فهو فرض في سائر الأديان
وقوله:
أيدفع معجزات الرسل قوم
وفيك وفي بديهتك اعتبار»
انتهى كلام ابن الوردي. وما ذكره من الشعر منقول من سقط الزند.
ولقائل أن يقول: ما لكم تنتصرون للرجل بكلامه في سقط الزند، وهو لم يقصد به بيانا لمذهبه، أو شرحا لمعتقده، بل جرى فيه مجرى الشعراء في أفانينهم الشعرية، وأخرجه مخرج هيامهم في كل واد من القول وضرب من الخيال؛ وهم كما تعلمون يجوزون الكذب، ويقولون ما لا يفعلون؛ فشأنه في ذلك شأنهم ودعواه دعواهم؛ فإذا مدح شريفا لم يكن له بد من تقديس آبائه، والإقرار لجدهم
صلى الله عليه وسلم
بالنبوة والرسالة، تعظيما لشأن الممدوح؛ كما لا مندوحة له في الرثاء عن وصف ما لقيه المرثي من التكريم في جنات النعيم، ليكون قوله مقبولا لدى من يخاطبهم، وأدعى للحظوة عندهم، وإن لم يكن هو معتقدا له. وما يقال في هذا يقال في غيره، وإلا للزمكم أنه كان على غير ما تدعون له من الزهد والتقوى، لما أثبته في هذا الديوان من الغزل والتشبيب وبكاء الشباب والفخر ، وهي والزهد على طرفي نقيض. فلو اقتصرتم على ما في لزوم ما لا يلزم ونحوه من الكتب التي وضعها لبيان فلسفته وآرائه، لسلمتم من مثل هذا النقد.
ونقول في رد ذلك: ربما كان لما ذكرت وجه من الصحة، إلا أنا لما رأيناكم آخذتم الرجل على بعض ما جاء في هذا الديوان، واستدرجتم به إلى الطعن في عقيدته، مع أنه لا يخرج عن الغلو المألوف للشعراء كما بيناه آنفا - استجزنا أيضا أن نحجكم بما جاء فيه من صريح ذكر الحشر، والإيمان بالرسل وإثبات المعجزات لهم عليهم السلام. وشتان ما بين حجتينا. على أن ما ادعيتموه لا يصح الحكم به على مطلق شعر يقوله الشاعر، وإلا فالويل للشعر والشعراء بعدئذ. •••
وبعد، فإنا لم نحكم لأبي العلاء بصحة إيمانه بالرسل والنبوات إلا من أقواله المثبتة لذلك، المصرحة به. فلا ريب في أن ما يوهم في ظاهره نقيضها من أقواله الأخرى، مؤول بما يحتمله لفظه؛ وكثير منها لم يرد به الطعن على الأديان نفسها، بل أراد أهلها ومنتحليها، لتفريطهم فيها أو إفراطهم، كما صرح به في أقوال أخرى، سنأتي عليها في هذا الفصل.
ناپیژندل شوی مخ