ويحك يا أبا جعفر ما قصة لك في رغيف؟ قال: ما أعرف لي قصة فيه. قال لتصدقني فإنه خير لك. قال: نعم، إن أمي كانت امرأة صالحة، وعودتني منذ يوم ولدت أن تجعل تحت رأسي عند نومي في كل ليلة رغيفًا فيه رطل، فإذا كان الصباح تصدقت به، فأنا أفعل ذلك إلى هذه الغاية. فقال ابن الفرات: ما سمعت بأعجب من هذه الحال. اعلم أنني من أقبح الناس رأيًا فيك، وأشدهم انحرافًا عنك، لأمور أوجبت ذاك، منها ومنها؛ وعدد بعضها. وكنت مفكرًا منذ أيام في القبض عليك ومصادرتك. فإذا أويت إلى فراشي في منامي كأنني قد استدعيتك لأقبض عليك فتمتنع علي وتحاربني، وأتقدم بمحاربتك، فتخرج إلى من قد أمرته بمحاربتك وبيدك رغيف كالترس تدفع به السهام فلا تصيبك، وأنتبه، وإذ قد أخبرتني بأمر هذا الرغيف فأُشهد الله تعالى أنني قد وهبت كل ما في نفسي عليك، وعدت لك إلى أجمل نية، وأحسن طوية. فاسكن وانبسط. فأكب أبو جعفر على يديه ورجليه يقبلهما. وحدث أبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي، في أيام عطلته وكبر سنه ولزومه بيته، قال: عرضت على أبي الحسن بن الفرات رقعةً في حاجة لي، فقرأها ثم وضعها بين يديه ولم يوقع فيها، فأخذتها وقمت وأنا أقول متمثلًا من حيث يسمع:
وإذا طلبت إلى كريم حاجةً ... فأبى فلا تعقد عليه بحاجب
1 / 74