Warisan dan Pembaharuan: Pendirian Kami Terhadap Warisan Lama
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
Genre-genre
16
والذي يقود العصر الآن هو يمين البرجوازية لا يسارها أي البرجوازية التي ورثت الإقطاع القديم، وترفع الشعارات، وتتستر وراءها من أجل الحصول على مكاسب خاصة بطبقتها متمثلة ثقافة وطنية تفسرها لمصلحتها الخاصة، ودون تبني أي ثقافة خارجية، بل تتهم كل ثقافة خارجية تهدد مكاسبها الطبقية بالأفكار المستوردة الهدامة، ويمين البرجوازية هو الجناح الخائن من الطبقة المتوسطة، ولا يقل خيانة عن الجناح العميل المباشر، أما طليعة الطبقة المتوسطة التي تنتسب نفسيا ونضاليا إلى الطبقة العاملة فإن بإمكانها أن تقوم بعملها النظري في «التراث والتجديد» وأن تناضل بالفعل، وأن تجند الجماهير، وأن تمارس السياسة يوميا من أجل تحقيق أيديولوجيتها، النظر والعمل واجهتان لشيء واحد ويمكن القيام بالمهمتين معصا، ولو استعصت الممارسة في وقت ما، فعلى الأقل يتم البناء النظري من خلال التراث والتجديد، وهو الوقت الذي تحتكر فيه السلطة في البلاد النامية العمل السياسي، وتجعل من ممارسة الشعب له ضربا من الخيانة والخروج على نظام الدولة.
17 (3-2) مخاوف من النتائج
وبالإضافة إلى هذه الشبهات توجد أيضا عدة مخاوف من بعض النتائج التي قد يحدثها «التراث والتجديد» مما تجعل الناس يتحرزون منه منذ البداية، والكف عما لا تحمد عقباه مدعاة للأمان، وهي في الحقيقة مخاوف وهمية لا حقيقة لها، بالإضافة إلى أنها ستنتج ضرورة بتطور الحضارة الطبيعي عاجلا أو آجلا، والأفضل أن تنتج عن عملية حضارية واعية لا عن نفضة ادعائية، وضجة مفتعلة، وصخب لا ينتج عنه شيء. (1)
فإن قيل: إن «التراث والتجديد» سيؤدي لا محالة إلى الإلحاد لأنه يعني إعطاء الأولوية للواقع على الفكر، وإعطاء التاريخ الصدارة على الوحي، والقضاء على استقلال العقائد كموضوعات لها صدقها الداخلي النظري بصرف النظر عن صلتها بالواقع العملي، قلنا: إن مقولتي الإلحاد والإيمان مقولتان نظريتان لا تعبران عن شيء واقعي لأن ما يظنه البعض على أنه إلحاد قد يكون هو جوهر الإيمان، وما يظنه البعض الآخر على أنه إيمان قد يكون هو الإلحاد بعينه، بالإضافة إلى أن مقولات الإلحاد والعلمانية التي نشأت في حضارات أخرى ورفضها تراثنا القديم وبعض الحركات الإصلاحية الحديثة هي في صميمها التجديد الذي هو مضمون تراثنا القديم، فمعنى الإلحاد في الحضارة الغربية يعني الإيمان في تراثنا القديم، ويكفي أن نعلم: (أ)
ليس للعقائد صدق داخلي في ذاته، بل صدقها هو مدى أثرها في الحياة العملية وتغييرها للواقع، فالعقائد هي موجهات للسلوك، وبواعث عليه لا أكثر، وليس لها أي مقابل مادي في العالم الخارجي كحوادث تاريخية أو أشخاص أو مؤسسات إلا من الواقع العريض الذي هو حامل للمعاني وميدان للفعل، فالإلحاد بهذا المعنى رغبة في بيان الأثر العملي للأفكار ورد فعل على الإيمان المتحجر المكتفي بذاته الذي يكفي المؤمنين شر القتال. (ب)
