Suami Saya Tharwat Abaza
زوجي ثروت أباظة
Genre-genre
وأما دسوقي فبعد حصوله على الثانوية العامة أراد أن يدخل كلية الآداب قسم فلسفة ولكن والده نصحه بكلية الحقوق، ولما طال بينهما النقاش اقترح ثروت أن يشرك الأستاذ الكبير نجيب محفوظ في الأمر، وقال نجيب بك لدسوقي: «جميل جدا أن تدخل فلسفة ولكن لتستطيع أن تكون شيئا في الحياة يجب أن تكون من الأوائل.» ففكر دسوقي وقرر أن يدخل كلية الحقوق، وتخرج منها ودخل المركز القومي للدراسات القضائية الذي افتتح في هذه السنة بالذات، وكان رئيسه المستشار سمير ناجي، وكان هذا المركز صورة مصغرة لمثيله في باريس من ناحية الشكل والأداء، ورفض سمير بك أن يأخذ مقابلا لإدارة هذا المركز، وكان دسوقي الأول على دفعته وعددها 260 وكيلا للنيابة؛ فأرسله سمير بك في مهمة مدتها ستة أشهر إلى باريس، وعند السفر ودعنا دسوقي وداعا حارا والدموع في عينيه ويضم شفتيه بقوة حتى لا تنهمر تلك الدموع، ولكن بعد شهرين من وصوله إلى باريس فوجئنا بتليفون منه يطلب من أبيه أن يمد البعثة إلى سنة، ولكن أباه رفض رفضا باتا. وعاد دسوقي وعمل وكيلا للنائب العام في النيابات المختلفة، ثم اختاره المستشار سمير بك ناجي ليعمل رئيسا للمكتب الفني، وليدرس لوكلاء النيابة الجدد اللغة الفرنسية فقبل، وأراد أن يتمثل بأستاذه وأن يرفض مقابلا لهذا العمل ولكن سمير بك رفض هذا الطلب. وظل دسوقي في القضاء وأحب عمله؛ ولذلك نجح فيه. وعمل لسنوات عديدة ثم ترك السلك القضائي وعمل في الجامعة العربية.
ولدسوقي أسلوب رصين في الكتابة، نشرت له جريدة الأهرام عدة مقالات، آخرها مقالة يودع فيها الداعية الجليل محمد متولي الشعراوي. وهو قارئ منذ فجر شبابه، ويقرأ في الدين وفي الآداب والشعر، وهو يحفظ كثيرا من شعر أحمد شوقي ومن شعر جده عزيز أباظة.
وتجده دائما إلى جانب اليائس والذي تتعثر معه الأيام، وقد تحمل المسئولية بعد أبيه بصبر وسماحة نفس.
وتزوج دسوقي من جيهان حتاتة كريمة منير بك حتاتة المحامي المشهور، وهي زوجة وأم وسيدة منزل ممتازة، وأنجبا «ياسمين وعفاف وملك».
وقد أخذ دسوقي وأمينة عن أبيهما القيم والأخلاق والصدق والسعي في مساعدة الناس بكل قواهما، وأخذا أيضا حب الخير والعطف على المحتاجين ونجدتهم.
وظل ثروت يرعى أولاده ويغدق عليهم من حبه وحنوه ولم يبخل عليهم بماله ولا بجاهه، وكان حصنهم الحصين، وأما أحفاده فكانوا النور الذي يضيء حياته وينسيه كل متاعبه.
وهم بدورهم يرتمون في أحضانه ويجدون عنده الأمن والأمان، ومن اللافت للنظر أن هذا هو حال كل الأطفال معه وليس فقط أحفاده، فالطفل يحس بالنقاء والصفاء فيلجأ إليهما لحمايته، وحتى الحيوانات المنزلية الأليفة كانت تختار مكانها تحت أقدامه وتنام وهي هادئة مطمئنة راضية.
أما أول أعمال ثروت الأدبية فكانت بعد زواجنا بقليل، طلب منه المخرج المشهور الأستاذ فتوح نشاطي أن يشترك معه في كتابة مسرحية عن ابن عمار والمعتمد بن عباد؛ لأن قصتهما مثيرة وتستحق أن يكتب عنها، ولكن الظروف لم تساعد على إتمام هذا العمل وظلت الفكرة تراوده وتداعب ذهنه، وبدأ يفكر في أن يكتب كتابا عن ابن عمار، والقصة التاريخية معروفة وكتبها فعلا. وفي رأيي أن أسلوبها العربي الرصين كان سببا لأن تقرر وزارة التربية والتعليم تدريسها أوائل الستينيات على تلاميذ الشهادة الإعدادية. وكان لا يحرم في رواياته المجرم والفاسد من الضمير نهائيا، وإنما دائما يترك لهم شعاعا منه ليحاسبهم حتى وإن لم تصل إليهم يد العدالة؛ على اعتبار أن الأمل في الندم والتوبة موجود دائما.
وبعد ذلك كتب «هارب من الأيام» وهو يصور فيها شرذمة من الأشرار روعت قرية وسلبت أموال أهلها وعاثت في الأرض فسادا، وكان هدفه من هذه الرواية هو الحرية وتصوير الرعب والمناداة بالخلاص من نير الاستعباد، وكانت الحرية هي شغله الشاغل في كل كتاباته، ولما تقرر أن يتحول كتاب «لقاء هناك» إلى فيلم سينمائي والذي يتكلم عن الصراع بين المادة والإيمان وعن المصالحة بين الأديان، كان على ثروت أن يذهب إلى شيخ الأزهر «الشيخ عبد الحليم محمود» وإلى «البابا شنودة» ليوافقا على عرض الفيلم، وكانت هناك مناقشات بين شيخ الأزهر وبابا الأقباط اللذين حضرا العرض الأول للاطمئنان على سلامة التنفيذ. وقد نجح الفيلم نجاحا كبيرا، وقد عبر عن الوحدة الوطنية أجمل وأصدق تعبير.
وكانت له حاسة سياسية صادقة، وكثيرا ما تنبأ بأحداث سياسية قبل وقوعها؛ فقد تنبأ بحرب 56 في اللحظة التي أعلن فيها الرئيس جمال عبد الناصر تأميم القنال، وعمل رهانا مع توفيق بك الحكيم على ذلك وكان مستبعدا تماما للحرب، وتناقش كثيرا مع محسن أباظة السفير في ذلك الوقت وكان متأكدا من عدم نشوب حرب، وعندما بدأ العدوان الثلاثي اعترف بحاسته السياسية، وتنبأ أيضا بانهيار الاتحاد السوفييتي في مقال نشره في الأهرام سنة 1970م، ولعل نشأته في بيت كله سياسة ساعدت على تنمية هذه الحاسة فيه.
Halaman tidak diketahui