نازوك المكاره بالمحسن حتى تدود بدنه ولم يبق فيه فضل لضرب. وضرب ابن الفرات ثلاث دفعات بالقلوس فلم يعط شيئًا، ولا صح للمحسن في مدة حياته أكثر من سبعة آلاف دينار منها خمسة آلاف أقر بها الحسن بن شبيب العتي تبرعًا، وواجه المحسن بأمرها فأنكر أن يكون له وقال: هذا مال اجتمع من الوقف الذي كان والدي أسنده إلي وترك عند ابن شبيب لينضاف إليه غيره ويفرق في أهله. ومنها ألف دينار اجتمعت من ثمن فرش وثياب صحاح ومقطوعة كانت مودعة عند بعض التجار بسوق العطش. وأقرت بها دنانير ورهبان جاريتا زوجة المحسن، فإنهما كانتا ممن قبض عليهما وضربهما ابن بعد شر ضربًا مبرحًا فلم تقرا بغير ذلك. واستبطأ المقتدر بالله أبا القاسم الخاقاني وقال له: أين أموال ابن الفرات وابنه التي ضمنتها لي؟ فقال: لم أترك تدبير أمرهما، ولما رأيا أن قد سلما إلى أصحاب السيوف وعدل بهما عن الكتاب خافا القتل وضنا بأموالهما. وقال نازوك: قد بلغت في مكاره القوم إلى الغاية، وللمحسن أيام لم يطعم فيها طعامًا، وإنما يشرب الماء شربًا قليلًا، وهو في أكثر أوقاته مغشي عليه. فقال المقتدر بالله: إذا كان الأمر على ذلك فليحملا إلى داري. فقال مؤنس والجماعة: الأمر لمولانا. وقال الخاقاني: قد وفق الله رأي أمير المؤمنين. وخرجوا من بين يديه. فقال الخاقاني لهم: ما قال أمير المؤمنين ذلك إلا وقد واصل أسباب ابن الفرات مكاتبته بأنه متى حمل وابنه إلى داره ورفها وأمنا على نفوسهما أديا مالًا كثيرًا. ولعلهم قد بذلوا عنهما ألف ألف دينار وأكثر. وأشار بأن يجتمع القواد ويتحالفوا على أنه متى نقل ابن الفرات وابنه إلى دار الخليفة
1 / 69