Waris Kerajaan Terlupakan
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
Genre-genre
أصبح الوصي أكثر جدية عندما سألته عن فيثاغورس. هل يمكنه أن يشرح لماذا منع الفيلسوف أتباعه من أكل الفاصوليا؟ فاندهش الشيخ. وقال إن فيثاغورس لم يفعل شيئا كهذا. وأشار إلى أطباق الطعام التي أعدتها عائلته لزوارها. وقال: «أتمنى لو أنا كنا قد أعددنا لكما طبق فاصوليا؛ حتى تريا أن الدروز مسموح لهم بأكلها!» كان افتراضه الفوري هو أنني إذا كنت أسأل عما سمح به فيثاغورس وما حظره، فهذا سؤال حول العادات الدرزية أيضا . (وردت، في مجلة درزية لبنانية نشرت مقالا عن «فيثاغورس الحكيم»، قائمة بتعاليمه التي تفسرها جميعا على أنها استعارات، وهو النهج ذاته الذي يتبعه الدروز تجاه أحكام الإسلام.) •••
إن وضع الدروز اليوم كطائفة أفضل من الإيزيديين أو الزرادشتيين. فقد تمكنوا، حتى الآن، من التمسك بأرضهم واستقلالهم، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم وجود جماعة دينية واحدة تهيمن على لبنان. ونجا جنبلاط حتى الآن من الاغتيال ولا يزال ذا أهمية سياسية في لبنان؛ وفي سوريا، أدى بعدهم عن المدن الرئيسية وحجم مجتمعهم المحلي إلى حمايتهم حتى الآن من أسوأ ما في تلك الحرب الأهلية التي يشهدها البلد؛ وفي إسرائيل لديهم حرية دينية، ويخدم كثيرون منهم في الجيش الإسرائيلي. إن التهديدات كثيرة. ولبنان غير مستقر، والدماء تسيل في سوريا، وإسرائيل صادرت نسبة كبيرة من أراضي الدروز لإيواء المهاجرين اليهود في البلاد. وجهل الدروز العاديين بدينهم لا يفيدهم في الحفاظ عليه في الخارج. ومع ذلك ففي كل منطقة نجح رجال دينهم وقادتهم العلمانيون في الحفاظ على وحدة مجتمعهم الداخلي وتميزه. وبعد أن رأيت مدى خطأ كارنارفون في التقليل من قيمة الدروز، عدت من المختارة وحاصبيا عازما على ألا أفعل الفعلة ذاتها.
عندما عدت إلى بيروت، دبرت لقاء أخيرا مع أستاذ درزي في الجامعة الأمريكية في بيروت يدعى سامي مكارم. دعاني إلى شقته، وعندما وصلت، قدم لي كوبا من عصير التوت الحلو. قال: «إلهنا مختلف عن إلهكم الإبراهيمي. ففي الديانة السامية يعرف الله من خلال أعماله. لكنه عندنا حال فينا ومتعال في الوقت ذاته.» يرى الدروز الله، مثل «الواحد» في الأفلاطونية المحدثة، على أنه ثابت؛ ليس السبب في وجود الكون، لكنه سبب أسباب الكون (فالواحد يسبب العقل والروح الكونيين؛ والعقل والروح الكونيان يسببان الكون). لا يمكن وصف الله؛ ومن ثم فإن الدروز يتحدثون عنه على أنه فقط «خالق الكون»، لأنه لا يمكن استخدام أي تسمية أخرى بأي درجة من الثقة.
ووفقا لفكرة الانبثاق، يؤمن الدروز أن العالم جزء من الله مثلما الحلم جزء من الحالم. وتابع مكارم: «إن انفصال المرء عن الله والتفكير في الانعزال هو شر. فالأنا موجودة في الأفراد الذين هم بطريقة ما انبثاق من الله. والأنا موجودة بالضرورة. لكن بماذا يمكننا محاربتها؟ بالحب. الحب، وقبول أننا نعتمد على النظام الكوني.» ذكرني هذا المفهوم بكلمات القديس برنارد من كليرفو: «مثلما تفقد قطرة ماء مسكوبة في الخمر، وتأخذ لون الخمر ومذاقه؛ أو مثلما يصبح قضيب من الحديد، مسخن حتى التوهج، مثل النار نفسها، متناسيا طبيعته الخاصة؛ أو مثلما لا يبدو الهواء، المشع بأشعة الشمس، منيرا وإنما ضوء بذاته؛ كذلك تتلاشى جميع المشاعر البشرية في القديسين من خلال بعض التحول الذي لا يوصف إلى إرادة الله.»
