كتاب (البرهان على ثبوت الإيمان) لأبي الصلاح التقي بن نجم بن عبيد الله الحلبي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلواته على خيرة النبيين محمد وآله الطاهرين وسلم وكرم.
أول فعل مقصود يجب على العاقل، مما لا يخلو منه عنك (1) كمال عقله، من وجوب النظر المؤدي إلى المعرفة، لأن الحي عند كمال عقله يجد عليه آثار نفع، من كونه حيا سميعا بصيرا عاقلا مميزا قادرا متمكنا، مدركا للمدركات منتفعا بها، ويجوز أن يكون ذلك نعمة لمنعم.
ويعلم أنها إن كانت كذلك، فهي أعظم نعمة لانغمار كل نعمة في جنبها، ويجد في عقله وجوب شكر المنعم، واستحقاق المدح على فعل الواجب والذم على الإخلال به، ويجوز أن يستحق من موجده والمنعم عليه مع المدح ثوابا ومع الذم عقابا، ويجد في عقله وجوب التحرز من الضرر اليسير وتحصيل النفع العظيم.
فتجب عليه معرفة من خلقه والنفع له، ليعلم قصده فيشكره إن كان منعما، ولا سبيل إلى معرفته إلا بالنظر في آثار صنعته لوقوعها بحسبها، ولو كانت لها سبب غيره، لجاز حصول جميعها لمن لم ينظر وانتفاؤها عن الناظر، فوجب فعله لوجوب ما لا يتم الواجب إلا به.
والواجب من المعرفة شيئان: توحيد وعدل، وللتوحيد إثبات ونفي.
فالإثبات: إثبات صانع للعالم - سبحانه - قادر، عالم، حي، قديم، مدرك، مريد.
مخ ۴۴