...
بين العقيدة والقيادة
خپرندوی
دار القلم - دمشق
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
د خپرونکي ځای
الدار الشامية - بيروت
ژانرونه
والناحيتان اللتان يفترق فيهما المجاهد عن الراهب، فهما: أولًا أن الراهب عبادته لنفع نفسه ولشخصه، وهي أقرب إلى أن تكون سلبية؛ أما المجاهد فعبادته في جهاده في نفع أمته، ورفع الحق وخفض الباطل؛ فعبادته إيجابية، تدافع عن حياة غيره، وهي إيثار لا أثرة فيها ولا ما يشبه الأثرة، والذاتية؛ بل فيها تقديم النفس للنفع العام، ولله وللحق، احتسابًا، وبيعًا لها بأن له الجنة.
والناحية الثانية المفرقة بين الرهبنة والجهاد: أن الرهبنة فناء، ولذلك تسمى موتًا حكميًا؛ أما الجهاد فقوة في الحياة، وطلب لحياة الآخرين، وإن كان فيه موت حقيقي، فهو موت لينال المجاهد أعلى درجات الحياة، وليكوّن من موته حياة عزيزة كريمة لأهل دينه، وتكون كلمة الله تعالى هي العليا.
٩ - ولقد تكلم اللواء الركن محمود شيت خطاب في قيادة النبي ﷺ وهو أفضل قائد رآه الوجود الإنساني، وتكلم في قيادة السلف الصالح أبي بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص وغيرهم من الأبدال الذين شروا أنفسهم لله تعالى بما عنده.
وقد كانت عدة النصر عندهم ليست السيوف البتارة وحدها، ولا النبال التي تقطع الأفئدة؛ إنما كانت العدة الإيمان والصبر، كما قال فارس المسلمين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
ولنقل كلامه في هذا كاملًا، والمناسبة التي قاله فيها هي أنه تكاثر الفرس على المؤمنين، فخشي عمر على أهل الإيمان، فأراد أن يخرج معهم إلى الميدان، فاستشار أصحاب رسول الله، فمنهم من وافق على
1 / 23