سألت الأستاذ الجامعي، هل الدروز خلفاء للفيثاغوريين؟ ابتسم لي بحذر ولم يرد. من الواضح أنه كان قد قرر أنه لا يمكن إعطاء إجابة عن هذا السؤال لشخص غير منضم للطائفة. فقد أخبرني بما يلي: «يقول هيرميس الهرامسة، مؤسس علم الفلك، إن الكشف عن حقيقة لإنسان غير مستعد لقبولها هو ثلاث خطايا في آن واحد. فهذا سيجعله يكفر بالحقيقة، ويسيء الظن بك، ويقول إن الحقيقة هراء.» في نظر مكارم، ما الذي يمكن أن يجعل شخصا ما مستعدا لقبول الحقيقة؟ هل تؤهلني دراستي للفلسفة اليونانية؟ لا يبدو ذلك. قال مكارم: «إن التكيف مع الحقيقة يستغرق أجيالا. وهذا ما يعنيه تناسخ الأرواح. فالمعرفة الحقيقية هي تذكر.» كان فيثاغورس يعتقد أنه من خلال تذكر تجسداته السابقة يمكنه أن يحشد من الحكمة ما يفوق عمره. وبالمثل، يؤمن الدروز بأنه بما أن أرواحهم تتناسخ في مجتمع المستنيرين، فهم وحدهم من يمكنهم أن يأملوا في بلوغ الحكمة الحقيقية. وهذه حقا واحدة من أفكار فيثاغورس.
الفصل الخامس
السامريون
لا بد أن أسباط إسرائيل العشرة المفقودة هم أكثر من يعثر عليهم بين جميع المفقودين. ففي القرن التاسع، ورد أنهم في شبه الجزيرة العربية. وبعد ذلك ببضعة قرون، كانوا على ما يبدو بالقرب من الهند؛ حيث أفادت إحدى خرافات العصور الوسطى بحماس أنهم كانوا في حراسة يأجوج ومأجوج وملكة الأمازونيات وكانوا يخططون لتدمير المسيحية. حتى عندما كان الأوروبيون يستكشفون قارات جديدة، رأوا الأسباط العشرة في كل مكان، وكأنهم جيش من الأشباح. واقترح البعض أنه ربما كان هذا هو الأصل الذي أتى منه الأمريكيون الأصليون؛ وسأل توماس جيفرسون عما إذا كانوا يرغبون في العودة إلى وطنهم في جبل صهيون.
أنا نفسي وجدت الأسباط المفقودة عندما كنت أعيش في القدس، بين عامي 1998 و2001. كنت هناك لغرض مختلف تماما. بصفتي موظفا سياسيا في القنصلية العامة البريطانية في القدس، كانت مهمتي الرئيسية هي إقناع الفلسطينيين بدعم عملية السلام في الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي كنت فيه هناك، بدا من الممكن التوصل إلى اتفاق من نوع ما. لم يكن ليعطي أيا من الطرفين ما كانا يريدانه بالضبط، لكنه كان سينهي دورات التمرد والقمع التي اتسمت بها التجربة الفلسطينية، وأتاح للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء فرصة العيش في قدر أكبر من السلام والكرامة.
على الرغم من أنه ثبت لاحقا أنه كان أملا زائفا، كان يعني أنه عندما وصلت إلى القدس لأول مرة في عام 1998 كان يوجد شعور بالتفاؤل، وكان من المأمون بدرجة كافية استكشاف المنطقة الرائعة التي كنت أعيش فيها. رأيت مدن إسرائيل التي تكاد تكون إعجازية، حيث تطورت الدولة، واللغة، والاقتصاد الرائد في العقود القليلة التي تلت تأسيس إسرائيل في عام 1948، في أعقاب الهولوكوست. (في الواقع وضعت اللغة، العبرية الحديثة، بدءا من ثمانينيات القرن التاسع عشر فصاعدا، كنسخة مبسطة من العبرية التوراتية على يد عالم يدعى إليعازر بن يهودا. نشأ نجل بن يهودا على التحدث بالعبرية فقط، بناء على إصرار والده، وهي قاعدة صارمة؛ لأنها كانت تعني أنه لا يمكن لأطفال آخرين فهمه. لكن في نهاية المطاف، بالرغم من الشكوك وبعض العداء، نجح مشروع ابن يهودا واعتمدت اللغة على نطاق واسع.) رأيت، أيضا، المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل عام 1967. كان الفلسطينيون يمتلكون واحدة من أكثر الثقافات حيوية في أي شعب عربي؛ حيث ألهمتهم رغبتهم في الحرية تشكيل هوية قوية، يعبرون عنها من خلال السينما، والفن، والمسرح.
Halaman tidak diketahui