من غد وهو يوم الاثنين إلى دار المقتدر بالله، ووصلا إليه وخاطباه بما أراداه ووليا للانصراف، فعاد المحسن وحده وقال للمقتدر بالله: قد عرفت يا أمير المؤمنين ضيق المال وكثرة النفقات، وها هنا وجوه ثلاثمائة ألف دينار تصح في مدة قريبة، فإن أذنت في استخراجها استخرجت. فقال: قد أذنت لك. وخرج فلحق أباه. فلما أرادا الخروج من الصحن التسعيني أقعدهما نصر الحاجب في مجلس بالقرب، وراسل الغلمان الحجية المقتدر بالله في القبض عليهما على لسان مفلح الأسود، فدخل وأدى إليه ذلك. ثم قال له: إن في صرف الوزير بقول هذه الطائفة خطأً في التدبير وإطماعًا للغلمان. فأمره بأن يخرج ويقول لنصر حتى يصرفه، ويقول للغلمان: إننا نفعل فيما راسلتمونا به ما يجري الأمر فيه على محابكم. فلم يقدم مفلح على الخروج إلى نصر بهذا الجواب ووقف عند الستر وقال: ينصرف الوزير. فتكلم الغلمان كلامًا كثيرًا حتى أنفذ إليه مفلح من وعدهم عن الخليفة بلوغ مرادهم، فحينئذ أذن نصر للوزير في الانصراف. فذكر بعض من كان معهما أنهما لم يزالا يمشيان في الممرات مشيًا سريعًا حتى نزلا إلى طيارهما، وقدما إلى دار الوزير وصعدا. وسار المحسن أباه سرًا طويلًا. ثم خرج ومضى إلى داره فجلس فيها ساعة حتى نظر في أمره واستتر. وجلس ابن الفرات ينظر في الأعمال وبين يديه جماعة من كتابه. ثم قام إلى دور حرمه فأكل عندهم. وخرج وقت العصر فتشاغل بالوقوف على ما ورد، وأمر ونهى على رسمه من غير أن يبين فيه خوف أو زوال عن العادة، وبات
1 / 59