Waris Kerajaan Terlupakan
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
Genre-genre
في كل مرة كنت آتي فيها إلى المطار، كنت أرى لافتة تقول وداعا. كان مكتوبا عليها «الله حافظ»؛ تذكيرا بالتنازع الذي يحدث الآن على الإرث اللغوي للمستوطنين الهندو-أوروبيين القدامى في المنطقة. فقد كانت «خدا حافظ» هي العبارة القديمة لكلمة «الوداع» في باكستان، كما هي الآن في أفغانستان وإيران. ومع ذلك، يعتقد بعض المسلمين أن كلمة «خدا» المرادفة لكلمة الله في اللغة القديمة، والتي تشبه نطق مرادفتها الإنجليزية
God ، مع استخدام الخاء بدلا من الجيم، هي كلمة ليست إسلامية مقارنة بالكلمة العربية «الله». لقد رأيت في إيران كيف شدد الشعر الفارسي على الاختلاف بين الفارسية والعربية من خلال إحياء لغة ما قبل الإسلام القديمة. كانت باكستان تسير في الاتجاه المعاكس؛ متأثرة جزئيا بروابطها التجارية والسياسية مع العالم العربي، الذي يعمل به عشرات الآلاف من الباكستانيين، والذي ينظر عادة إلى إيران وكل شيء فارسي ببعض الريبة.
تعود حملة إحلال الكلمات العربية محل الكلمات الفارسية إلى زمن ضياء الحق، الديكتاتور العسكري الذي أطاح بالرئيس الباكستاني الاشتراكي الديمقراطي، ذو الفقار علي بوتو، في عام 1978. وعلى الرغم من سياسة بوتو، كان قد وضع باكستان بالفعل على طريق النهج الإسلامي المحافظ من خلال تمرير قانون ضد ازدراء الأديان، كان الكثير من ضحاياه من الأقليات الدينية. واتخذ ضياء إجراءات أكثر جدية، حيث فرض الجلد العلني عقوبة لشرب الخمر والرجم حتى الموت عقوبة للزنى. ودعمت باكستان أكثر الجماعات المتمردة وحشية في أفغانستان المجاورة في مواجهة السوفييت. وأتاح تعزيز القضايا الإسلامية هدفا موحدا أكثر وضوحا لباكستان، تلك الدولة التي تكونت في عام 1948 من تجمع مجموعة من المقاطعات معا - بما في ذلك شيترال - لا تشترك في شيء سوى الدين. وساعد أيضا التوتر المستمر مع الهند، جارة باكستان من جهة الشرق ذات الأغلبية الهندوسية، في خلق شعور بأنه كلما زادت درجة إسلاميتك، زادت وطنيتك. وخلق الفساد المتفشي شعورا بأنه لا يمكن الوثوق إلا بالمتدينين لإدارة الأمور بأمانة. ولم يتراجع خلفاء ضياء أبدا عن التغييرات التي أجراها.
عندما وصلت الطائرة التي كنت على متنها في نهاية المطاف إلى شيترال، رأيت أن أرضية الوادي كانت مسطحة وخضراء، تنتشر في أرجائها المباني عشوائيا؛ ويجري نهر عريض في اتجاه حافتها الجنوبية، وترتفع على كلا الجانبين سفوح جبال جرداء شديدة الانحدار. وفي مرحلة ما، عبرنا المنحدر الحاد الذي جاء منه ماكنير، مارا بجثث المسافرين المتوفين. وخيم ضباب خفيف على الوادي، وهو الأثر الوحيد المتبقي من سحب العاصفة الكثيفة. وقد كان هذا الوادي ولاية أميرية مستقلة، يحكمها المهاتير، عندما مر بها ماكنير وروبرتسون. توجهت إلى فندق كان يخص ابن عم المهتار الحالي. وكان جده الأكبر قد حكم الوادي في زمن روبرتسون، وفعل كل ما في وسعه لمنع روبرتسون من الوصول إلى كفار قبيلة الكام - وصل الأمر إلى رشوة أفراد قبيلة الكام لقتله - خوفا من أن يأمل البريطانيون في الاستيلاء عليها بالإضافة إلى كافرستان وشيترال. (في الواقع، ظلت شيترال ولاية أميرية، تسيطر على شئونها الداخلية، حتى استولت عليها باكستان عام 1969.)
