Waris Kerajaan Terlupakan
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
Genre-genre
عندئذ ردت نادية: «أظن أنه كان مثل زوجين من النعال. يمكنك وضعه على رأسك إن أردت ذلك!»
مع مرور الوقت، وجدت أن صعوبة الحفاظ على تظاهرها بالشجاعة تزداد. فقد وفر الصراع الكثير من الفرص لتفاقم التعصب الديني . أخبرتني نادية: «بدأنا نسمع عن أشخاص يتعرضون للخطف، والسرقة، والقتل ببساطة شديدة.» قصف مقر عملها، الصليب الأحمر، في أكتوبر 2003. واقترب العنف أيضا من منزلها بعد أربعة أشهر. في الثامن عشر من يناير 2004، كانت في طريقها للمساعدة في جمعية خيرية دولية في بغداد عندما سمعت دوي انفجار. لم تسمعه فحسب، بل شعرت به؛ فقد اهتزت السيارة التي كانت تستقلها من قوة الانفجار. تذكرت قائلة: «كانت السماء غائمة، وشعرت بشعور غريب بعد ذلك، كما لو أن شخصا أعرفه قد أصيب في الانفجار. لذلك اتصلت بهديل.» تعارفت نادية وهديل، وهي امرأة مسيحية، من خلال العمل معا في مطبعة في بغداد في التسعينيات. في عام 2003، عملت هديل في السفارة الأمريكية وتمكنت أيضا من العثور على زوجها المثالي؛ طبيب أسنان عراقي يعمل في الدنمارك. اشترت نادية وأصدقاؤها الآخرون لها خاتم خطوبة وضعته هديل في الإصبع ذاته الذي كانت تضع فيه الخاتم الذي قدمه لها خطيبها. «اتصلت بمنزل هديل؛ فقال شقيقها الصغير إنها ذهبت إلى العمل. اتصلت بهاتفها المحمول والهاتف المحمول الخاص بصديقة كانت تذهب للعمل معها. لم أتلق ردا. اتصلت بزميلها، وقال إنها لم تصل قط إلى العمل. عندما عدت إلى المنزل اتصلت بأسرتها. فقالوا إنها اختفت للتو. لاحقا اتصلت بي والدة هديل - كانت تعرف أنني أعمل لدى الصليب الأحمر - وقالت: «أريدك أن تجلبي أخبارا جيدة عن ابنتي.» جاءت الأخبار، لكنها لم تكن جيدة. تبين أن السيارة التي كانت تستقلها هديل كانت بها قنبلة مزروعة تحت مقعد السائق. وانفجرت وقتل السائق؛ وأصيبت سيدتان أخريان في السيارة. لكن لم ترد أي أخبار عن هديل. أخذت نادية يوم إجازة من العمل وتجولت في المستشفيات بحثا عنها. لم تعثر على شيء. ولم تسمع أي أخبار إلا في وقت لاحق. قال المستشفى إنه من الصعب التعرف على الجثة. فقد كانت مصابة بحروق شديدة. والشيئان الوحيدان اللذان لم يتعرضا للاحتراق كانا خاتمين على إحدى أصابعها.
مضت عائلة هديل قدما في إقامة حفل الزفاف على أي حال وغنوا الأناشيد الاحتفالية التقليدية وزغردوا. لكنهم فعلوا ذلك بعد أن دفنوا العروس. «وقالوا: هذا ليس الزفاف الذي أردناه.» لم أستطع تحمل رؤيتهم مرة أخرى. لقد كانت مضيعة غير مجدية للحياة. أظن أن الناس يجب أن يكونوا على دراية بهذه القصص قبل أن يذهبوا إلى الحرب.» شغل الموت فكر نادية وجعلها ترغب في الرحيل. «فكرت في أنني لا أريد أن أقتل مثل صديقتي. لا أريد أن أحطم قلب والدي.»
لم تصنف نادية نفسها مطلقا من خلال دينها. قالت لي: «أرى نفسي أولا إنسانة، وثانيا عراقية، وثالثا فقط مندائية.» لكن النزعة الإنسانية والوطنية لم تساعداها في عراق ما بعد الحرب، حيث برز المزيد من الولاءات المتأصلة. لم يكن الدين هو الشيء الوحيد الذي يعرضها للخطر: وكذلك قدرتها على التحدث باللغة الإنجليزية، وحقيقة أنها لم تكن ترتدي الحجاب ولا تنتمي إلى قبيلة. قالت: «أدركت قوة القبائل. ونحن، المندائيين، ليس لدينا قبيلة.» في الماضي، استخدم المندائيون التكتيك العريق المتمثل في إلحاق أنفسهم بقبيلة ليس بوصفهم أعضاء ولكن بوصفهم تابعين، «ملحقين». وستوافق القبيلة على حمايتهم، لكن بما أنهم بقوا خارج القبيلة، لم يكن عليهم قبول دينها. في الأهوال المروعة في العراق بعد عام 2003، كان لعائلة نادية قبيلة تحميها، لكن، كما قالت: «لا توفر لتابعيها القدر نفسه من الحماية الذي توفره لأفرادها». تعرض المندائيون للخطف، وتغيير الدين قسرا، والقتل. وبين عامي 2003 و2011، وثقت جماعة حقوق الإنسان المندائية 175 جريمة قتل و271 حالة اختطاف. وفي عام 2004، أفادت الجماعة أن خمسا وثلاثين عائلة مندائية تعيش في الفلوجة أجبرت على اعتناق الإسلام.
