...
بين العقيدة والقيادة
خپرندوی
دار القلم - دمشق
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
د خپرونکي ځای
الدار الشامية - بيروت
ژانرونه
إنها ليست العقيدة في أولى درجاتها، إنما العقيدة في أعلى سماتها، إنها التجرد لله ﷾، وإنها أعلى من الحقيقة، التي يدعو إليها مونتكومري؛ وإن ذلك مؤداه أن يخرج المجاهد قائدًا أو مقودًا لا يجعل لشخصه مكانًا في مقصده، بل تفنى نفسه في الجهاد.
وإذا كان بعض القواد يقول: إن القائد يجب أن يكون في نيته كالكاهن لا يعرف إلا العبادة لله تعالى في جهاده؛ فإن النبي ﷺ قد قال ما هو أعلى من هذا، فقد عدّ ﷺ الجهاد أفضل العبادات.
وعدّ ﵇ المستشهد في سبيل الله تعالى قد فاز بالجنة، وكان المجاهدون من أصحابه إذا أوشكوا على الشهادة نادى أحدهم: فزت ورب الكعبة.
فالعقيدة لم تكن صفة القائد وحده، بل صفة كل جندي يحارب في سبيل الله، ولقد قال ﷺ: "لكل أمة رهبانية، ورهبانية أمتي في الجهاد".
وإن المجاهد المخلص المؤمن المتقد الذهن، يتفق مع الراهب في ناحية، ويختلف عنه في ناحيتين:
أما ناحية الاتفاق فهي أن كل واحد منهما يتجه إلى عبادة مخلصة لا يبتغي عرضًا من أعراض الدنيا، ولا مأربًا شخصيًا فيها، ولكن رضا الله على اتجاه مستقيم في جانب المجاهد، وعلى انحراف في جانب الراهب، لأن الرهبانية ابتدعها الذين أخذوها جزءًا من دينهم، كما قال تعالى في أتباع المسيح ﵇: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾.
1 / 22