على النقيض من ذلك، كان حفيده، شهزاده سراج الملك، متعاونا للغاية. فقد كان يعمل طيارا في الماضي، وكانت زوجته، غزالة، حاصلة على شهادة في توريد الأطعمة. وعندما لم يكونا يستضيفان الدبلوماسيين في صالونهما الأنيق في إسلام أباد، كانا يعتنيان بالصيادين، والرحالة، والكتاب في الفندق الذي كانا يديرانه معا. وبينما كنت جالسا بالقرب من مدفأة مفتوحة في قاعة الطعام، أعطاني سراج كتابا مهترئا عمره ثمانون عاما، من تأليف الكولونيل ريجينالد شومبيرج. كان شومبيرج يتحدث ست لغات، وحائزا العديد من الميداليات العسكرية، وأحد أعضاء الجمعية الجغرافية الملكية، وقد زار شيترال خلال العشرين عاما التي قضاها في استكشاف آسيا الوسطى. (في نهاية حياته كان يريد الانضمام إلى الكهنوت الكاثوليكي.) كتب هذا الكتاب «الكفار والأنهار الجليدية» أثناء أسفاره. وأظهرت الملاحظات المكتوبة بسخط على هوامش الكتاب اعتراض والد سراج مرة على ملاحظات الكتاب الفظة عن أهل شيترال. وكان شومبيرج قد توقع توقعا متشائما عن الكلاشا، القبيلة الوحيدة غير المسلمة في شيترال، على وجه الخصوص. وكتب: «عما قريب، سيقنعون - بلطف شديد، ووداعة مفرطة، ولكن بحزم - باتباع محمد وسيصبحون مسلمين سيئين بدلا من وثنيين صالحين .»
سرعان ما أتيحت لي فرصة التوصل إلى استنتاجي الخاص بشأن هذا الموضوع؛ لأنني انطلقت في اليوم التالي لرؤية أقرب واد لقبيلة الكلاشا بصحبة سراج ذاته، وسائق، ومصور باكستاني يدعى ذا الفقار كان يقيم أيضا في الفندق وكان يتوق إلى رؤية أهل الكلاشا. ونظرا إلى وجود ثلاثمائة ألف شيترالي إجمالا، منهم أربعة آلاف فقط من الكلاشا، لم أفاجأ من أن الطريق التي سلكناها كانت تصطف فيها لافتات عليها أسماء الله الحسنى: الرحيم، المجيد، المعز، المذل. وبعد نصف ساعة عبرنا نهر شيترال، الذي كنت قد رأيته يجري على الجانب الجنوبي من الوادي الرئيسي، واتجهنا نحو ممر ضيق بدت جوانبه الطينية اليابسة، المليئة بأخاديد معقدة، مثل شلال متجمد. وعلى عمق ثلاثين قدما أو نحو ذلك تحتنا، هبط أحد روافد نهر شيترال، وهو نهر الكلاشا، في قاع الممر الضيق محدثا صوتا مدويا. وكان الطريق يتجه إلى أعلى، نحو أعالي الجبال.
تأوهت نوابض سيارتنا عندما اصطدمت بسطح الطريق الصخري، وكان الممر الضيق في بعض الأماكن لا يكاد يتسع لمرور السيارة وكان على السائق التركيز للتأكد من اختيار الزاوية الدقيقة التي لن تخدش أبواب السيارة في الجرف عن يسارنا ولن توجه عجلاتها نحو حافة الهاوية عن يميننا. لقد ذهلت عندما علمت أن حافلة صغيرة كانت تقوم بهذه الرحلة بانتظام. وعلى طول الطريق، امتدت الأسلاك الكهربائية أميالا وأميالا؛ مما يدل على أنه حتى لو كانت الدولة الباكستانية ضعيفة وهشة، فإنها لا تزال قادرة على تقديم بعض الخدمات لشعبها.
