Warisan dan Pembaharuan: Pendirian Kami Terhadap Warisan Lama
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
Genre-genre
لا يعني «التراث والتجديد» القيام بحركة إصلاح كما كان موجودا لدينا في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، مجرد تغيير في معاني الأشياء مثل أن تكون الصلاة بهذا الشكل وليس بذلك النحو، أي مجرد تغيير نظري دون التنظيم الفعلي لهذا التغيير أو تغيير دون قيامه على تغيير نظري مواكب، «التراث والتجديد» يهدف إلى تكوين حركة جماهيرية شعبية وإلى حزب ثوري يكون هو المحقق للثقافة الوطنية الموجهة لسلوك الجماهير، كما يهدف إلى تغيير الأطر النظرية الموروثة طبقا لحاجات العصر ابتداء من «علم أصول الدين» الذي يعطي الجماهير الأسس النظرية العامة التي تحدد تصوراتنا للكون، وابتداء من إعادة بناء الأصول تتغير أشكال الفروع بطبيعتها، الانتقال مثلا من العقل إلى الطبيعة، ومن الروح إلى المادة، ومن الله إلى العالم، ومن النفس إلى البدن، ومن وحدة العقيدة إلى وحدة السلوك،
13
لقد كانت معظم الحركات الإصلاحية القديمة حركات سلفية تحافظ على القديم أكثر مما تبغي من تحليل الواقع، فقد كان الواقع جزءا من القديم لأننا جميعا مسلمون، كانت الحركات الإصلاحية القديمة دفاعا عن القديم ضد الجديد الممثل في النظريات الجذرية للتغير سواء في الفكر مثل التيارات العلمية والمادية أو في الواقع مثل النظم الاشتراكية، واتهامها بالإلحاد والشيوع. «التراث والتجديد» يود تطوير الفكر الإصلاحي القديم ودفعه خطوة أخرى نحو الإصلاح، والانتقال به من الإصلاح إلى النهضة، ومن إعادة التفسير إلى تأسيس العلم، ومن الإصلاح النسبي إلى التغيير الجذري. «التراث والتجديد» دفاع عن واقع الناس العريض، ومصلحة المسلمين، وليس دفاعا عن الماضي، بل دفاع عن المستقبل باسم الماضي، وتهيئة العيش للخلف باسم السلف، ومع ذلك، فالإشارات إلى الفكر الإصلاحي مستمرة لا من أجل الاعتماد عليها، وأخذ البراهين منها بل لتطويرها واعتبارها آخر ما وصل إليه المعاصرون من تجديد. إن «التراث والتجديد» هو الوريث لحركات الإصلاح الديني الحديثة التي بدأت منذ أكثر من قرن من الزمان، وهي العملية التي تصب فيها كل محاولات التغيير الجذري للقديم إما على مستوى الفكر أو مستوى الواقع، وهي التي تضم في باطنها كل محاولات الفهم الجزئية لجوانب مختارة من القديم، وهي التي تعود إلى الأساس، إلى نشأة العلوم الدينية العقلية ذاتها، وإعادة بنائها من المنبع وإذا كان التجديد في تراثنا القديم، على الأقل في علوم الحكمة وفي بعض حركاتنا الإصلاحية الحديثة، إذا كان التجديد قد تم باسم العقل أو باسم الشرع فإن التجديد الحالي يتم باسم الواقع ومن أجل التغيير، لم يكن الواقع غريبا على التراث القديم لأن أصول التراث نفسه - وهو الوحي - مبنية على الواقع، وتغيرت وتكيفت طبقا له، وأصول التشريع كلها تعقيل للواقع وتنظير له، ولكن الواقع القديم تخطته الشريعة، وجاوزه التشريع إلى واقع أكثر تقدما في حين أن واقعنا الحالي الذي يقام التجديد عليه لم يتخطه أي تشريع بعد، وتظل كل التشريعات أقل مما يحتاجه، ويظل هو متطلبا لأكثر مما تعطيه التشريعات، التجديد إذن تطوير للواقع أساسا، وهو ذاته تطوير للتشريع، وهو أيضا نظرية في العقل لأنه يحلل الواقع أساسا، وينتهي إلى مكونات بديهية له وأنظمة واضحة يجد فيها الواقع مطلبه، فالبداية هي الرؤية المباشرة للواقع التي تدرك بالوجدان ثم تصديق العقل لحدث الوجدان ثم تصديق الشرع على الاثنين معا. (6)
لا يعني «التراث والتجديد» أية نزعة توفيقية بين القديم والجديد لأن التوفيق بهذا المعنى عمل غير علمي يخضع لمزاج شخصي للباحث أو لاختيار مسبق للفيلسوف أو يقوم على هوى يقضي على موضوعية القديم والجديد على السواء، وهو الطرف الثالث الذي يتم التوفيق بناء عليه، فعندما وفق الفارابي بين أفلاطون وأرسطو خضع لمزاجه الشخصي واختياره الفلسفي المسبق وهو مزاجه الإشراقي وتصوره الهرمي للعالم، ولكن يعني «التراث والتجديد» إعادة بناء علوم الغايات بكل الوسائل التي يتيحها العصر، وهي وسائل بيئية خالصة ناتجة عن ثقافتنا المعاصرة، وحاجات العصر، فإذا كان التوفيق يتعامل مع شيئين هما موضوعا التوفيق، كان «التراث والتجديد» يتعامل مع شيء واحد وهو