246

============================================================

مسالة(9) في الزهد في الناس، وحب المنزلة والرناسة والشرف وبيان تفاوت الناس في الزهد قلت : إذا استوطنت المعرفة قلوب العارفين بترك الدنيا، هل يحتاجون إلى أن يزهدوا في غيرها؟

قال : نعم، الزهد في الناس والمنزلة والرثاسة، وفي إقامة الجاه والشرف، واختيار(1) التواضع، والفرار من حب الدنيا، ولزوم قصر الأمل، وملاك هذا الأمر: الخمول(2)، وتلبيس الظاهر(3) ، واظهار أخلاق التوسط في الإيمان ، والدخول في جملة العامة، ليستر مذهبه، ويخفي زهده، ويخفي آنه ممن يخفي فعندها يتبرم بالدنيا والحياة، وتضيق عليه الدنيا، يختار الوحدة، زهده ويتوحش من معاشرة البطالين ، ويأنس بروح موافقة الزاهدين(4) .

قلت : كيف يتفاوت الناس في الزهد؟

((1) في ا(ويختار).

(2) الخمول هو : العمل في خفاء. ودون رغبة في الشهرة ما دام المقصود بالعمل هو الله، وليس المراد به الكسل، بل المراد : خول الذكر مع بذل المجهود في العمل واتقانه .

(3) تلبس الظاهر هو : الظهور بمظهر غير الزهاد لاخفاء الزهد، كما كان عليه علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما ومنه اخذ الملامتية مذهبهم ولا يجوز أن يلبس الإنسان ظاهره بمرم كما يفمل جهال المتصوفة (4) وانظر (الوصايا الباب الثامن) وفيها يقول : (عاشروا من الناس رجلين : أحدهما يعين على البر والتقوي، والآخر يمين على شؤونك من الدنيا ، فإن جمع الله المعونة على الدين والدنيا في رجل واحد فتك به، وجانب من سواه)

Halaman 246