تتمتع قرية جروم الواقعة في وادي رامبور الخاص بقبيلة الكلاشا بالكهرباء، لكن لا يزال يتعين عليها مواجهة البرد والثلج في معظم شهور السنة. لقد أدى فقر الكلاشا وموقعهم القصي إلى حمايتهم من الضغط لاعتناق الإسلام. صورة مأخوذة بواسطة المؤلف.
بعد مدة زاد اتساع الممر الضيق ليصبح واديا. ومررنا من حين لآخر بمنازل على جانب الطريق: في البداية كانت تلك المملوكة لعائلات مسلمة، كما استطعت أن أرى من حقيقة أن الفتيات الواقفات بالخارج كن محجبات. وبعد أن قدنا السيارة مدة ساعة أخرى أو نحو ذلك، رأيت ملابس زاهية أكثر بكثير تتدلى لتجف على أغصان الأشجار على جانب الطريق، ثم رأيت امرأة ترتدي ثوبا أسود مطرزا تطريزا معقدا بالأحمر، والأبيض، والأصفر وغطاء رأس مصنوعا من صوف متعدد الألوان، وأصداف بيضاء، وكرة خيط حمراء، بالإضافة إلى أقراط تصلصل. كنا بين أفراد قبيلة الكلاشا في وادي رامبور، أحد المواقع الثلاثة التي لا يزال من الممكن العثور عليهم فيها. كانوا في خضم الاحتفال بعيد انقلاب الشمس الشتوي. توقفت سيارتنا في قرية صغيرة تسمى جروم. كان الوادي، الذي يبلغ عرضه هنا نحو مائتي ياردة، ذا جوانب شديدة الانحدار مغطاة بالثلج وتتناثر فيه أشجار التنوب، بينما كانت حقوله بنية بلون الطين. كانت الساعة نحو الثانية بعد الظهر، لكن سرعان ما كانت الشمس ستغيب وراء قمة التل. توجهنا إلى منزل مبني على طراز الأكواخ السويسرية بصخور الأردواز وعوارض خشبية. وخرج رجل من الكلاشا يدعى عظيم بيك - وبيك هو لقب شرفي وليس اسم عائلة؛ لأن الكلاشا لا يستخدمون أسماء العائلة عموما - واستقبل سراج بتعليق العديد من أكاليل الورود زاهية الألوان حول رقبته. (كان الكثير من أفراد قبيلة الكلاشا يرتدونها للاحتفال بالعيد.) ودعانا إلى حظيرة خشبية لا تزال قيد الإنشاء، حيث وقفنا نرتجف بضع لحظات عندما هبت ريح باردة من خلال إطارات النوافذ الخالية من النوافذ. بدا أن عظيم بيك لم يلاحظ برودة الطقس. انضم إلينا طفلاه الصغيران، صبي وفتاة، وأحضرا مزيدا من أكاليل الزهور بألوان مختلفة، وقلائد من اللوز. قالا: «إيشباتا» وتعني «مرحبا» بلغة الكلاشا.
أحضر رجل كبير السن وعاء به جمرات مشتعلة لتدفئتنا وقدم لنا الشاي والنبيذ. وقال: «أضيف النبيذ إلى الشاي؛ فهو يحسن النكهة.» في القرن السابع عشر قبل أن يصل الغربيون إلى مملكتهم الجبلية، وصل نبيذ الكفار بطريقة ما إلى اليسوعي البرتغالي بينتو دي جوز ونال استحسانه. وجدته جيدا بشكل مدهش أيضا، ودعوت عظيم بيك لتجربة بعضه. مد يده للحصول عليه لكنه تراجع. وقال: «لقد نسيت أننا في منتصف العيد، وهذا البيت نجس. لا يجوز لي أن آكل أو أشرب في بيت نجس.»
Halaman tidak diketahui