وَهَذِه الْجُمْلَة خبر قَوْله سُكُوته وَهِي بَيَان لحكم التَّقْرِير الْمَذْكُور وَأَنه إِبَاحَة الْفِعْل وَالْقَوْل الَّذِي سكت ﷺ عَلَيْهِمَا ومرادهم بِالْإِبَاحَةِ مَا يَسْتَوِي مَعهَا الطرفان وَقد أورد عَلَيْهِ أَن غَايَة مَا أَفَادَهُ السُّكُوت وَرفع الْحَرج عَمَّا سكت عَلَيْهِ فَمن أَيْن الدّلَالَة على الْجَزْم بِالْإِبَاحَةِ الْمُقْتَضِيَة لِاسْتِوَاء الطَّرفَيْنِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ المورد أَن هَذَا السُّكُوت يكون كالفعل الَّذِي جهل فِيهِ قصد الْقرْبَة وَقد منع الْمُحَقِّقُونَ دلَالَته على الْإِبَاحَة كَمَا عرفت بل قَالُوا يدل على الْجَوَاز وَقيل بِالْوَقْفِ وكل هَذَا فِيمَا لم يسْبق لَهُ تَحْرِيم عَقْلِي أَو شَرْعِي أما لَو كَانَ قد سبق لَهُ تَحْرِيم فالسكوت نَاسخ أَو مُخَصص وَقد قيل إِن من ذَلِك سُكُوته على لبس الزبير الْحَرِير لِلْعِلَّةِ وَهَذَا مِثَال وَإِلَّا فَإِنَّهُ قد عرف أَنه قد ثَبت الْإِذْن مِنْهُ ﷺ بالْقَوْل لإباحة لبس الزبير الْحَرِير
مَسْأَلَة فِي عدم تعَارض أَفعاله ﷺ ... وَلم تعَارض أبدا أَفعاله ...
جزم أَئِمَّة الْأُصُول بِأَن أَفعاله ﷺ لَا تتعارض إِذْ حَقِيقَة التَّعَارُض بَين الشَّيْئَيْنِ تقابلهما وَحَيْثُ يمْنَع كل وَاحِد مِنْهُمَا مُقْتَضى الآخر وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر بَين فعلين بِحَيْثُ يمْنَع كل وَاحِد مِنْهُمَا مُقْتَضى الآخر لِأَنَّهُمَا إِن لم يتناقض حكمهمَا كصلاتين فِي وَقْتَيْنِ فَلَا تعَارض وَإِن تناقضا كَصَوْم يَوْم وإفطار ذَلِك الْيَوْم بِعَيْنِه فَكَذَلِك أَيْضا لجَوَاز أَن يكون الْفِعْل وَاجِبا فِي وَقت وَفِي الْوَقْت الآخر بِخِلَافِهِ من غير أَن يكون مُبْطلًا لحكم الْفِعْل الأول