ركبت نادية طائرة تغادر بغداد في الثامن عشر من مارس 2004. ولأول مرة ختمت أوراق هويتها؛ حيث لم يكن لديها جواز سفر ولم تكن قد ركبت طائرة من قبل. كان والداها قلقين عليها: إذا عاشت في الخارج بمفردها، فلن يتزوجها أي رجل بعد ذلك، هذا ما قلقا بشأنه. وجدت لندن مكلفة جدا لدرجة أنها اضطرت إلى رهن مجوهراتها لدفع الإيجار، وأذهلتها «الثقافة الأكثر اعتدالا». افتقدت العراق وبحثت بحنين عن عطر زهر البرتقال. وعندما كانت تذهب مع صديقاتها إلى حفلات موسيقية عراقية، كان اليهود العراقيون الذين كانوا قد غادروا بغداد قبل أربعين عاما يطرحون عليها أسئلة راغبين في سماع آخر الأخبار عن أماكنهم المفضلة هناك.
وعلى الرغم من الحنين، تخلت عن أفكار العودة إلى الوطن. وقالت: «أحب المكان هناك، لكنني لا أستطيع أن أعيش فيه.» لم تكن آخر مندائي يغادر. فبعد عامين من رحيلها، هرب رئيس الكهنة الشيخ ستار إلى أستراليا. وبحلول وقت كتابة هذه السطور، كان أكثر من تسعين بالمائة من المندائيين في العراق قد هاجروا أو قتلوا. ولا يمكن للمرء أن يجد مجتمعاتهم باقية على حالها إلا في جنوب إيران. اعتقدت نادية أن رحيل المندائيين كان خسارة للعراق. «كنا رمانة الميزان، التي تحافظ على تماسك المجتمع العراقي. وعندما غادر المندائيون والأقليات الأخرى، اختلت الموازين.» وبعد ما رأيناه أنا ونادية باسترجاع تاريخ المندائيين، يمكننا الاتفاق على أنه بمغادرتهم، سقطت بابل حقا.
الفصل الثاني
الإيزيديون
في أي يوم عند الفجر، عند النظر إلى أعلى، صوب مبنى سكني بشارع بإحدى المدن الكندية، يمكن للمرء أن يرى نافذة مضاءة: حيث يصلي ميرزا إسماعيل كما يصلي وقت الظهيرة وعند الغروب. لا يجوز لأي شخص دخيل أن يشهد صلاته، وبما أنه لا يوجد عضو آخر في مجتمعه يعيش بالقرب منه، فإنه يؤديها بمفرده. في كل مرة يتجهز بعناية. يغسل يديه ووجهه ويضع حزاما خاصا يسمى «بيشتيك» حول القميص الأبيض الذي يرتديه دائما. ثم يسجد للشمس ويبدأ في الصلاة بالكرمانجية، لغة قومه، لإله مجهول. وتقول الصلاة: «لا إله إلا الله، والشمس نور الله.» إنه يصلي أن يمنح الله العالم السلام.
ميرزا رجل عراقي معسول الكلام، لديه شارب رمادي مشذب بعناية، ولأنه يصلي في أوقات منتظمة خلال النهار، غالبا ما يفترض زملاؤه ومعارفه خطأ أنه مسلم. لكنه إيزيدي، يتبع ديانة باطنية لها أوجه تشابه ظاهرية مع الإسلام، لكنها مختلفة جدا عنه. وعلى الرغم من أنه غالبا ما ينظر إلى قومه على أنهم أكراد ويتحدثون اللغة نفسها (الكرمانجية) مثل جيرانهم الأكراد ، فإنه يصر على أنهم شعب منفصل. يطلق عليهم أحيانا الإيزيديون، ويبلغ عددهم مئات الآلاف في شمال العراق وفي أجزاء من سوريا، وجورجيا، وأرمينيا، وشمال غرب إيران. يؤمن الإيزيديون بتناسخ الأرواح، ويقدمون الثيران قرابين، ويوقرون ملاكا يتخذ شكل طاووس. وتحظر عليهم تقاليدهم أكل الخس أو ارتداء ملابس زرقاء؛ ويجب أن يربي الرجال شاربهم، على الرغم من أن القليل منهم يطلقون اللحية. إنهم أيضا ضحايا افتراء قديم؛ تهمة أنهم يعبدون الشيطان. وكانوا ضحايا ثاني أخطر هجوم إرهابي في التاريخ.
Halaman tidak diketahui