التراث القديم، وإن عرض هذا التراث على حاجات العصر لا يعني توفيقا بين الاثنين وأخذ جزء من هذا مرة وجزء من ذاك مرة أخرى، بل يعني أن مطالب العصر هي أساس التفسير فلا توجد علاقة تساوي بين طرفين، ولكن توجد علاقة أساس بمؤسس، أي أنها ليست علاقة أفقية يوضع فيها الطرفان على نفس المستوى بل هي علاقة رأسية توضع فيها حاجات العصر كأساس تحتي ثم التراث كمؤسس فوقي، وغالبا ما يكون التوفيق في صف طرف على حساب الطرف الآخر فقد كان توفيق الفارابي لحساب أفلاطون، وأصبح أرسطو أفلاطونيا، وكان توفيق إخوان الصفا بين الفلسفة العقلية والفلسفة الإشراقية لحساب الفلسفة الإشراقية، أما «التراث والتجديد» فإنه يأخذ التراث على أنه أصل لأنه هو الواقع النفسي للجماهير ثم يقاس التجديد عليه وهي التفسيرات المحتملة له أو أخذ التجديد على أنه أصل، وهي متطلبات الواقع ثم يقاس التراث عليه، وهو الأساس النظري لفهم الواقع، إن التوفيق القديم بمعنى أخذ حضارتين، كل منهما في يد، قضاء على مهمة «التراث والتجديد» الأساسية وهي اتحادهما معا من أجل تطوير الواقع أو وجودهما في طرف ثالث وهو الواقع المراد تغييره. كان الواقع في التوفيق القديم هو الواقع الفكري في حين أن الواقع في عملية «التراث والتجديد» الحالية هو الواقع الاجتماعي بمعناه العريض الذي يعبر عنه في مصلحة المسلمين. كان التوفيق القديم عملية حضارية من أجل تمثيل الحضارات الغازية في حين أن «التراث والتجديد» عملية اجتماعية من أجل تغيير الأوضاع القائمة. (7)
لا يدل «التراث والتجديد» على أي أثر خارجي من بيئة ثقافية أجنبية، وإلا وقع ضمن محاولات التجديد الحالية القائمة على العقلنة من الخارج،
14
ولكنه يعني إعادة بناء للتراث من داخله بما أتيح للباحث من وسائل عصرية، مناهج أو تصورات أو لغة، وهي مشاعة عند المثقف العادي لا تنتسب إلى بيئة ثقافية دون غيرها، ولقد اتهم فلاسفة المسلمين من قبل في كل محاولاتهم لتجديد الفكر الديني بالأثر الخارجي تحت خدعة الألفاظ المستعملة وتشابهها مع ألفاظ الثقافة العصرية.
ودعوى الأثر الخارجي لا تنطبق إلا على الفكر المنقول، وفي هذه الحالة لا يكون أثرا خارجيا بل يكون فكرا منقولا قلبا وقالبا، شكلا وموضوعا حتى ولو ظهر في ثوب الثقافة الوطنية من أجل حسن القبول، كزينة شرقية على واردات غربية، أما الأثر الخارجي فتهمة تلقى على كل فكر أصيل يطور القديم وينحو نحو العصر من أجل تفريغ القديم من كل محتوى تقدمي له ووضعه في إطار الموروث المتخلف عن العصر الذي لا يحتوي على أي عنصر من عناصر تطوره من داخله ومن أجل إثبات أن التطور لا يأتي إلا بفضل قوالب أو مناهج أو تصورات من ثقافة مغايرة هي الثقافة الغربية التي تحوي من داخلها على كل مقومات التطور والمعاصرة، فالأثر الخارجي كتهمة تشير إلى عقلية غربية ممركزة على الذات، تجعل نفسها الأصل وغيرها الفرع، وتنظر إلى ذاتها باعتبارها حاملة التقدم لغيرها المتخلف، وهي عقلية تصل إلى حد العنصرية الثقافية والقبلية الحضارية، والتي تقوم في أساسها على عنصرية وقبلية عرقية تظهر على مستوى الثقافة والتقاء الحضارات تسقط ذاتها على الآخرين، فلأنها كانت بفعل أثر خارجي - يوناني روماني عربي - فإنها تظن أن أية محاولة للتجديد لا بد وأن تكون خاضعة لنفس النمط ويكون هذه المرة، يونانيا رومانيا هنديا فارسيا في القديم أو غربيا في الحديث.
15 (8)
ولا يعني «التراث والتجديد» أخيرا محاولة تقوم بها الطبقة البرجوازية أو من ينتمي إليها والتي تشغل نفسها بالثقافة دون الواقع بعد أن اطمأنت لكفايتها المادية منه والتي تشغل نفسها بالنظر دون الممارسة العملية بعد أن جعلت نفسها ممثلة لثقافة الجماعة والحريصة على حقها، وذلك لأن العمل الثقافي جزء من بناء الواقع وفهم له، وهو ليس عملا للبرجوازية حتى ولو كانت وطنية، بل هو عملية لطليعة الطبقة العاملة؛ لأنه إعادة لتفسيرات التاريخ من وجهة نظرها وبناء على متطلباتها، والمثقفون جزء من الطبقة العاملة فالعمل هو الممارسة العامة لكل فعل يهدف إلى تغيير الواقع، ومهما يكن من شيء فنحن مثقفي هذا العصر ما زلنا ننتسب إلى الطبقة المتوسطة، ولكنها طبقة وطنية تنتسب إليها ببنائها النفسي وتكوينها الثقافي ولكن اختيارها من الطبقة العاملة، وما زال أمامها دور لم تؤده بعد،
Halaman tidak diketahui