى، أن يكون متعدد الجنس كالجواهر والحياة وغيرهما من الأجناس الخارجة من مقدور المحدثين، أو يقع بعض الأجناس المختصة بالعباد على وجه لا يمكن إضافته إلا إليه سبحانه.
ثالثها: أن يكون مطابقا للدعوى، لأنه إن كان منفصلا عنها لم يكن مدع أولى به من مدع، وطريق ذلك المشاهدة أو خبر الصادق.
فمتى تكاملت هذه الشروط ثبت كونه معجزا، إذ (لا صدق من) (3) اقترن ظهوره بدعواه لأنه جار مجرى قوله تعالى: صدق هذا علي فيما يؤديه عني، وهو تعالى لا يصدق الكذابين.
مخ ۵۱
فإذا علم صدقه بالمعجز، وجب اتباعه فيما يدعو إليه، والقطع على كونه مصلحة، وينهى (1) عنه والقطع بكونه مفسدة.
ولا طريق إلى نبوة أحد من الأنبياء عليهم السلام الآن، إلا من جهة نبينا صلوات الله عليه وآله، لانسداد طريق التواتر بشئ من معجزاتهم بنقل من عدا المسلمين، لفقد العلم باتصال الأزمنة مشتملة على متواترين فيها بشئ من المعجزات، وتعذر تعين الناقلين لها.
وطريق العلم بنبوته صلى الله عليه وآله القرآن وما عداه من الآيات، ووجه الاستدلال به، أنه تحداهم به على وجه لم يبق لهم صارف عن معارضته، فتعذرت على وجه لا يمكن إسناده إلى غير عجزهم، إما لأنه في نفسه معجز، أو لأن الله سبحانه صرفهم عن معارضته، إذ كل واحد من الأمرين دال على صدقه.
وقد تضمن القرآن ذكر أنبياء على جهة التفصيل والجملة، فيجب لذلك التدين بنبوتهم، وكونهم على الصفات التي يجب كون النبي عليها.
وأن رسول الله صلوات الله عليه أفضلهم وخاتمهم والناسخ لشرائعهم، وبشريعة يجب العلم والعمل بها إلى يوم القيامة.
والإمام هو الرئيس المتقدم المقتدى بقوله وفعله والغرض في نصبه فيه من اللطف للرعية في تكاليفهم العقلية، ويجوز أن يكون نائبا عن نبي أو إمام في تبليغ شريعة.
ومتى كان كذلك فلا بد من كونه عالما بجميعها، لقبح تكليفه الأداء وتكليف الرجوع إليه، مع فقد العلم بما يؤديه ويرجع إليه فيه.
ويجب أن يكون معصوما في أدائه، لكونه قدوة، ولتسكن النفوس إليه، ولتسلم بعظمة الواجب خلوصه من الاستخفاف.
ويجب أن يكون عابدا زاهدا لكونه قدوة فيهما، وإن كان مكلفا [ب] (2) جهاد أوجب كونه أشجع الرعية لكونه فئة لهم.
ويجوز من طريق العقل أن يبعث الله سبحانه إلى كل واحد من المكلفين نبيا وينصب له رئيسا ويكون ذلك في الأزمنة، وإنما ارتفع هذا الجائز في شريعتنا، بحصول
مخ ۵۲