ليس المقصود من الوحي إثبات موجود مطلق غني لا يحتاج إلى الغير، بل المقصود منه تطوير الواقع في اللحظة التاريخية التي نمر بها، والتي تحتاج إلى من يساعدها على التطور، وإذا كان التراث القديم قد غرق في مثل هذا الإثبات فلأن هذا الإثبات كان موضعا للشك أو للهجوم من الحضارات المجاورة، ولم تكن هناك حاجة إلى التطور لأن المجتمع كان متطورا ومنتصرا لا يهاجم في الأرض والثروات - كما هو الحال حاليا - بل في الفكر والتصورات، وهو أيضا موضوع هجوم حالي، فلا نحن أنشأنا فكر المقاومة ونظريات التحرر، ولا نحن عبرنا عن الأصالة، وقلبنا الآية، وبينا حدود الثقافة الغربية، وأخذنا منها موقفا نقديا شاملا، فالإلحاد بهذا المعنى تطابق مع الواقع، ووعي بالحاضر، ودرء للأخطار، ومرونة في الفكر، وفضح لشتى ألوان الاستعمار والسيطرة على كل المستويات، ويسعد الغرب اتهام كل محاولة للتوعية الثقافية وللمواقف الحضارية المستنيرة بالإلحاد لأنه يبغي المحافظة على الإيمان القديم، ويزايد على أهل الدار، فذاك يسهل عليه ما يريد، ويحقق له أهدافه في السيطرة. (ج)
ليس المقصود من الوحي هو التحول النظري والإعلان باللسان، فالإيمان بناء نفسي للفرد وبناء اجتماعي للواقع، والحكم على شخص أو على واقع بالإيمان هو حكم مضمون وليس حكم صورة صوتية أو مرئية، وهي مسألة عرض لها تراثنا القديم، وساد الإيمان بالقول على الإيمان بالعمل، ومن ثم يكون الإلحاد بهذا المعنى هو تحول للاختيار القديم من القول إلى العمل، ومن النظر إلى السلوك، ومن الفكر إلى الواقع، واختيار الطريق الصعب، طريق الشهادة، وترك طريق الادعاء والمنصب والمزايدة، يكون الإلحاد هو انتقال من الصورة إلى المضمون، ومن الشكل إلى الجوهر. (د)
نظرا لطول الألفة للمعاني الشائعة للإيمان فإن كل ما يخرج عليه يوصف بالإلحاد، وهذا غير صحيح، فمنذ متى كانت المعاني الشائعة أساسا للمعاني المضبوطة ويحكم العرف استعمال اللغة؟ إن مهمة المفكر الواعي هو هذا التمييز بين المعاني الأصلية والمعاني العرفية، وإلا تركنا اللغة يتحكم فيها العرف، ويضيع الفكر، وتتوقف عملية التطور الحضاري، لطالما تضيع المعاني بكثرة الاستعمال، حتى تتحول إلى المعاني المضادة ومن ثم تفقد الألفاظ قدرتها على التعبير، وتكون حينئذ مسئولية المفكر العودة إلى المعاني الأصلية، فالإلحاد هو المعنى الأصلي للإيمان لا المعنى المضاد، والإيمان هو المعنى الذي توارده العرف حتى أصبح بعيدا للغاية عن المعنى الأصلي، إن لم يكن فقدا له. (ه)
نظرا لخروجنا حديثا من المجتمع الإقطاعي، ووجودنا في مجتمع برجوازي فإن تصورنا بإيمان يخضع لتصور المجتمع الإقطاعي القديم والبرجوازي الجديد، وهو أن الإيمان هو الحفاظ على الموروث، والإبقاء على الوضع الراهن، والدفاع عن التقليد، وحماية مصالح الطبقة ، ونظرا لضياع الدولة الإسلامية ينشأ التعويض في التطرح بالبياض أو التلحف بالسواد، ونظرا لغياب الممارسة ترتفع مكبرات الصوت في الآذان، وتكثر البرامج الدينية في أجهزة الإعلام جنبا إلى جنب بجوار فن الإثارة والجنس، وهكذا يكون الإيمان تغطية وتعمية عن شيء آخر مخالف لمضمون الإيمان، ويكون الإلحاد هو كشف القناع، وفضح النفاق، وتعرية الواقع، وعود إلى المعنى الأصلي، ورفض للتواطؤ، وقبول للشهادة. (و)
Halaman tidak diketahui