طبل حزب الشَّيْطَان، وتسترعي سمع الْأمة مهما كَانَت فِي رقاد عميق، وتقودها إِلَى النشاط وَإِن كَانَت فِي فتور مستحكم عَتيق، على أَن مَحْض انْعِقَاد جمعيتنا هَذِه لمن أعظم تِلْكَ الْمُبَشِّرَات، خُصُوصا إِذا وفقها الله تَعَالَى بعنايته لتأسيس جمعية قانونية منتظمة، لِأَن الجمعيات المنتظمة يتسنى لَهَا الثَّبَات على مشروعها عمرا طَويلا يَفِي بِمَا لَا يَفِي بِهِ عمر الْوَاحِد الْفَرد، وَتَأْتِي بأعمالها كلهَا بعزائم صَادِقَة لَا يُفْسِدهَا التَّرَدُّد؛ وَهَذَا هُوَ سر مَا ورد فِي الْأَثر من أَن يَد الله مَعَ الْجَمَاعَة، وَهَذَا هُوَ سر كَون الجمعيات تقوم بالعظائم وَتَأْتِي بالعجائب، وَهَذَا هُوَ سر نشأة الْأُمَم الغربية، وَهَذَا هُوَ سر النجاح فِي كل الْأَعْمَال المهمة، لِأَن سنة الله فِي خلقه أَن كل أَمر كليا كَانَ أَو جزئيًا لَا يحصل إِلَّا بِقُوَّة وزمان متناسبين مَعَ أهميته، وان كل أَمر يحصل بِقُوَّة قَليلَة فِي زمَان طَوِيل يكون احكم وارسخ وأطول عمرا مِمَّا إِذا حصل بمزيد قُوَّة فِي زمَان قصير.
وكلنَا يعلم أَن مَسْأَلَتنَا اعظم من أَن يَفِي بهَا عمر إِنْسَان يَنْقَطِع، أَو مَسْلَك سُلْطَان لَا يطرد، أَو قُوَّة عصبية حضرية حمقاء تَفُور سَرِيعا وتغور سَرِيعا.
وَإِذا تفكرنا أَن مبدأ أعظم الْأَعْدَاد اثْنَان فَذَلِك مبدأ الجمعيات شخصان ثمَّ تتزايد حَتَّى تكمل، وتتقلب أشكالًا حَتَّى ترسخ؛ فعلى
1 / 17