وبعد: حمدا لله إليه على ما أنعم به وأولى، وسؤاله[أن يصلي] لنبيه المصطفى، ووليه علي المرتضى، وأمته فاطمة الزهراء، وصفوته الحسن والحسين، إمامي الهدى، وهؤلاء[هم الأئمة] الذين أورثهم الكتاب والحكمة، واختصهم بالكرامة والعصمة، ومنح الأئمة منهم الرأفة والرحمة، صلواته وبركاته وترحماته وتحياته وسلامه الذي يرفع لهم به الدرجات في دار السلام، ويؤتيهم به الوسائل في أرفع مقام وأعلى سنام، فإنه كما أن شيمة أهل البيت النبوي، والمنصب المصطفوي، والنسب الشريف الفاطمي العلوي، ما خصهم الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ حدود الله والدعاء إلى سبيل الله، والجهاد لمن حاد الله ورسوله ولذلك صدقهم ما وعدهم من اظهار دينهم الذي هو دينه، وعلو كلمتهم التي هي كلمته، فلم تزل رايات الحق بهم في أقاصي البلاد وأدانيها سابقة، وسيوفهم الماضية في كل زمان ومكان بين الحق والباطل فارقة ، كما بلغكم جدد الله سعيكم من ظهور دعوة الله وله الحمد، ودعوة أهل بيت رسوله في هذه الديار، وبلغنا كذلك ظهورها على أيديكم في تلك النواحي والأقطار، فإن من شيمتهم -صلوات الله وسلامه عليهم- ما هو من خلق جدهم- صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الكرام- وصفته التي وصف بها في التوراة والإنجيل والقرآن، وأدبه الله بها في قوله:{فاعف عنهم واصفح } . وقوله:{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} . ولا سيما بعدما من الله به من القدرة وتفضل به من التأييد والنصرة، وإن تعفوا أقرب للتقوى، وهو من شكر نعمة الله عز وجل على ما أولى وبلغ من الرجوى.
Halaman 177