ثم قال: وهذه الأقوال على ترتيبها هذا في القوة وهو محتمل لتقوية الأول والأخير هو الظاهر لأنه لا مقتضى لصرف اللفظ عن ظاهره لأن العلماء فهموا في ذلك مزية عظيمة لتلك البقعة على ما حققناه في الأصل وذلك هو الذي صححه ابن الحاج في مدخله والله أعلم.
ومن ذلك أمر انخفاض مصلى الإمام وهو مصلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتفاع مصلى المأمومين عنه في هذه الأعصر الأخيرة بسبب تكاثر الرمل المفروش به الروضة الشريفة وترخيم المصلى المذكور وجعله شبه حوض أو حصير مدرج.
قال ابن فرحون والمجد الشيرازي: وما زال العلماء والأئمة يخرجون من ذلك من أيام القاضي السراج فمن بعده كانت ترفع تلك الحضرة حتى تزول الكراهة إلى أيام الشرف الأميوطي فأراد إزالة الخشب المنقوش أمام المصلى لما فيه من الزخرفة الملهية للمصلي، وطمس الحفرة أو رفعها فقام عليه الناس واستعانوا عليه بالأشرف فكف وانتقل إلى المحراب وصار يصلي إلى الأسطوانة التي تقابل أسطوانة الوفود أي من مقدم الروضة إلى جانب درابزين الحجرة إلى أن مات وصار من الفقهاء من يدفع الكراهة بما يحصل من القرب إلى مقامه صلى الله عليه وسلم وموضع قدمه ويقول: في هذا من الفضل ما يوازي ما في من ذلك من النقص وهذه والله أعلم نزعة صوفية لا علمية ولا عملية، وما أقرب هذا القول إلى قلوب العامة وضعفة الفقهاء والخير كله في اتباعه صلى الله عليه وسلم، وقد كان هو وأصحابه في المواقف سواء فمن خالف سنته بالهوى فقد غوى بل التمادي على المكروهات والبدع والموضوعات يعظمها ويصيرها كبائر، فمن قدر على التغيير والإزالة ولم يفعل يخاف عليه أن عمله لا يقبل، وأن الله تعالى عن ذلك منه يسأل، وهذا حسن يتعين العمل به.
Halaman 169