86

وقال أبرهة حانقا: ويل لهذه السماء! كأنها تتعمد إثارة غضبها الآن. لم يعد نفيل يا عدوة.

فوقف الجندي الشيخ صامتا.

وصاح أبرهة: ألم تعد إليك الطليعة التي بعثتها إلى أعلى وادي المحصب؟

وانطلقت فرقعة من الرعد فانتظر عدوة مرة أخرى حتى هدأت، ثم قال: وبعثت من بعدها أخرى.

فاندفع أبرهة ساخطا: أوقعت في كمين هؤلاء؟ إنهم يرصدون لنا في ثنايا الأودية كالفهود أو بنات آوى، ويخرجون على جنودنا كلما وجدوا فرصة، ثم يختفون في شقوق الأرض كأنهم من الحشر. أنسينا القتال يا عدوة؟

فقال الشيخ: لم ننس القتال يا مولاي، ولكنك ترى من نحارب. هم يعرفون كل صخرة وكل شق فيها، ولا يبالون أن يتواثبوا على أضراس السفوح كأنهم وعول.

فقال أبرهة في ضجر: كأنك تشيد بحمدهم. والآن يا عدوة؟

فقال عدوة: أنت تعرف رأيي يا مولاي.

فقام في وثبة وقال: نعم أعرف رأيك، أعرف أنك لا ترى ما أرى، ولا تحب ما أحب. أعرف أنك تتكهن بالشر أبدا وتريد أن تخلع قلبي.

فقال عدوة عابسا: ما سمعتك قبل اليوم يا مولاي تقول هذا. إن الغضب يحملك إلى حيث لا تريد.

Halaman tidak diketahui